رئيس التحرير
عصام كامل

دائرة النحس المركب


لم ينج الطقس من نحسهم، ولم تعرف مصر على مدى التاريخ موجة برد مثل تلك التى رأيناها فى عهدهم التعس، وتنافس هبوط الجنيه المصرى مع هبوط درجة الحرارة، وعز علينا النوم، وكدنا نتجمد عندما هبطت درجة الحرارة ليلا إلى أربع درجات مئوية، وهبط معها الجنيه المصرى الذى دخل دائرة نحسهم المركب، تلك الدائرة التى ضمت تعطل المصانع وانحسار الأمن، وتوقف السياحة وتراجع الدخل القومى.



لكننا نعترف بأن الأمر لم يقتصر على الهبوط، فقد شهدنا زيادات وارتفاعات يلزمنا الصدق أن نشير إليها...

لقد تصاعد الدين المحلى والدين الخارجى، مع استمرار طلب مساعدات وقروض من دول الخليج.. بالإضافة إلى قرض البنك الدولى الذى كانوا يحرمونه ويجرمون قبوله باعتباره عملا ربويا، ثم عادوا فأباحوه، وقال قائل منهم: إنه ضرورة ويجوز إباحته لأن الضرورات تبيح المحظورات!!!.

وتستمر حركة الزيادات لتمتد إلى العجز فى الموازنة مع ارتفاع نسبة التضخم بصورة لم نعرفها على مدى قرن من الزمان، كما ازدادت أسعار الكهرباء لتواكب موجة البرد القارس، حتى لا يفكر أحد فى الاستعانة بالمدافئ أو أن يدير أجهزة التكييف على الموجة الساخنة إذا كان من القادرين والمدللين، ونحن لسنا منهم.

وارتفعت ضريبة المبيعات وارتفعت معها أسعار السلع، الضرورية وغير الضرورية، والعجيب أن ارتفاع الأسعار واكبه تقليل وزن السلع المعبأة ومنها السكر والمكرونة والعدس والأرز، ليقل الشىء ويزداد سعره.

وارتفع سعر الوقود وازدادت معه أجور المواصلات وتكلفة النقل، مما انعكس على أسعار الفاكهة التى يتعامل معها أبناء الطبقة المتوسطة، وارتفعت أسعار الخضراوات التى يتعاطاها الفقراء وأصحاب العيال.

ونال النحس أسواق الدواء فبدأت أنواع مختلفة من الأدوية تختفى من الصيدليات؛ لتحل محلها أدوية بديلة بأسعار مرتفعة مع الادعاء بأن أسعار الأدوية لم ترتفع، وهذا حق، فجميع الأدوية التى لم ترتفع أسعارها اختفت وحلت محلها أدوية بديلة بأسعار جديدة.

وقد بدأ الإعداد لسيناريو مشابه ينال من رغيف الخبز ضمن مشروع إنتاج رغيف محسَّن بسعر أعلى، وادعاء الإبقاء على الرغيف المدعوم دون زيادة فى السعر، وبالفعل لن يرتفع سعر الرغيف المدعوم لكنه سيختفى،على طريقة الأدوية المسعرة، ليحل محله الرغيف الآخر مع تسميته بالمحسَّن، من باب الدلع.

ومع كل هذا النحس الذى نالنا ونال عيالنا؛ تتوالى الإضرابات والوقفات الاحتجاجية ليستمر التراجع فى الإنتاج ومعه تقلص التصدير، وعدم وجود اعتمادات لاستيراد ما يجب استيراده.

وأتمنى أن يجتهد شيوخهم وأصحاب اللحى الطويلة، باختلاف أشكالها وأحجامها، فى ابتكار علاج لهذا النحس الذى أحاط بنا من كل جانب فى هذا العهد المنحوس، الذى امتد إلى كل جوانب الحياة، حتى الطقس لم ينج من نحسهم.

ونسأل الله السلامة العافية..

الجريدة الرسمية