تقوى المفسدين
لرغبتى العارمة لفهم الآخرين الذين يخالفوننى فى كل شىء أراه حقيقة ويرونه كذبا والعكس.. تلك الشخصيات التى جمعت بين النقيضين الأبيض الخالص والأسود الغامق الغطيس بلا أى امتزاج.
لذلك حاولت أن أغوص بداخل نفسى ربما أكون من هؤلاء وأنا لا أدرى وأنتقضهم وأنا منهم
لأننى أفتخر أحياناً بأننى أجمع فى شخصيتى كل المتناقضات التى أعرف جيداً كيف تكونت بداخلى بفعل تلاطمى مع أمواج الحياة ودفعى بفعل عواصفها إلى عوالم غريبة فُرضت على وكان لزاماً أن أتوافق معها من أجل العيش لا أكثر .
فعندما وصلت إلى ما أنا فيه ازدت فخراً بخبراتى المتراكمة فى كل المجالات التى أحياناً كما أفتخر بها أُعانيها ويُعانيها معى كل من تربطنى به علاقة ولكننى مع كل هذا أعترف بأننى صريح وأصارح كل من حولى بما يدور فى خلدى وعقلى وأظن أننى لم أكذب على الآخرين أو على الأقل على نفسى .
ولكن ما يُحيرنى هؤلاء الذين يقتلون الناس ويحملون السلاح ويمثلون بجثث الأبرياء بلا ذنب وعندما يُقبض عليهم تجدهم حاملين المصاحف ويقرأون القرآن ويبتسمون كالملائكة وينكرون أفعالهم المشينة .
لا أفهم كيف تكونون هؤلاء؟ كيف أتت لهم هذه القدرة الهائلة من الانفصام النفسى فيقولون عكس ما يفعلون ويعزون جرائمهم لشرع الله والله برئ منهم .
أهذا هو الكذب الأشر؟ ولكن كيف تأتى لهم القدرة على السجود لله وكيف يصلون وأراهم يدمعون عندما تُذكر آية من آيات الله يُذكر فيها جهنم التى سوف يصلونها إن شاء الله.. أهم أتقياء فعلاً يصدقون أنفسهم ولا يدركون أنهم مفسدون فى الأرض؟ أم إنها التقية عقيدة لديهم والتى تجعلهم ينكرون ما يبطنون ويتظاهرون بعكس الحقيقة.
أهم مرضى ويلزم لهم علاج؟ أم لهم وجهة نظر فى هذا الكذب عن عقيدة راسخة فى أذهانهم؟ هل يدركون أنهم المفسدون فى الأرض؟ أم يعتقدون أنهم المصلحون؟
تمنيت أن أجلس وأنا أستمع إلى الأستاذ الدكتور العالم الكبير أحمد عكاشة والمبدعة الدكتورة منال عمر الطبيبين النفسيين الكبيرين فى حضور علماء أجلاء من الأزهر وعلماء فى علم الاجتماع والذين ليس لهم توجهات سياسية بعينها ليدلو كل منهم بدلوه فتظهر الحقائق ويقترح العلاج المجتمعى لبناء وطن على أساس ودعائم قوية .
وواضح فى اعتقادى أنهم مرضى ولكن الغريب أن هذا المرض معدى بدليل أن كل مريديهم يتمتعون بصفاتهم هذه ويعتقدونها فطنة وكياسة.. فيسمون الكذب خدعة على أساس أنهم فى حرب معنا نحن الكفرة الفجرة .. والتجسس والتفتيش فى دواخل الآخرين فطنة وكياسة.
كان ممكن أن أعتبر هذه النماذج مجرد أنماط من البشر أتعامل معها كما هى بلا محاولة لفهم وتفسير لسلوكهم ولكنها أصبحت تتعلق بمستقبل وطن وسمعة دين أهانوه معتقدين خطأً أنهم يحاربون الناس والوطن من أجل رفعته.
ولِما يكون الإرهاب باسم الإسلام؟ نعم هى صناعة انقلبت على صانعها.. ولم يتعلم صانع الإرهاب من أخطائه وما زال يكرر نفس الخطوات وبنفس الأدوات وكأنه صنع خيوط الإرهاب التى التفت حول رقبته ووقع أسيراً لشِراكها فلم يستطع الفرار ولم يعد أمامه غير إعادة ترتيب الخيوط أملاً فى إكمال خططه فى رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط .
أهى حماقة أم دهاء خانه الحظ فلم ينجح ولن ينجح أبداً إن شاء الله .. فلابد أن تعيد الولايات المتحدة حساباتها من جديد هى وشركاؤها من دول الاتحاد الأوربى فى علاقتهم بمصر.. هذا لا لشىء إلا للمصلحة المتبادلة بينهم وبين مصر والتى ستعود عليهم هم أولاً بالمنفعة .. ولا يمكن التكهن بما سيأتى به الغد ولكنه خير لنا إن شاء الله.. ولك الله يا مصر .