الإنسان مسير أم مخير؟ وليه ربنا بيختبرنا وهو عارف النتيجة؟ الشباب يسألون وعلي جمعة يجيب

تناول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية الأسبق، في حلقة اليوم من برنامج "نور الدين والدنيا"، قضية الخلق والتسيير والتخيير.
وقال الدكتور علي جمعة: خلق الله الخلق من أجل أن يعبدوه، ومن أجل أن يعمروا الدنيا، ومن أجل أن يزكوا النفس، فقال لنا فيما أوحى إلى نبيه: "وما خلقت الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون".. وقال لنا: "هو أنشأكممن الأرض واستعمركم فيها"..
طلب منا عمارها، فقال: "قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها".
هذه الأهداف الثلاثة لهذا الخلق تجعلنا دائما نتساءل فيما بيننا، بأسئلة نحو: لم خلقنا الله؟! ونحو لم يحاسبنا؟! ولم يعطينا أو يمنعنا؟!.. يُضيق علينا أو يوسع علينا؟! ما طبيعة هذه الدنيا؟!
إلى آخر هذه الأسئلة التي تخطر في بال كل البشر.. المذاهب الفلسفية حاولت أن تجيبَ على هذه الأسئلة، واختلفت إجابات البشر كثيرا حولها.
من أين أتيْنا؟! وماذا نفعل هنا؟! وماذا سيكون بعد رحيلنا من هذا العالم؟! نرى الموتَ بأعيننا في كلِّ لحظة، ونخاف منه في حين أنه حقيقةٌ متكررة، حتى إن الإنسان بعد ما يبلغ من العمر مبلغا معينا، يتمناه، ولذلك يسألُ الإنسان نفسه: ماذا سيكون بعد هذا الموت؟! وماذا سيفعل الله بنا؟!
كثيرٌ من الناس يتناسى هذا حتى لا يذهب إلى العزاء، حتى لا يتذكر الموت.. يتوغل في هذه الحياة الدنيا، سواء توغل أو لم يتوغل.. "ومن نعمره ننكسه في الخلق".. كلما زاد الإنسان في العمر كلما رجع محتاجا إلى من حوله.. يحتاج إلى من يستند إليه.. ويحتاج إلى من يقضي حوائجه، ويبدأ في النسيان.
العاقل هو الذي يجيب على هذه الأسئلة، ويبحث فيها، ويفكر فيها، ونحن في "نور الدين والدنيا"، معا لأنهما لا ينفكان، مثل العملة لها وجهان، فالدين والدنيا وجهان لعملة واحدة.
ونجيب على الأسئلة التي تخطر ببالنا، ولا نتردد في السؤال؛ حتى نصل إلى ما يسمى بالبدهيات، إلى أن نقنع بالإجابة.. يمكن للإنسان أن يعلق الإجابة حتى يعلمها، لكن لابد أن يسأل لأن السؤال مفتاح العلم.. لا نستطيع أبدا أن نفتح العلم إلا بالسؤال.
هذه القاعدة من القواعد التي ندرسها لأبنائنا وأحفادنا.. السؤال مفتاح العلم.. لابد أن نحفظها.. قاعدة لا تتخلف أبدا.. لأنها في كل العلوم.. لأنها في كل المجالات.. في الدين وفي الدنيا.
أستمع إلى أسئلتكم التي تدور في أذهانكم، والتي تتولد في تفكيركم من النقاش الذي نناقشه.
لا تتأخر عن السؤال، ولا تخجل منه، حتى لو كنت حصلت إجابة مسبقة عنه ولم تقتنع بها نعيد السؤال، ونعيد الجواب ونعيد المناقشة، ونعيد التفكر.. العصف الذهني "Brainstorming".. عايزين نشغل الدماغ.
