حدث في 30 رمضان سنة 43 هـ، وفاة عمرو بن العاص بعد حكم مصر 8 سنوات

في مساء يوم الثلاثين من رمضان، ليلة عيد الفطر، سنة 43 هـ، 663م، توفي عمرو بن العاص عن عمر يناهز 94 سنة.
ولما حضرته الوفاة قال له ابنه: يا أبتاه، إنك كنت تقول: يا ليتني كنت ألقى رجلًا عاقلًا لبيبًا عند نزول الموت حتى يصف لي ما يجد، وأنت ذلك الرجل، فصف لي ما تجد.
فقال: يا بني، والله كأنَّ جنبي في تخت، وكأني أتنفس من سم إبرة، وكأنَّ غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي.
صحبته لرسول الله
وروى مسلم من حديث ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: حضرنا عمرو بنَ العاصِ وهو فِي سِيَاقَةِ الموت فَبكى طَوِيلا وَحوَّلَ وجهه إِلَى الجِدارِ فَجعلَ ابنه يَقول: يا أبتاه أَما بَشَّرَكَ رسول اللَّه، صلَّى اللَّه عَلَيه وسلَّم بِكذا؟! أَمَا بَشَّركَ رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وسلَّمَ بِكَذا؟! قَال: فَأَقْبل بِوجهِهِ فَقَال: إِنَّ أَفضَلَ مَا نُعِدُّ شهادةُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَن محَمَّدًا رسول اللَّهِ، إِني كنتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاث، لَقَد رَأَيْتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، مِنِّي وَلَا أَحَبَّ إِلَيَّ أَن أَكُونَ قَد استَمكَنتُ مِنهُ فَقَتَلتُهُ فَلَو مُتُّ عَلَى تِلْكَ الحالِ لَكنتُ مِن أَهل النار فَلَما جعل اللَّه الإِسلَام فِي قَلبِي أَتيتُ النبِيَّ، صلَّى اللَّه علَيهِ وسلَّم، فَقلتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأبَايِعكَ، فَبَسطَ يَمِينَه، قَال: فَقَبَضتُ يَدِي، قَالَ: ما لَكَ يَا عمْرُو؟! قَالَ: قُلتُ: أَردتُ أَن أَشتَرِطَ قَالَ تَشتَرِطُ بِماذا؟! قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَال: أَمَا علِمتَ أَن الإِسلَامَ يهدِمُ ما كَانَ قَبلَه وأَنَّ الْهِجرَةَ تَهدِمُ مَا كَانَ قَبلِهَا، وَأَنَّ الحجَّ يَهدِم ما كَانَ قَبلَه، وما كانَ أَحدٌ أَحبَّ إِلَيَّ مِن رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَجَلَّ فِي عينِي منه وَمَا كنتُ أُطِيقُ أَن أَملأ عَينَيَّ مِنهُ إِجلَالًا لَهُ، وَلَو سُئِلتُ أَن أَصفَه مَا أَطَقتُ لِأَنِّي لَم أَكُن أَملأُ عَينَيَّ مِنه، وَلَو مُتُّ عَلَى تِلكَ الحالِ لَرجوتُ أَن أَكونَ مِن أَهلِ الجَنَّةِ، ثمَّ وَلِينا أَشيَاء مَا أَدرِي مَا حالِي فِيهَا فَإِذَا أَنا مُتُّ فَلَا تَصحَبنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ فَإِذا دَفَنتمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّراب شَنًّا (أُهيلوا عليَّ التراب)، ثُمَّ أَقِيموا حَولَ قَبرِي قَدر ما تُنحَرُ جَزُورٌ، ويُقسمُ لَحمُهَا حتى أَستَأنِس بِكُم وَأَنظر ماذا أُراجِعُ بِهِ رسل ربِّي.
نسبه وصفته
وعمرو بن العاص السهمي القرشي الكناني، كان قصير القامة، قوي البنية، وكان خطيبا بليغا، وكان من دهاة العرب.
أرسلته قريش إلى الحبشة ليطلب من النجاشي تسليمه المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة وإعادتهم إلى مكة، فلم يستجب له النجاشي.
دخل الإسلام في السنة الثامنة للهجرة بعد فشل قريش في غزوة الأحزاب، وقدم إلى المدينة المنورة مع خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة مسلمين.
عقب إسلامه، أرسله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليفرق جمعا يريدون غزو المدينة، فسار عمرو على سرية "ذات السلاسل" في ثلاثمائة مقاتل، ولكن الأعداء كانوا أكثر عددا، فأمده رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بمائتين من المهاجرين والأنصار برئاسة أبي عبيدة بن الجراح وفيهم أبو بكر وعمر.
وأصر عمرو أن يبقى رئيسا على الجميع فقبل أبو عبيدة، وكتب الله النصر للمسلمين.
في خلافة أبي بكر
بعد انتقال سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، إلى بارئه، قام أبو بكر بتوليته أميرا على واحد من الجيوش الأربعة التي اتجهت إلى بلاد الشام لفتحها، فانطلق عمرو إلى فلسطين على رأس 3 آلاف جندي، ثم وصله مدد فأصبح عدد جيشه 7 آلاف.
وشارك في معركة اليرموك مع باقي الجيوش الإسلامية، عقب وصول خالد بن الوليد من العراق بعد أن تغلب على جيوش الفرس.
وبناء على اقتراح خالد بن الوليد تم توحيد الجيوش معا على أن يتولى كل قائد قيادة الجيش يوما، وبالفعل تمكنت الجيوش المسلمة من هزيمة الروم في معركة اليرموك تحت قيادة خالد بن الوليد.
وانتقل بعد ذلك عمرو ليكمل مهامه في مدن فلسطين ففتح منها: غزة، سبسطية، ونابلس ويبني وعمواس وبيت جيرين ويافا ورفح.
في عهد عمر
وعندما تولى عمر بن الخطاب الخلافة، فاتحه عمرو في أمر فتح مصر أكثر من مرة، حتى وافق عمر. فانطلق بجيش من 4 آلاف رجل وعبر بهم من فلسطين إلى العريش، ومر ببئر المساعيد حتى انتهى إلى الفرما، وهي ميناء صغير على البحر، وواجه هناك حامية رومية.
انتصر المسلمون بعد قتال شديد، ثم واصلوا السير إلى داخل مصر حتى وصلوا إلى بلبيس في مارس 640 م، الموافق ربيع أول 19هـ.
وفي بلبيس واجه المسلمون جيش الروم وانتصر المسلمون بعد قتال دام شهرا، واستولوا على بلبيس ثم تقدموا إلى حصن بابليون.
وكان الحصن شديد المنعة فيه حامية رومية كبيرة، فارسل عمرو يطلب مددًا من عمر بن الخطاب، فأرسل له أربعة آلاف رجل وعلى رأسهم أربعة من كبار الصحابة، هم: الزبير بن العوام ومسلمة بن مخلد وعبادة بن الصامت والمقداد بن الأسود.
استطاع عمرو ترتيب صفوفه واتجه لملاقاة جيش الروم الذي كان يقدر بـ20 ألف جندي.
والتقى الجيشان في موقعة عين شمس، عام 640م/ 19هـ، وحقق عمرو انتصارًا كبيرًا، وفر من بقي من جيش الروم إلى داخل حصن بابليون.
وتوجه عمرو بن العاص بجيشه إلى حصن بابليون وحاصره 7 شهور متواصلة، فأرسل المقوقس إلى عمرو يعرض عليه مبلغًا من المال نظير عودة المسلمين لبلادهم، ولكنه رفض، قائلا: ليس بيننا وبينكم إلا ثلاث خصال: الإسلام أو الجزية أو القتال.
سقوط حصن بابليون
نصح المقوقس الحامية الرومانية بالتسليم والصلح، ولكن الحامية رفضت، كما رفض الإمبراطور الروماني هرقل، فتجدد القتال، وشدد المسلمون الحصار على الحصن.
وفي أبريل 641م، نجح الزبير بن العوام في تسلق سور الحصن ومعه نفر من جند المسلمين وكبروا، فظن الروم أن العرب اقتحموا الحصن فتركوا أبواب الحصن وهربوا إلى الداخل، ففتح المسلمون باب الحصن، واستسلم الروم، وطلبوا الصلح فأجابهم عمرو بن العاص سنة 641م / 20هـ.
بعد سقوط حصن بابليون فقد الروم معظم مواقعهم في مصر، ولكن استمرت عاصمتهم المزدهرة الأسكندرية في أيديهم.
ورأى عمرو أن مصر لن تسلم من غارات الروم طالما بقيت الأسكندرية في حوزتهم، فاتجه بجيشه إلى الأسكندرية، وفرض عليها حصارا بريا استمر أربعة أشهر، ولكن هذا الحصار لم يكن ذا جدوى لأن المواصلات بينها وبين الإمبراطورية الرومانية عن طريق البحر ظلت مفتوحة لولا موت الإمبراطور الروماني وحدوث خلافات حول خلافته.
فقرر عمرو اقتحام المدينة، وكلف عبادة بن الصامت بذلك، فنجح في اقتحامها، وجاء المقوقس إلى الأسكندرية ووقع على معاهدة مع عمرو سنة 642م / 21هـ، وكانت تنص على انتهاء حكم الدولة البيزنطية لمصر وجلاء الروم عنها ودفع الجزية للمسلمين دينارين في السنة عن كل شخص وإعفاء النساء والأطفال والشيوخ منها.
بعد نجاحه في فتح مصر، ولاه عمر بن الخطاب حكمها.
عاصمة جديدة لمصر
وعندما استتب له الأمر في الأسكندرية عاد إلى فسطاطه عند حصن بابليون، وبدأ في بناء عاصمة بديلة عن الأسكندرية؛ لأن عمر بن الخطاب أمره أن يختار عاصمة لا تكون بينها وبينه ماء، فاختار موقعًا بالقرب من حصن بابليون غرب جبل المقطم ليبني حاضرته الجديدة، وأسماها "الفسطاط"، وتعني الخيمة.
ثم سار بجيشه تجاه برقة، وكان يسكنها البربر الذين عانوا طويلًا من الطغيان البيزنطي، فتفاوض عمرو مع زعماء البربر الذين رحبوا بالفتح الإسلامي العربي ووافقوا على دفع الخراج لعمرو، وكان حوالي 13 ألف درهم.
بعد ذلك أكمل مسيرته إلى الغرب لفتح طرابلس، فدخلها دون مقاومة سنة 643 م / 22 هـ.
وبعد تأمينها أرسل بعثة إلى ولاية فزان (جنوب غرب ليبيا) بقيادة عقبة بن نافع ففتحها، وكان بها أحد أقوى الحصون البيزنطية.
استمرت الفسطاط في الاتساع والازدهار وأصبحت مركزًا للتجارة.
كما بنى أول مسجد في مصر وإفريقيا، وهو جامع عمرو بن العاص في وسط مدينة الفسطاط سنة 642 م / 21 هـ.
كما أعاد حفر القناة التي كانت تصل بين النيل والبحر الأحمر وسماها قناة "خليج أمير المؤمنين".
واستمرت ولاية عمرو بن العاص الأولى على مصر حوالي أربع سنوات، حتى عزله عثمان، وولى عبد الله بن سعد بن أبي السرح على مصر سنة 24هـ. واستمرت ولايته حوالي عشر سنوات، حتى قُتل عثمان بن عفان عام 35هـ، ثم قام علي بن أبي طالب بعزله وولى قيس بن سعد بن عبادة, ثم ولى عليها الأشتر النخعي، فبعث معاوية إليه من يقتله عند قدومه إلى مصر. وبالفعل مات الأشتر بسم دُس له في العسل.
وبعد اغتياله ولى علي بن أبي طالب، محمد بن أبي بكر على مصر.
وكان شابا في الخامسة والعشرين من عمره، فقتلوه بنفس الطريقة، بل ووضعوا جثمانه في جوف حمار ميت، وأحرقوه بالجير الحي.
وفي عام 40هـ استشهد علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، على يد الخارجي عبدالرحمن بن ملجم، وخلفه ابنه الحسن الذي تنازل عن البيعة لمعاوية سنة 41هـ؛ حقنًا لدماء المسلمين.
الولاية الثانية
عاد عمرو لولاية مصر بعد تولي معاوية الحكم، وأصبحت له ولاية مطلقة فيها، وسمح له معاوية بأن يبقي على الخراج بعد المصروفات ولا يرسل منه شيئًا إلى دمشق.
ومكث عمرو في ولايته الثانية لمصر حوالي 4 سنوات.
وقيل إنه عندما شارف على الموت جعل يذكر تحالفه مع معاوية ضد علي بن أبي طالب ويبكي. فقال له ابنه عبد الله: أتبكي جزعًا من الموت؟ فقال: لا والله ولكن مما بعده.
وصلى عليه ابنه عبد الله، ودُفن بالمقطم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا