محمود الغول يكتب: هل يجب أن يرى طفلك مسلسل «لام شمسية»؟.. العمل يقتحم المسكوت عنه ويلقي الضوء على قضية اجتماعية مهمة دون ابتزال

في موسم دراما رمضان 2025، يبرز مسلسل لام شمسية كواحد من أكثر الأعمال جرأة وتأثيرا، ليس فقط بسبب جودة الكتابة التي تقودها مريم نعوم وورشتها "سرد"، أو الأداء المتميز لأبطاله مثل أمينة خليل ويسرا اللوزي وأحمد السعدني ومحمد شاهين، والطفل الموهوب علي البيلي في دور "يوسف"، بل لأنه يتناول موضوعا يعد من التابوهات الأكثر حساسية في الدراما المصرية: البيدوفيليا (الهوس الجنسي بالأطفال)، هذه القضية التي لطالما تجنبتها الدراما العربية خوفا من إثارة الجدل، تطرحها لام شمسية بأسلوب جاد ومسؤول بعيدا عن الاستسهال أو الابتذال مما جعله حديث الجمهور والنقاد على حد سواء.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل من الآمن أن يشاهد طفلك هذا المسلسل؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا أولا التفرقة بين نوعين من الأعمال الفنية: الأعمال عن الأطفال، وهي التي تتناول قضايا تخصهم لكنها موجهة للكبار، والأعمال للأطفال، التي تراعي مستوى نضجهم العقلي والعاطفي وتُكتب بلغة تناسب إدراكهم، لام شمسية ينتمي إلى الفئة الأولى، فهو يناقش قضايا تمس الأطفال لكنه ليس موجها لهم ولهذا وضع صناعه تصنيفا عمريا واضحًا (+16)، مما يعني أنه لا يناسب الأطفال بأي حال من الأحوال.

قد يعتقد بعض الآباء أن السماح لأطفالهم بمشاهدة المسلسل تحت إشرافهم، مع تقديم التوضيحات اللازمة قد يكون حلا وسطا، لكن الواقع أن التعرض لموضوعات مثل الاعتداء الجنسي والتلاعب النفسي والخيانة الزوجية قد يكون له تأثيرات نفسية عميقة على الطفل، حتى لو لم يُظهر ذلك بشكل مباشر فالأطفال لا يمتلكون بعد القدرة على فهم هذه القضايا وتحليلها مثل البالغين، ما قد يخلق لديهم مشاعر خوف أو قلق أو حتى أفكار مشوشة حول العلاقات الإنسانية. في المقابل يمكن للآباء مشاهدة العمل بأنفسهم واستخدامه كمرجع لفهم كيف يمكنهم حماية أطفالهم من التحرش، وكيفية مناقشة هذه القضايا معهم بطريقة تتناسب مع أعمارهم.

على المستوى الفني، لم يكن لام شمسية هو العمل الأول عالميا الذي يعالج موضوع البيدوفيليا بعمق وجرأة. فقد سبقه عدد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي تناولت القضية بأسلوب يوازن بين التوعية وعدم الاستغلال العاطفي، مثل الفيلم الدنماركي The Hunt (2012) الذي يكشف عن الهستيريا المجتمعية حول اتهامات التحرش بالأطفال، وSpotlight (2015) الذي يستعرض فضائح الاعتداء الجنسي على الأطفال داخل الكنيسة الكاثوليكية، وكذلك الموسم الثاني من مسلسل The Sinner (2018) الذي يسلط الضوء على التأثير النفسي العميق للعنف والتحرش على الأطفال.

لكن لام شمسية لا يقتصر على البيدوفيليا، بل يغوص في قضايا نفسية واجتماعية أخرى من خلال حبكاته الفرعية، مثل الخيانة الزوجية وتداعياتها على الأسرة، والاكتئاب الذي تجسده شخصية "رباب"، والتلاعب النفسي الذي يمثله "وسام"، الشخصية التي تتلاعب بمن حولها بذكاء واستغلال. كما يعرض المسلسل قضية الكذب الاجتماعي من خلال "نهال"، الشابة التي تخدع أهلها بإيهامهم بأنها تعمل في دبي بينما تعيش في القاهرة، هربا من القيود الأسرية، بالإضافة إلى التستر الأسري على الجرائم، وهو ما تفعله والدة "وسام"، التي تحمي ابنها المصاب بالبيدوفيليا خوفا من الفضيحة غير عابئة بالخطر الذي يمثله على المجتمع.

في النهاية، لا شك أن لام شمسية عمل استثنائي يستحق المشاهدة، لكن ليس من قبل الأطفال، فالأعمال الجريئة كهذه تحدث صدمة لكنها صدمة ضرورية لكشف المسكوت عنه وإثارة النقاش حول قضايا تمس المجتمع بأكمله. ورغم حساسية الموضوع، نجح المسلسل في تقديمه بمسؤولية، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق فقط بما يُقال بل بكيفية تقديمه، وهو ما يجعل لام شمسية نموذجا للدراما الهادفة التي تناقش القضايا الشائكة دون الوقوع في فخ الإثارة أو الاستغلال.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.