معاوية بن أبي سفيان رجل الدولة والإعلام.. أدرك مبكرًا أهمية السيطرة على الخطاب العام.. استغل أدوات الدعاية لصناعة منظومة غيرت مسار التاريخ

يُعرف الإعلام اليوم بأنه «السلطة الرابعة»، لكنه في الحقيقة كان سلاحًا سياسيًا منذ القِدم، والمثير أن الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان كان من أوائل الحكام الذين أدركوا قوته في تشكيل الرأي العام وإدارة النزاعات السياسية، حيث لم يعتمد فقط على القوة العسكرية، بل سخر كل الأدوات المتاحة في زمانه، وعلى رأسها الخطابة والشعر، لصياغة صورة بني أمية وترسيخ حكمهم.
الشعر والخطابة، أدوات الدعاية في عصر معاوية
في عالم لم يكن فيه وسائل تواصل اجتماعي، كانت الخطابة والشعر هما الإعلام المؤثر، وأدرك معاوية مبكرًا أن السيطرة على اللسان تعادل السيطرة على السيف، فوظف كبار الخطباء والشعراء لتسويق رؤيته السياسية، وتلميع صورته كحاكم قوي يجمع بين الحلم والدهاء.
وكانت المساجد آنذاك بمثابة قنوات إعلامية، لذا حرص معاوية على تعيين خطباء ينقلون روايته للأحداث، وأبرز مثال على ذلك زياد بن أبيه، الذي أصبح واليًا على العراق وكان أحد أهم أدوات معاوية الإعلامية، إذ استخدم خطاباته في حشد التأييد لسلطة بني أمية، ويذكر الطبري في تاريخ الرسل والملوك أن زياد خطب في أهل العراق بلهجة حادة قال فيها: وإني أقسم بالله، لآخذن الولي بالمولى، والمقيم بالظاعن، والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول: أنجُ سعد، فقد هلك سعيد.
الشعراء، أهم إعلاميي بني أمية
كان الشعر بمثابة قنوات إخبارية مؤثرة، لذا استعان معاوية بشعراء كبار مثل الأخطل التغلبي، الذي أصبح شاعر البلاط الأموي، واستخدم قصائده في مدح بني أمية والهجوم على خصومهم من الهاشميين والخوارج، وجاء في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني أن الأخطل مدح بني أمية بقوله:
«ذهبت قريش بالمكارم والعُلى.. واللؤم تحت عمائم الأنصارِ»
إعادة كتابة التاريخ، هكذا انتصر الإعلام الأموي
إحدى أبرز استراتيجيات معاوية كانت تشكيل الذاكرة التاريخية، فبعد صراعه مع الخليفة علي بن أبي طالب، لم يكتفِ معاوية بالنصر العسكري، بل عمل على ترسيخ صورته كرمز للاستقرار والدهاء، مقابل تصوير خصومه كمثيري فتنة، وهذه السردية الإعلامية بقيت مؤثرة لقرون، لدرجة أن بعض المؤرخين يعتقدون أن صورة معاوية في التراث الإسلامي تشكلت بناءً على الدعاية الأموية أكثر من الحقائق التاريخية المجردة.
ويرى المسعودي في كتاب مروج الذهب أن معاوية كان يُرسي فكرة أن حكمه هو «البديل عن الفوضى» قائلًا: «كان الناس بين يديه قسمين، قسم يخشاه، وقسم يرجو منه خيرًا، فلا معارض إلا وقد أُسكت، ولا مخالف إلا وقد أُبعد».
وما يؤكد رؤية المسعودي أن معاوية بن أبي سفيان كان يؤمن أن الحكم ليس بالسيف وحده، بل بالكلمة أيضًا، لذا وظف الإعلام بمفهومه البدائي، وشكل صورة دولته في أذهان الناس، فسبق بذلك كل الأنظمة التي جاءت بعده.
هل التقط مسلسل معاوية جوانب شخصيته الإعلامية ؟
حتى الآن، يبدو أن المسلسل يركز على الصراع العسكري والسياسي أكثر من الجانب الإعلامي لمعاوية، حيث لم يبرز كيف استطاع أن يحكم بالخطب والأشعار بجانب الدهاء والسيف، وهي نقطة جوهرية لفهم كيف أسس معاوية دولة استمرت قرابة قرن.
وسيتضح من متابعة الأحداث إن كان المسلسل يسعى لتقديم مؤسس الدولة الأموية كشخصية متكاملة، من خلال عدم تجاهل دوره كأول من فهم قوة الرأي العام واستغلها ببراعة تفوق عصره، وربما لو كان بيننا الآن، لكان أول من يستخدم المنصات الرقمية بذكاء لا يقل عن استخدامه للخطباء والشعراء في زمانه.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا