لماذا يكره رجل إنجليزى اليهود؟
خلال حفلة توزيع جوائز موسيقية فى ليفربول الأسبوع الماضى اقترب أحد
الحضور من عضو البرلمان لوسيانا بيرغر، وهى يهودية، وقال لها إنه يكره اليهود، مرفقاً
كلامه بشتيمة، وأخذ يتحدث عن الوضع فى قطاع غزة.
الرجل أكمل هجومه بالإشارة إلى محامية معروفة فى ليفربول وصفها بأنها
يهودية، ومرفقاً كلامه بشتيمة أخرى.
هو قال لعضو البرلمان إن رئيس وزرائها هو رئيس وزراء إسرائيل، وهى
ردّت بغضب أن ديفيد كاميرون رئيس وزرائها. الرجل انتهى أمام قاضٍ محلى حكم عليه بغرامة
تبلغ 120 جنيهاً.
لاحظت أن محامى الدفاع عن الرجل قال إنه كان مخموراً، غير أن الخمر
تطلع الحقيقة من السكران، فلماذا يكره رجل إنجليزى اليهود؟ هو ليس فلسطينياً يحتل
اليهود بلاده، وأنا واثق من أن يهودياً لم يسرق وظيفته أو زوجته أو صديقته.
الحادث تركنى أفكر فى أسباب كره اليهود حول العالم، ومرة أخرى لم أجد
سبباً غير إسرائيل، فاحتلال أراضى الفلسطينيين والقتل والتدمير ورفض كل الحلول
الممكنة لم يعد يخفى على أحد فى العالم، ويدفع اليهود كلهم الثمن، مع أن غالبيتهم
العظمى لا علاقة لها بالاحتلال وجرائمه.
المواقع الليكودية حول العالم، خصوصاً فى الولايات المتحدة، تشكو كل
يوم من سوء معاملة اليهود فى هذا البلد أو ذاك وتقدم أمثلة، إلا أنها لا تسأل
نفسها أبداً عن السبب، ولا تربط عودة اللاسامية بوجود حكومة نازية جديدة فى إسرائيل
تدمر وتحتل وتقتل الأطفال والنساء.
قرأت فى أحد مواقعهم أخيراً أن السفير الإسرائيلى فى الدنمارك ورئيس
الجالية اليهودية فى كوبنهاجن حذرا اليهود فى المدينة من اعتداءات عصابات لاسامية
عليهم. ونصحاهم بعدم ارتداء أى لباس يدل على أنهم يهود، وبالتحدث همساً فلا يسمع
اللاساميون العبرية ويهجمون عليهم.
الموضوع لا يتوقف عند انجليزى واحد أو عنصريين فى كوبنهاجن، فقد قرأت
أيضاً أن مدرسة دينية يهودية فى بوتسدام نصحت الحاخامات بعدم ارتداء غطاء الرأس اليهودى
علناً، وأن طلاب مدرسة يهودية فى برلين أمِروا بأن يتكلموا الألمانية لا العبرية،
وأن يضعوا قبعات بيسبول، فوق غطاء الرأس اليهودى حتى لا يظهر، وأن اليهود فى
الكنيس الرئيسى فى روما وأيضاً فى مالمو بالسويد، يخلعون قبعاتهم وهم يخرجون من
صَلاتهم حتى لا يعرف الناس أنهم يهود.
وقيل لمعلم يهودى فى كريستيانساند، بالسويد، ألا يرتدى نجمة داود حتى
لا يجرح مشاعر المسلمين الكثيرين الذين يقيمون فى المدينة.
المادة تكاد تكون طاغية، وقرأت عن مشاكل لليهود فى فرنسا حيث زادت
اللاسامية فى شكل ملحوظ، وعن حاخام يزور، برفقة إمام، المسلمين فى فرنسا لإقناعهم
بتخفيف حدة عدائهم لليهود، فيردون عليه بالإشارة إلى جرائم إسرائيل بحق
الفلسطينيين.
أحد المواقع الليكودية الأمريكية زعم أن هذه الجرائم إشاعة أو كذب،
وإنكار ما هو مسجل بالصوت والصورة، ومع اسمَى القاتل والقتيل، لا يعنى سوى استمرار
موجة اللاسامية وازديادها، ومرة أخرى السبب المنطقى الوحيد هو إسرائيل التى أصبحت
أول عدو لليهود حول العالم.
ربما كان سهلاً اتهام رجل إنجليزى واحد باللاسامية، أو حتى سكان مدينة
أوروبية جميعاً، ولكن لن يصدق أحد أن الكنائس المسيحية الغربية لاسامية، فهى أيضاً
تخوض حملة ضد إسرائيل شعارها BDS، وهذه الحروف الأولى من ثلاث كلمات بالإنجليزية تعنى مقاطعة وسحب استثمارات
وعقوبات. والكنائس تنصح رعاياها بعدم الاستثمار فى إسرائيل، بعد أن سحبت هى
استثمارات الكنيسة فى إسرائيل، وأمرت بعدم الاستيراد من إنتاج المستوطنين فى الضفة
الغربية.
كيف يرد الليكوديون الأمريكيون على إجماع العالم أن فى إسرائيل حكومة
عنصرية مجرمة؟ هم ألصقوا دعايات فى محطات قطار فى نيويورك تتهم المسلمين بالإرهاب
أو تأييده، وعادوا الآن بملصقات مشابهة تحيط بالساعات الموجودة داخل هذه المحطات.
إسرائيل أم الإرهاب وأبوه، وحكومتها فاشستية عنصرية، تقتل النساء والأطفال،
وكل مَنْ يؤيدها مثلها، ومقاومتها مشروعة فى قوانين الأرض والسماء.
نقلاً عن الحياة اللندنية