خلط الأوراق.. لعبة أمريكية لنزع صلاحيات حماس فى غزة.. واشنطن تماطل فى اتفاق غزة.. والمفاوضات المتعثرة مقصودة.. وتأجيل الحل لإعادة.. ترتيب أوراق الصراع

منذ بدء الحرب فى غزة بدا واضحا أن أمريكا تتعامل مع الأزمة كملف سياسى يخدم استراتيجيتها فى المنطقة، وليس ككارثة إنسانية تستوجب التدخل لإنهاء القتال، حيث إن موقف واشنطن كان منحازا لإسرائيل بشكل كامل لكنه حمل فى طياته أيضا لعبة طويلة الأمد تسعى فيها إلى إنهاك حماس، واستنزاف قدراتها من خلال إطالة أمد الحرب، وفرض شروط تفاوضية معقدة، وتبقى يد الحركة مغلولة وتمنعها من تحقيق أى مكاسب حقيقية.
لذلك فإن خطة المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف لم تكن مجرد مبادرة لتمديد وقف إطلاق النار، بل كانت أداة استراتيجية لإعادة صياغة دور حماس، وإضعاف نفوذها فى القطاع عبر خطوات تدريجية تهدف إلى تقليص سلطتها، ومنعها من فرض شروطها على أى اتفاق مستقبلي.
تفاصيل الخطة التى كشف عنها موقع أكسيوس الأمريكى توضح أن الهدف الحقيقى ليس فقط وقف إطلاق النار مؤقتا، بل استغلال هذه الفترة لإعادة ترتيب الأوضاع بما يخدم رؤية واشنطن وتل أبيب للمستقبل فى غزة، حيث تضمنت الخطة تمديد التهدئة لأسابيع إضافية مقابل إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى وجثث لقتلى، وهو ما يعنى أن إسرائيل ستحصل على مكاسب مباشرة، بينما تبقى حماس مقيدة بشروط تفاوضية جديدة تزيد من تعقيد موقفها، وتشكل سابقة قد تستغل لاحقا لفرض مزيد من التنازلات، كما أن إدخال المساعدات الغذائية والطبية خلال فترة التهدئة،سيكون عبر قنوات دولية غير خاضعة لحماس مما يعنى تقليص سيطرتها على إدارة القطاع بشكل تدريجي، وإضعاف قدرتها على التحكم فى الوضع الداخلي.
أمريكا تدرك أن إنهاء الحرب فورا يعنى منح حماس نوعا من الشرعية، باعتبارها طرفا قويا قادرا على فرض شروطه فى أى اتفاق مستقبلي، لذلك فإن المماطلة وطرح مقترحات متجددة ليست سوى وسيلة لاستنزاف الحركة وإضعافها سياسيا وعسكريا،عبر فرض شروط تعجيزية أو تقديم مبادرات تخلق حالة من الإرباك داخل صفوفها، كما أن الدور الذى تلعبه الإدارة الأمريكية يتجاوز فكرة الوساطة التقليدية إلى ما يمكن وصفه بمحاولة إعادة تشكيل النظام السياسى فى غزة بما يتوافق مع الأجندة الأمريكية والإسرائيلية، وذلك من خلال دعم شخصيات أو كيانات بديلة قد تكون السلطة الفلسطينية أو جهات أخرى يتم إعدادها للعب دور أكبر مستقبلا.
مناورات حماس
فى المقابل تدرك حماس هذه المناورة وتحاول تفادى السقوط فى الفخ الأمريكى من خلال التمسك بالاتفاقات السابقة ورفض أى مقترحات جديدة تغير من قواعد اللعبة، لكن التحديات التى تواجهها الحركة ليست سهلة، فهناك ضغوط داخلية من سكان غزة الذين يعانون بسبب استمرار الحرب، وضغوط إقليمية من بعض الدول العربية التى تسعى إلى حل يضمن الاستقرار دون الدخول فى مواجهة مع واشنطن، بالإضافة إلى الضغوط العسكرية التى تواصلها إسرائيل، عبر استهداف قيادات الحركة ومنشآتها الحيوية.
على الجانب الإسرائيلى تبدو تل أبيب مستفيدة من هذه المماطلة، فهى تحصل على مزيد من الوقت لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية قبل أى اتفاق نهائي، كما أنها تستخدم هذه المرحلة لاختبار ردود الفعل الدولية وتحديد المسار الذى ستتبعه بعد انتهاء القتال، لذلك فإن نتنياهو لا يبدو فى عجلة من أمره للوصول إلى اتفاق نهائى بل يفضل استمرار التفاوض مع إبقاء الضغط العسكرى قائمًا لضمان تحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل أى هدنة دائمة.
سيناريوهات الفترة المقبلة
السيناريوهات المحتملة لما سيحدث فى الأيام المقبلة تبقى مفتوحة على أكثر من احتمال فإما أن تستمر المماطلة الأمريكية مع استمرار المفاوضات الطويلة دون نتائج حاسمة، أو أن تلجأ إسرائيل إلى تصعيد عسكرى مفاجئ حال فشلت الجهود الدبلوماسية بشكل كامل، أو يتم التوصل إلى اتفاق جزئى مؤقت يمنح الأطراف فرصة لالتقاط الأنفاس، دون حل جذرى للأزمة، وفى كل الأحوال فإن ما يحدث الآن ليس مجرد تفاوض على وقف إطلاق النار بل هو إعادة تشكيل لخارطة القوى فى غزة بأدوات دبلوماسية وسياسية تستخدمها واشنطن لتحقيق أهدافها البعيدة المدى.
فى النهاية تبقى الحقيقة الثابتة وسط هذا المشهد الضبابى هى أن ما تريده أمريكا ليس إنهاء الحرب، بل إدارة نتائجها بما يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل.
تطهير عرقي
فى هذا السياق، يقول القيادى الفلسطينى ورئيس تيار الاستقلال الفلسطينى الدكتور محمد أبو سمرة: إن قطاع غزة تحول بسبب حرب الإبادة والتطهير العرقى إلى أكبر مأساة إنسانية فى العالم، حيث دمرت إسرائيل أكثر من 80٪ من المبانى والمساكن، وقضت بالكامل على البنية التحتية، مما جعله أكبر سجن مفتوح، وأكبر مقبرة جماعية على وجه الأرض. لقد دفع مليون فلسطينى على الأقل ثمن هذه الحرب البربرية، بين شهيد ومفقود وجريح وأسير، بينما يعانى جميع سكان غزة من تبعات العدوان الوحشي.”
ويضيف أبو سمرة أن الولايات المتحدة تتبع تكتيكًا واضحًا فى المماطلة والتأخير، بهدف استنزاف قدرات حماس وإجبارها على تقديم تنازلات جوهرية، حيث تسعى واشنطن إلى فرض نموذج جديد لحكم غزة، يكون خاليا من سيطرة الفصائل المسلحة، وذلك تحت غطاء الجهود الدبلوماسية والمبادرات الإنسانية.
وأوضح: لقد مارست الإدارة الأمريكية ضغوطًا كبيرة على الفصائل الفلسطينية من أجل تمرير شروطها فى الاتفاق، حيث تسعى إلى ضمان تفكيك القدرات العسكرية لحماس بشكل تدريجى قبل الموافقة على أى هدنة دائمة.
ويرى أبو سمرة أن القرار الإسرائيلى بحظر عمل وكالة الأونروا يأتى فى إطار هذه الاستراتيجية، حيث يهدف إلى تقليص الدعم الإنسانى للفلسطينيين، وإجبار المجتمع الدولى على البحث عن بدائل تقلل من نفوذ حماس داخل القطاع، وهو ما يتماشى مع المخططات الأميركية لتغيير الوضع القائم هناك، فإن تداعيات قرار حظر الأونروا كارثية على الشعب الفلسطيني، حيث يهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين وحرمانهم من حق العودة، كما أن إسرائيل تسعى من خلاله إلى فرض وقائع جديدة على الأرض تسهم فى تصفية القضية الفلسطينية تدريجيًا.”
وحول الدور المصرى فى هذه الأزمة، يؤكد أبو سمرةأن مصر لعبت دورًا محوريًا فى التصدى للمخططات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بمحاولات تهجير الفلسطينيين من القطاع، كما بذلت جهودًا جبارة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار ومنع تفكيك غزة ديموغرافيًا وسياسيًا.وقال: “مصر رفضت بشدة أى محاولة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة، وقدمت المساعدات لأهالى القطاع منذ اليوم الأول للعدوان، كما قادت المفاوضات بحكمة وصبر رغم الضغوط الدولية. الدور المصرى كان وما زال حاسمًا فى الحفاظ على وحدة الأراضى الفلسطينية، ومنع تنفيذ المخططات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.”
وأشار «أبو سمرة» إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تستخدمان الانقسام الفلسطينى كأداة لتعزيز أجندتهما، حيث تسعى واشنطن إلى فرض تسوية سياسية تتناسب مع رؤيتها، دون أن تكون حماس جزءًا من المشهد المستقبلى للقطاع، وأكد على أهمية إنهاء الانقسام الفلسطينى منذ سنوات، لأن بقاءه يخدم الاحتلال ويضعف الموقف الفلسطينى فى أى مفاوضات مستقبلية. الآن، ومع تصاعد الضغوط الدولية، أصبح توحيد الصف الفلسطينى ضرورة قصوى لمواجهة المخططات الإسرائيلية والأميركية.”
وفيما يخص موقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من الصراع فى غزة، يوضح أبو سمرة أن التغييرات فى السياسة الأمريكية لن تكون جذرية، وأن إدارة ترامب ستواصل دعم إسرائيل، مع التركيز على تحقيق “اتفاق سلام” يلغى نفوذ حماس تمامًا، ويفرض ترتيبات أمنية جديدة فى القطاع.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا