رئيس التحرير
عصام كامل

القوى الناعمة عبر بوابات الإسلام السياسي.. منابر دعائية تخدم الفكر الدموي للجماعة.. وقصائد إسلامية تحث على الجهاد لنيل الفردوس الأعلى.. وتهميش للثقافة الحقيقية

الرئيس المعزول محمد
الرئيس المعزول محمد مرسي

الثقافة لا تبتعد عن الواقع والحياة السياسية والاجتماعية، فهناك مساحات كبيرة تتلاقي فيها الثقافة والسياسية بشكل مباشر، فالمثقف جزء من المجتمع يفرح لأفراحه ويتألم لآلامه، لكن المشكلة الحقيقية تبدأ عندما تتحول الثقافة إلى منبرٍ لدعايةٍ سياسيةٍ، يستغلها جميع الأطراف لتحقيق أغراض ليست ثقافية في الأساس، بدلًا من أن تكون منبرًا للتنوير والتثقيف الشعبي، وهذا ما يحدث الآن بالفعل في الصراع الدائر ما بين جماعة الإخوان الإرهابية والثورة المصرية.

"مذابح الحمام"!
"مذابح الحمام" هذا هو عنوان آخر القصائد المنشورة على بوابة الحرية والعدالة، القصيدة تصف أنصار الرئيس المعزول بالحمام الذي ترك أغصان الوطن لأنه غير قادر على الحفاظ عليه وصيانته، لذا لم يجد أمامه سوى الهجرة إلى الجنة بعد أن قُتل بالغاز والرصاص، إلا أن الموقع لم ينشر قصيدة واحدة ترصد أعمال العنف والإرهاب، من جانب الجماعة وباقي التيارات الإسلامية الموالية لها، هذه واحدة.

أما الثانية، أنك حتى وإن تتبعت الصفحات القديمة في الموقع لن تجد ما يمكن أن يوصف بالقصيدة الغزلية أو قصيدة الرثاء أو غيرها من القصائد البعيدة عن السياسة، فليس المهم هنا أن تكون القصيدة جيدة أو لا المهم أن تعبر القصيدة عن وجهة نظر الجماعة فقط.

لا يقف الأمر عند القصائد المنشورة فقط، بل يصل أيضًا إلى الأخبار الثقافية، فالموقع لا ينشر إلا الندوات والفاعليات التي ينظمها أفراد أو مؤسسات تابعة لتياره واتجاهه الفكري أو من هم يعبرون عن وجهة نظره في قضية من القضايا.

والغريب في الأمر أن الموقع لا ينشر حتى أخبار الندوات والفاعليات العادية، التي ليس لها أي علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد.

الكتابة أيضًا لم تسلم من الأمر، فهناك عرضا لكتاب واحد موجود على الموقع وهو "الردة عن الحرية" للكاتب العراقي "محمد أحمد الراشد"، الكتاب يتحدث عن ما حدث في مصر، ويرصد سبع أيادي لعبت أدوارا رئيسة فيما يسميه بـ"انقلاب مصر"، وعددا من أوجه المنح الربانية التي خرجت من أتون تلك المحنة، كما يضع بعض الملامح الدعوية المهمة التي يجب أن يلتفت إليها الدعاة والمصلحون في مواجهة تلك الأزمة، على حد وصف الموقع.

أما إذا نظرنا على موقع الجماعة الإسلامية، فيكفي أن نقول أن الموقع يضم بابين أحدهما للأدب والآخر للفن، إلا أنك بمجرد فتح باب الفن يظهر لك باب الأدب من جديد، فلما إذن وضع الموقع بابًا للفن من الأساس؟!

أصبحت الثقافة إذن أكثر تهميشًا من ذي قبل، ففي الماضي لم يكن هناك أي اهتمام بها لأسباب عدة، أما الآن تحولت إلى مجرد خادمة مطيعة للسياسية.
الجريدة الرسمية