رئيس التحرير
عصام كامل

شهداء رفح تركوا خلفهم مشاريع زواج وأُسرًا بلا عائل.. والدة محمد: توسلت إليه كي لا يذهب فقال "خليها على الله".. وأم إبراهيم أخفوا عنها الخبر المشئوم

جانب من الأحداث -
جانب من الأحداث - صورة أرشيفية

ما بين مجند كان يستعد لخطبته أو الزواج، وآخر كان يستعد للبحث عن فرصة عمل يعول بها أسرة ليس لها عائل سواه، تفرقت قصص عدة من جنود الجيش المصري الـ 25 الذين قُتلوا في هجوم مسلح على سياراتهم في شمال سيناء قبل أيام.


وفي جولة في محافظة المنوفية، التي ينتمي لها 21 من الجنود القتلى، تحدث عدد من أهالي ومعارف القتلى عن صفاتهم وأوضاعهم الاجتماعية وما كانوا يروونه لهم عن الوضع الأمني في سيناء التي تشهد هجمات متواصلة على أهداف عسكرية وأمنية في الأسابيع الأخيرة.

وأمام منزل الجندي "محمد على"، 21 عاما، يجلس فوق حصير بلاستيكي العشرات من أهالي قرية فيشا الكبرى بمركز منوف، يواسون بعضهم في وفاته.

وتقول والدته: "كنا نسمع أخبارا متكررة من وقت لآخر عن مقتل جنود أو ضباط في سيناء على يد مجهولين، في آخر مرة رأيته توسلت له ألا يذهب، لكنه رفض قائلا: خليها على الله يا أمي، أنا قضيت عامين هناك ولم يحدث لي مكروه، هل سيتم قتلى وأنا سأحضر شهادة نهاية الخدمة؟!".

وسقط 25 جنديا قتلى في 19 من الشهر الجاري خلال هجوم شنه مسلحون على سيارة كانت تقلهما لاستلام شهادة إتمام الخدمة العسكرية، تمهيدا لعودتهم إلى محافظاتهم، وبدء حياتهم العملية.

يقول والد الجندي "عمر شبل": إن نجله عاش ومات ضاحكًا خفيف الظل، أنهى دراسته وحصل على شهادة الدبلوم (تعليم متوسط)، قبل أن يلتحق بالخدمة العسكرية لمدة عامين، ويؤديها في محافظة شمال سيناء.

أحد أقارب الجندي أحمد عبد المعطي، يصفه بأنه "إنسان خلوق، وشاب ناجح، طالما حلم بأن يبني مستقبلا باهرا، وكان من المرجح أن يحتفل بخطبته قريبا".

أما أسرة الجندي إبراهيم عبد الناصر، فقد أخفت خبر مقتله عن والدته المسنة، فهو العائل الوحيد للأسرة، وله أخ مريض، كما أكدت إحدى قريباته قائلة: "إبراهيم كان يعمل في مجال النجارة، وحتى الآن لم نخبر والدته بمصيره، هي لن تتحمل، ولا نعرف من سينفق عليها وعلى أخيه بعد مقتله".

ويقول محمد عوض الله، أحد أصدقائه: "إبراهيم كان يعمل في العديد من الأعمال لتوفير لقمة العيش".

وداخل عزبة شماعة في مركز أشمون لم يتكلم والد المجند معوض حسن سوى ببعض الكلمات التي تطالب بالقصاص لابنه، فيما قال أحد الجيران إن معوض، 21 عاما، متزوج ولديه طفل، وأبوه يعمل أعمالا متقطعة كعامل في الأراضي الزراعية ليعول الأسرة المكونة من 6 أفراد.

وكان الجندي محمود زكريا يستعد للزواج في عيد الأضحى المقبل، كما تقول شقيقته الأرملة، والتي أشارت أيضا إلى أنه العائل الوحيد لأسرته.

وروت والدة الجندي محمد محمود من قرية كفر المنشي بالمنوفية جزءًا مما كان يرويه لها عن الوضع الأمني في سيناء، قائلة: "كل مرة محمد بيسافر فيها كان يقول لي إن الجنود يتعرضون لإطلاق النيران عليهم من مسلحين، ولا أعلم إن كنت سأعود مرة أخرى أم لا.. غير أني لم أكن أتخيل أنه بالفعل لن يعود".

وكانت سيناء تشهد أعمال عنف على فترات متباعدة من جماعات مسلحة ضد أهداف عسكرية وأمنية في العامين الماضيين، غير أنها تسارعت عقب عزل الجيش بالتشاور مع قوى سياسية ودينية للرئيس محمد مرسي في 3 يوليو الماضي، وسقط في ذلك عشرات القتلى وعشرات الجرحى، معظهم من أفراد الجيش والشرطة.

ونادرا ما تعلن جهة مسئوليتها عن هذه الأعمال، كما لا تكشف الجهات الأمنية أسماء جماعات أو أشخاص محددين قاموا بها.
الجريدة الرسمية