هل الإنسان مخير أم مسير؟
وسأل طالب: هو الإنسان مخير وللا مسير، وربنا خلق قابيل وعارف إنه هايقتل هابيل؟
وأجاب د. جمعة: هو قابيل وهابيل لم يردا في القرآن.. اللي جاء في القرآن: "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق".. مقالش أسمائهم إيه.. ودي مزية في القرآن لازم نتعلمها إن هو ما بيقفش عند التفاصيل.. إنما بيوديني للمقصود من القصة.. لكن هو كان اسمه إيه.. وارد عن بعض الأنبياء السابقين إنه كان اسمه قابيل وهابيل.. قابيل قتل هابيل.
السؤال هنا بيقول: الله سبحانه وتعالى يعلم أن قابيل هايقتل هابيل.. فكيف يحاسب قابيل إذا كان الله، سبحانه وتعالى، لا يكون في كونه إلا ما خلق وإلا ما أراد.. مش هو ده السؤال? كيف أن الله سبحانه وتعالى وهو العالم ماذا سنصنع غدا، يحاسبني على حاجة هو خلقها.. أنا عملتها صحيح.. لكن هو الخالق.
يللا بقى نشوف صفات الله، ونشوف الحقيقة الكونية علشان نفهم بعمق... الحكاية دي.. الحقيقة الكونية أن الله كان ولم يكن شيء معه.. مفيش أي خلق.. لا ملائكة ولا بشر، ولا جنَّ ولا سماء ولا أرض ولا عرش ولا فرش، ولا أي حاجة. مفيش حاجة خالص.. الله سبحانه وتعالى وحده.
هذا الخالق العظيم ليس حوله زمان ولا مكان، ولا أشخاص.. هو وحده، واحدٌ أحدٌ، فردٌ، لم يلدْ ولم يولد، ولم يكنْ له كُفوا أحد.. واحدٌ فقط.. اللهُ الواحدُ، الأحد، خلق الأربعة دول: الزمان والمكان والأشخاص والأحوال.. خلقهم في صورة "كُرَة"، هو خارج منها، وهو مفارق.. هو وحده... مش داخل فينا.. مش بيحل فينا، وبيحل في الهوا ده.. لأ.. الرب ربٌّ، والعبد عبد، وهناك فارقٌ بين المخلوق والخالق.. ربُّنا حاجة والكون حاجة تانية.. "ليس كمثله شيء".. هذه هي الإجابة على السؤال.
وسنجيب على سؤالك..
وقال عضو هيئة كبار العلماء: الله شيء.. "قل أيُّ شيء أكبر شهادة قل الله".. يعني الله شيء.. والكون ده كله شيء تاني.. وهما مختلفان.. الله باقٍ. والكون فانٍ، الله قديم لا أول له ولا آخر، والكون له بداية وله نهاية.. الله قائمٌ بذاته لا يحتاج إلى غيره.. مش محتاج مننا حاجة.. الله لا ينام.. الله لا يحتاج إلى الطعام.. الله قائمٌ بنفسه.. قيوم السماوات والأرض.
طيب والكون؟ ده محتاج.. محتاج إلى الله.. الله عليم بكل حاجة.. بذرات الجو، باللي حاصل في مخك ونفسك من الداخل.. بالحاجات اللي انت بتعملها في سلوكياتك في الخارج.. عليمٌ بذات الصدور.. عارف كل حاجة... يعلم كل حاجة... علام الغيوب.. فالكون ده الكرة اللي أنا قلت عليها، اللي ربنا خلقها.. كانت أمام ربنا، ولله المثلُ الأعلى.
والرب خارج الكون سبحانه وتعالى.. شايف الكون من بدايته لنهايته، مرة واحدة.. ليه؟ ما هو ما هو مفيش زمن حواليه.. الحتة دي فيزيقية محتاجة.
تصور مبدع
يعني تصور مبدع "Creative imagination"، علشان نخرج من الزمان ومن المكان، ده حياة صعبة قوي؛ لأن مخنا داخل الزمان والمكان.. تخيل كدة إنه مفيش زمان.. أتخيلها ازاي دي?!
مفيش سبب، الله سبحانه وتعالى معندوش زمان.. طيب صدق كدة، واحدة واحدة، امشي معايا خطوة خطوة.. ربنا معندوش زمان.. يبقى معندوش زيادة.. علمه مش بيزيد كل يوم زينا.
وضرب مثلا: لحيتي دي مكانتش طالعة زي انتم ملكوش لحية.. وبعدين طلعت وقاعدة تطول تطول تطول. شعرك قاعد يطول يطول يطول.
هو بقى معندوش زمن، فمعندوش زيادة، فعارف البداية والنهاية، والظاهر والباطن، مرة واحدة.. في آن واحد.
طيب احنا فين هنا؟! احنا اتخلقنا هنا.. آدم اتخلق هنا.. أو السماوات أو الأرض، أو بداية الخلق.. بس احنا هنا دلوقتي.. طيب واحنا هنا، هو سبحانه وتعالى في الأزل شايفنا.. وراح واخد لقطة للكون كله.. حطها على فلاشة كدة.. لقطة "هوب" راح لاقط الدنيا كلها.. الكون كله. ظاهر باطن.. كل واحد فينا له فلاشة. الفلاشة دي موجودة عند الله سبحانه وتعالى، في حاجة نسميها "الكتاب". يبقى هو خارج الكون.
ربنا معندوش زمن
وأضاف: هو معندوش زمن، هو عليم.. ولذلك راح من العلم بتاعه خد كدة.. إذن خلقنا.. أعطانا عقل علشان نفكر.. أعطانا اختيار علشان نختار، لكنه صوَّر هذا الذي فعلناه باختيارنا من البداية: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا".. انت هاتحاسب نفسك.. كل واحد له فلاشة. هتتحط في سلسلة، ويحطوها له في رقبته.
انت بقى حاسب روحك، حطها في اللاب توب، في الشاشة، في المينيتور، وشوف انت عملت إيه، وسويت إيه؟ وانت مع نفسك. وإذا كان ده صح ولا غلط.
مفيش يوم القيامة "اللواعة" بتاعتنا في الدنيا. لأ ما عملتش، لأ ما سوتش.. لانه هنقول لا ما عملتش ولا ما سويتش، هايقول يللا نشغل الفلاشة اللي متسجل فيها كل حاجة.
فربنا سبحانه وتعالى أعطانا الاختيار.. هاجي أقول له: يا ربي، إنت خلقت ان انا ما صلتش.. لا يا حبيبي.. انت اللي اخترت إنك ما تصليش، وانت اللي اخترت إنك تكذب، وانت اللي اخترت إنك تقتل، وانت اللي اخترت انك تفسد في الأرض أو تعمر الأرض، تقول الخير أو تقول الشر.. هو يعلم بس.. زي ما تكون فيه مراية.. بعدين أنا رحت لها لي لحية، ورحت حالق اللحية، ورحت لها تاني.. فبتقول لي ده من غير لحية. المراية علم فقط.. بتكشف فقط.
ربنا بيحطنا في اختبار وهو عارف نتيجته؟
وسألت فتاة: هو ليه ربنا حطنا في اختبار وهو عارف نتيجته؟
وأجاب الشيخ: ربنا سبحانه وتعالى خلقنا إكراما لنا.. الله له الصفات من ضمنها أنه كريم.. وواسع، ورحمن، ورحيم، وأنه له صفات كتيرة، أكتر من 150 صفة في القرآن، وأكتر من 164 صفة في السُّنَّة، ولما نحذف المكرر منهم يطلع أكتر من 240 صفة لله سبحانه وتعالى.
أراد الله أن يكرمنا، وأن يرحمنا ويعطينا.. خلق الملائكة "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون".. لكن خللى الملائكة يسجدوا لنا.. لآدم.. "اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين".
وأكمل: فهو أعطانا فرصة، ييجي واحد مش عاجبه الصلاة، مش عاجبه التكليف، مش عاجبه إنه ما يكذبش وما يقتلش، وما يغتصبش الأرض ويقتل الأطفال. هنا وهناك في الأرض، ما انتم شايفين اللي حوالينا.. ده بني آدم بعد ما ربنا أسجد له الملائكة، وبعد ما ربنا سبحانه وتعالى أعطى له، وبعد ما ربنا وعده بالجنة.. احنا هنا في الدنيا نقعد تلات دقايق.. "كم لبثتم في الأرض عدد سنين. قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم".. يعني المدة بسيطة جدا. "فاسأل العادين".. "قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون".
تعمير الدنيا وتزكية النفس
وقال د. جمعة: فإذن ربنا خلقنا بهذه الصفة اللي بتسألي عنها لمصلحتنا علشان نعبده، ونعمر الدنيا، ونزكي النفس، وندخل الجنة. ولذلك خللاها كلها جمال في جمال. حكاية القبر، يقول لك القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، بين قوسين.. الناس راحوا واخدين كلمة "حفرة من حفر النار"، ونسيوا إنها روضة من رياض الجنة.
وأكد: ربنا سبحانه وتعالى كريم وجميل، فالإنسان بيعبده وهو مشتاق إليه. وهو ممتن له: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها".. يقول له متشكرين يا رب إنك عملت فيا كل المعروف ده والخير ده.. علشان ايه بقى? علشان صلاة؟. طب ما احنا بنصلي من صغرنا، ومفيش حاجة صعبة فيها.
ليه ربنا سبحانه وتعالى خلقنا?! علشان يكرمنا، علشان نعيش في صفاته.. أدعوه وأناجيه، وأذكره: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون".. "والذاكرين الله كثيرا والذاكرات".. "ألا بذكر الله تطمئن القلوب.. يعني شوف العبادة تطمن قلبك وتسعدك..
من أجل السعادة في الدارين
وقال متسائلا: مين اللي مش سعيد؟ اللي مش سعيد اللي ما عندوش الإجابة كل هذه الأسئلة، واللي هو خارج الطاعة: "قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
علشان تستقيم الحياة، علشان نسعد في هذه الحياة الدنيا.. علشان نسعد فيها، ثم نسعد في الآخرة.. نقول سعادة الدارين، دار الدنيا.. التلات دقايق اللي هانقعد فيهم دول.. الميت سنة ولا هنقعد شفتوا قد ايه. وبعدين كمان الدار الآخرة.
فالله سبحانه وتعالى خلقنا من أجل مصلحتنا.. من أجل إكرامنا.. من اجل جريان صفاته علينا.. هو عظيم وقوي وقادر.. فكل هذا في الرحمة والعفو والصفح.. عفوٌ.. في المقابل هو منتقم وجبار.. من أولئك الذين يقتلون ويفسدون في الأرض، ويدمرون البلاد والعباد، ويهجرون الناس من ديارهم.
إيه سبب الشر؟
وأضاف الشيخ علي جمعة: كل هذا الشر الموجود في الأرض الله سبحانه وتعالى راصده. سببه إيه? ليه الشر ده لأن هذا الشر سيكون له أثر في يوم القيامة.. هذا الطفل الذي مات هو أو أبوه أو عائلته ظلما في الدنيا هيدخل هو وأبوه وأمه الجنة.. هنا محنة وحاجة فيها شر، لكن الله سبحانه وتعالى يجعل هذه المحنة منحة.. فالله سبحانه وتعالى يبدل المحنة يخليها منحة. زي ما بيبدل في بعض الأحيان السيئات إلى حسنات.
"ومنكم من يُقاد إلى الجنة بالسلاسل".. فيه بعض الناس ربنا سبحانه وتعالى موفقها، حتى يدخلها الجنة.. كله لمصلحتنا. "لو أنكم كنتم تعقلون".. "تعلمون".. "تتفكرون".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا