سفير مصر بباريس: المصريون لن يستسلموا لقوى الظلام
أكد السفير محمد مصطفى كمال سفير مصر بباريس اليوم الأربعاء أن المصريين لن يستسلموا أبدا لقوى الظلام التي تحاول عرقلة مسيرتهم نحو المستقبل.
جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده السفير المصري اليوم لشرح حقيقة ما يحدث في مصر منذ الثلاثين من يونيو الماضي أمام وسائل الإعلام المصرية والعربية والفرنسية والعالمية وذلك بمقر سفارة مصر بباريس.
وقال السفير محمد مصطفى كمال أن مصر تمر حاليا باختبار صعب ولكن المصريين لن يستسلموا أبدا وهم متوحدون اليوم أكثر من أي وقت مضى لمواجهة هذا الاختبار.. مشيرا إلى أن مصر تمر اليوم بأزمة ولكنها ستخرج منها أكثر قوة وأكثر وحدة بفضل عزيمة شعبها وصلابة مؤسساتها وبدعم أصدقائها.
وأضاف أن مصر تولد من جديد وإنها على موعد مع التاريخ..داعيا أصدقاء مصر إلى ألا يكونوا "على الجانب الخاطئ من التاريخ" وأن يدعموا الشعب المصري في معركته من أجل الحرية والكرامة والعدالة.
وقال أنه كسفير لمصر يتعين عليه نقل رسالة لوسائل الإعلام العالمية تتعلق بخيبة أمل الغالبية العظمى من الشعب المصري بسبب التغطية المجتزئة والغير موضوعية من جانب الإعلام الدولي للأحداث الجارية في مصر..مشددا على أن المصريين شعروا بالإحباط لتصوير ثورتهم الشعبية من جانب بعض وسائل الإعلام على أنها "انقلاب" وأيضا تجاهل تلك الوسائل بطريقة غير مفهومة للاعتداءات الإرهابية التي تستهدف أبناء الشعب بطريقة يومية.
واستعرض السفير محمد مصطفى كمال ما شهدته مصر منذ الثلاثين من شهر يونيو الماضي من أكبر حشد شعبي في تاريخ البلاد من قبل جميع طوائف الشعب بمختلف انتماءاته الثقافية والاجتماعية للتعبير عن إرادة التغيير وللتأكيد على أهداف ثورة 25 يناير التي نادت بالعيش والحرية والكرامة والعدالة..مضيفا أن هذا اليوم يوافق انطلاق الموجة الثانية من ثورة 25 يناير 2011
وأشار السفير المصري إلى خروج عشرات الملايين من المصريين يومي 3 و26 يوليو الماضي أكد مجددا على إرادة الشعب والتأكيد على رفضه القاطع للفاشية الدينية ومحاولات تغيير هويته..معربا عن أسفه من أن البعض حاول أن يغذي نقاشا بيزنطيا حول عزل الرئيس السابق عن السلطة وما إذا كان الأمر يتعلق بثورة أم بانقلاب ولكن بفضل إرادة الشعب وتمسكه بأن يكون سيد قراره هذا النقاش تحول إلى غير ذي جدوى أو أساس.
خريطة الطريق:
وذكر أن دعم المجتمع الدولي لخريطة الطريق التي أعلن عنها في الثالث من يوليو فرغت هذا النقاش من محتواه..موضحا أن الرئيس السابق ونظامه ارتكبوا أخطاء كبيرة خلال عام من حكمهم حيث انتهكوا المبادئ الأساسية لسيادة القانون والفصل بين السلطات وعملوا على بسط سلطتهم واحتكار المؤسسات لاسيما مع تمرير الدستور بالقوة، ذلك بخلاف سوء إدارة الوضع الاقتصادي والأمني في البلاد مما أشعل غضب ملايين المصريين والذي قابله تعنت من جانب الرئيس السابق وجماعته السياسية.
وأوضح أن المصريين نزلوا إلى الشارع في حشد شعبي للتعبير عن إرادتهم ورفض سوء استغلال السلطة والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة..مشيرا إلى أن هذا التأزم السياسي دفع القوات المسلحة المصرية إلى الاستجابة لإرادة الشعب ومساندته وإخراج مصر من أزمتها.
واستعرض السفير المصري بعض النقاط الرئيسية في خارطة الطريق (خارطة المستقبل) والتي تم بموجبها تسليم السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا (المستشار عدلي منصور) ليصبح رئيسا انتقاليا للبلاد حتى انعقاد الانتخابات الرئاسية الجديدة وذلك وفقا للمبادئ الدستورية الراسخة في عدد من البلاد ومن بينها مصر.
وأضاف أن الخطوة الأولى من خارطة الطريق انتهت بالفعل حيث أعلنت الرئاسة المصرية أمس انتهاء أعمال لجنة الخبراء القانونيين المكلفين بإعداد التعديلات اللازمة للدستور.
وفيما يتعلق بالمصالحة الوطنية..أشار السفير إلى أن السلطات شكلت لجنة للحوار الوطني مفتوحة أمام الجميع دون إقصاء، ولكن هناك البعض رفض المشاركة بها..مشيرا إلى أن تلك اللجنة تواصل أعمالها من أجل إقناعهم بتغليب الحوار على المواجهة وتغليب مصالح الوطن على المصالح الحزبية.
وأكد أن السلطات المصرية تلتزم بتطبيق كافة الخطوات التي نصت عليها خارطة الطريق لاسيما فيما يخص المصالحة الوطنية وتبقى السلطات على قناعة بأن الحوار الجامع لكافة الفصائل وتيارات المجتمع المصري يعد السبيل الوحيد لتحقيق المصالحة التي ستسمح للبلاد بالتقدم.
وأوضح أن المصريين لن يقبلوا أبدا بالحوار مع من تلطخت أيديهم بالدماء وأن العدالة هي التي ستقرر مصير هؤلاء.
واستعرض سفير مصر بفرنسا أيضا الأحداث الإجرامية والإرهابية التي شهدتها البلاد عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالإضافة إلى العمليات الإرهابية التي تشهدها سيناء ولاسيما الاعتداء الغاشم الذي ارتكبه جهاديون يتحالفون مع جماعةالإخوان المسلمين الذي أسفر عن مقتل 25 جنديا من عناصر الشرطة أمس الأول برفح.
وقال أنه وللآسف فإن البعض يريد عرقلة المصريين من التقدم صوب المستقبل ولكنني على قناعة من أن هؤلاء سيخسرون رهانهم..مشددا على أن الدولة المصرية مصممة وقادرة على تخطي التحدي الأمني الذي تفرضه بعض الجماعات الإجرامية التي تسعى من أجل إرهاب المصريين وخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد من خلال أعمال العنف التي لم تستثن دور العبادة أو المستشفيات أو المدارس والممتلكات العامة والخاصة.
وشدد السفير على أنه وفى مواجهة هذه الأفعال الإجرامية، ليس بوسع دولة تحترم شعبها وواجباتها تجاه هذا الشعب ألا تتحرك..مؤكدا من جديد أن الدولة المصرية مصممة على وضع نهاية للعنف واستعادة الأمن في إطار من القانون واحترام حقوق الإنسان.
وأكد سفير مصر بباريس أنه لايمكن لا سياسيا ولا أخلاقيا معاملة دولة مسئولة عن استعادة النظام والأمن على قدم المساواة مع جماعات مسلحة تقوم بترهيب المواطنين والعمل على خلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد..مشددا على أنه من غير الممكن أيضا دعوة الطرفين إلى وقف العنف وحل الخلافات السياسية عبر الحوار إذ أنه لا توجد مقارنة بين الخلافات السياسية والأعمال الإرهابية.
وأضاف السفير محمد مصطفى كمال أن عدم إدانة بأشد العبارات تلك العمليات الإرهابية يعنى تشجيعها، كما يوفر لها غطاء سياسيا..بالإضافة إلى أن صمت الإعلام والضغوط التي يمارسها بعض اللاعبين الدوليين توفر أيضا هذا الغطاء.
وردا على سؤال حول الاجتماع المنعقد في هذه الأثناء ببروكسل بشأن الأزمة المصرية..أكد السفير أن العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوربي هي علاقات تاريخية استغرقت أربعة عقود لتوطيدها حتى وصلت إلى مستواها الحالي وأنها تقوم على الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وأنها تخدم مصالح الطرفين.
وأضاف أن الاتحاد الأوربي يمكنه أن يقوم بعمله ومراجعاته واتخاذ قراراته ولكن الأمر واضح من جانبنا أن الشعب المصري لا يقبل أن يستخدم الأصدقاء علاقات التعاون لمحاولة التدخل في الشأن المصري أو الضغط على الإرادة الوطنية للشعب المصري.
سجناء سياسيون:
أكد السفير أنه لا يوجد في مصر سجناء سياسيون ولكن سجناء تم احتجازهم في قضايا قانونية وأنه على المؤسسات القانونية ذات الكفاءة أن تتخذ قراراتها في هذا الشأن.
وفيما يتعلق بالإفراج المحتمل عن الرئيس الأسبق حسني مبارك..قال السفير محمد مصطفى كمال أن مبارك محتجز لعدة قضايا وأن القرار الذي اتخذته المحكمة اليومين الماضيين يتعلق بأحد هذه القضايا..مشيرا إلى أن مبارك أصبح مواطنا عاديا يواجه العديد من القضايا التي تنظرها العدالة وأنه لا أحد يتدخل في عمل القضاء المصري.
ومن ناحية أخرى..أكد السفير أن السلطات المصرية ستشكل لجنة لتوثيق الأحداث التي شهدتها مصر منذ الثلاثين من يونيو الماضي.
وشدد على أنه لا يوجد انقسام في مصر..مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من الشعب المصري يتمسكون بإرادة التغيير التي عبروا عنها منذ الثلاثين من يونيو وستبقى تلك الغالبية مساندة للموجة الثانية من ثورة يناير.
وتابع "حتى وإن كان هناك بعض من المؤيدين للإخوان المسلمين، فإن الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الإخوان على مدى الأيام الماضية وخلال عام من حكمهم أدت إلى إضعاف أعداد المؤيدين لهم"..داعيا في نهاية المؤتمر الصحفي الإعلاميين ووسائل إعلامهم إلى النظر إلى حقيقة ما يحدث في مصر.
وكان المؤتمر الصحفي قد بدأ بدعوة السفير للحضور بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح الجنود ال25 الذين قتلوا أمس الأول برفح، كما تم عرض لقطات من الانتهاكات والأعمال التخريبية والإرهابية التي شهدتها البلاد وتم توزيع نسخة من ال"سى دى" الذي يحتوى على المادة الفيلمية على الصحفيين.