رئيس التحرير
عصام كامل

سقوط الدراما الشعبية فى فخ البلطجة والبذاءة.. تطرح صورة مغايرة للحارة المصرية وتعلى من نظرية الخروج على القانون

العتاولة 2
العتاولة 2

لطالما كانت الدراما الشعبية مرآة تعكس روح الشارع المصري، تنقل قصصه وتفاصيله بحبكات مشوقة وأداء تمثيلى يعبر عن واقع حياة سكان المناطق الشعبية، كما أنها قدمت للجمهور قصصًا حملت قيمًا اجتماعية وإنسانية لامست القلوب، وأبطالها أصبحوا شخصيات أيقونية سكنت الوجدان حتى اليوم.

ولكن فى السنوات الأخيرة، تبدلت ملامح الدراما الشعبية، حيث تحولت إلى أداة لتقديم نماذج مشوهة بعيدة تمامًا عن الواقع، وأصبحت مجرد وسيلة لتمجيد فكرة البلطجة باعتبارها الوسيلة الوحيدة لاستعادة الحقوق، والترويج للبذاءة باعتبارها أمرًا عاديًا، وتقديم صورة مغايرة للحارة المصرية التى بعدما كانت فى الماضى رمزًا للتكاتف الاجتماعى و”الجدعنة” والمروءة، حيث يعيش الناس على الفطرة ويحكمهم العرف والاحترام قبل أى شيء، أصبحت فى الدرما الشعبية خلال السنوات الماضية مرتعًا للخارجين عن القانون، وسادت لغة العنف والبذاءات  على لسان أهلها، واختزلت معظم شخصياتها فى بلطجية يفرضون نفوذهم بالسلاح، أو تجار مخدرات يحيون حياة مترفة من المال الحرام.

كما أن هذه المسلسلات، التى أصبحت وجبة أساسية فى كل موسم رمضانى منذ سنوات، أصبحت تدور بشكل أساسى حول شخصية البطل “الشجيع”، وهى شخصية متطورة عن “الفتوة” فى الماضي، ولكن مع بعض “الرتوش” الإضافية، فالبطل الشجيع، الذى أصبحت ملامحه نمطية فى غالبية الأعمال الشعبية الحديثة، كما أصبح قويا وقادرا على التغلب على كل أعدائه ويمكن اعتباره “الأسطورة” الذى لا يُقهر، حيث يمتلك قوة جسمانية ويستعيد الحقوق بـ”دراعه” أو بسلاحه، ويعتمد فى حديثه على لغة ذات سجع وقافية، ولابد أن تكون له لزمة تتحول إلى “تريند”.

ولقد لاقت هذه الأعمال نجاحًا لافتًا وإقبالًا جماهيريًا على امتداد السنوات الماضية، وبالرغم من هذا النجاح الجماهيرى الكبير إلا أنها حادت عن كثير من القيم التى طالما ميزت الدراما المصرية الأصيلة، ووقعت فى شباك الكلام المبتذل والعنف، ويأتى مسلسل “سيد الناس” فى مقدمة الأعمال التى سقطت فى فخ البلطجة والبذاءة، حيث فضل صناعه الاعتماد على القوالب النمطية ذاتها التى اعتمدتها الدراما الشعبية مؤخرًا، وبدلًا من تسليط الضوء على النماذج الإيجابية فى المجتمع الشعبي، يكرس المسلسل لثقافة العنف والانتقام، ويستخدم أبطال العمل لغة حوار مليئة بالمونولوجات الغريبة والمبالغات التى تسيء إلى الصورة الحقيقية للمناطق الشعبية وأهلها بالإضافة إلى استخدام العديد من الإيحاءات والألفاظ الخارجة، مما جعل العمل فى مرمى الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الأوساط النقدية والثقافية والإعلامية.

أما مسلسل “العتاولة” فى جزئه الثاني، فيعيد سردية الجزء الأول فى تقديس الخروج عن القانون باعتباره الاختيار المثالى للحصول على المال وتحقيق النجاح، حيث يدور المسلسل فى إطار شعبى حول شقيقين هما خضر الذى يجسد شخصيته طارق لطفى ونصار الذى يقدمه أحمد السقا، وهما ورثا السير فى طريق الشر، ويدخلان خلال الأحداث فى كثير من الصراعات، وبالرغم من محاولات نصار المستمرة للابتعاد عن الطريق الخطأ إلا أن كل من حوله يعيدونه إليه بطرق ضغط مختلفة، ويقدم المسلسل نماذج لشخصيات سطحية ونمطية غير سوية ورموز خارجة عن القانون تتفوه بكثير من الإيحاءات، كما أن العمل غارق فى مشاهد العنف، حيث تحل القوة الغاشمة فيه محل القانون.

وفيما يتعلق بمسلسل “إش إش”، الذى يدور فى قلب القاهرة، فهو عمل من الأعمال الشعبية التى تعرض حاليًا وتدور أحداثه حول حياة راقصة فى الأفراح الشعبية تدعى “إش إش”، والتى تجسد شخصيتها مى عمر، وهى تعيش فى حارة فقيرة مع والدتها وخالتها الراقصتين المتقاعدتين، وتطمح إش إش خلال الأحداث أن تنتقم من الشاب الذى غدر بها وبوالدته التى غدرت بوالدتها فى الماضي، وبالرغم من أن العمل لا يقدم قدرًا كبيرًا من العنف، إلا أنه لم يخلُ من الألفاظ التى لا تتناسب مع طبيعة الشهر الكريم ولا مع طبيعة المسلسل الذى من المفترض أن يكون مناسبًا للمشاهدة بالنسبة إلى جميع أفراد العائلة.

ويأتى مسلسل فهد البطل ضمن الأعمال الدرامية الشعبية التى تنافس فى موسم رمضان الدرامى الحالي، وبالرغم من أن المسلسل يحظى بردود فعل إيجابية على أحداثه وأداء أبطاله إلا أنه أيضًا يقدم جرعة من العنف حيث يدخل البطل خلال الأحداث فى عدد من المشاجرات.

وهذه الصورة المشوهة التى أصبحت تقدمها الدراما الشعبية حاليًا تخلق تأثيرًا سلبيًا على المشاهدين، خاصة الشباب منهم، وذلك فى ظل غياب الرقابة الفعالة على المحتوى المقدم عبر هذه الأعمال التى تعرض فى كل البيوت ولكل الأعمار وفى رمضان الذى يشهد نسب مشاهدة عالية للأعمال الدرامية، ما يساهم فى تطبيع ثقافة البلطجة والبذاءة وجعلها أمرًا مقبولًا داخل المجتمع مع مرور الوقت.

نقلا عن العدد الورقي

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية