حجة الإخوان مسح الثوار للتاريخ!!
كان التاريخ دوماً يُزوّر فى مصر (وربما فى دول العالم الثالث ككل)،
ولا يزال!! فمُنذ أن وقعت أحداث يناير وفبراير 2011، ونحن نحيا فى حالة تزوير مُستمرة
للتاريخ وإعلاء شديد "للغل والانتقام والأحقاد" من الماضي، بديلاً عن
بناء المُستقبل!!
فلقد ساهم الثوار، فى صعود الإخوان وبرروا لكل أخطائهم مُقدماً،
بتزوير التاريخ أمام الناس، حتى بات الإخوان يستغلون هذا التزوير فى تبريرهم
للكثير من خطاياهم. إنهم يستغلون عيباً خطيراً فينا كمصريين، هو أننا "نختلق
أخطاء زائفة لمن نكره"، وتكشف الأيام زيفها، لُنُلعن ممن يأتى بعدنا في
المستقبل. والغريب أن "انقلاب" يوليو على سبيل المثال، قد قال فى الملك
الراحل فاروق، الكثير من الأكاذيب، وفى نهاية المطاف، كُشفت تلك الأكاذيب من خلال
كتب كثيرة على مر الأجيال، كما كشفها مسلسل شهير، كتبت السيناريو الخاص به،
الدكتورة لميس جابر، وعُرض فى رمضان من العام 2007، فجعل ممن زور التاريخ في
السابق، جُناة فى حق هذا الوطن فى الحاضر!! وللأسف، لم نتعلم من الماضي، ونُكرر
أخطاءه، بينما نتكلم عن التغيير للأفضل!!
لقد تقول الثوار ونُخبهم، على الرئيس السابق ونظامه بشكل مُبالغ فيه
حتى شكلوا أفضل دعاية له، رغم أنه كان بالإمكان ذكر الحقيقة لنتعلُم منها
لمُستقبلنا إن كانوا يحبون مصر حقاً!! وقد كانت هناك أخطاءً بالطبع، ولكننا
تجاوزنا الأخطاء الحقيقية، وعشنا فى "أخطاء وهمية"، فما كان إلا أن وصلنا إلى تشويه مشهود، هو أسوأ لواقعنا!! ومهما
مسح الثوار اسم مبارك من على شوارع ومبانى مصر، فلن يمسحوا اسمه وحُقبته ودروسها
من تاريخ مصر، والرئيس محمد نجيب، خير مثالٍ على ذلك!!
لقد قال الثوار، أننا فى عصر مبارك، لم يكن ليُسمح لنا أن ننتقد
النظام أو نتكلم بحرية ضده، وهذا زيف واضح بالطبع. فاذا بالإخوان، كلما كلموك حول انتقادك
لهم، يسألونك سؤالاً استنكارياً: "هل كنت تجرؤ أن تقول هذا الكلام فى عصر
مبارك؟"، وبالطبع كان مُمكناً!! إلا أن السؤال يحمل في
مضامينه غباءً إضافياً، حيث إنهم يقارنون عصرهم، بعد ما يصفونه "بثورة
تغيير للأفضل"، بعصر يقولون عنه أنه كان "عصر قمع"؛ فكيف تستقيم
الحجة هنا، رغم أنها زائفة كُلياً؟!
ويقول الثوار، أنه فى عصر مبارك لم تتم أية إنجازات، رغم أن الإخوان
يعيدون افتتاح بعض من إنجازات الرجل دوماً!! ويُردد الإخوان كلمات الثوار فى هذا المضمار،
وكأن عصرهم هو الذى يُعبر عن الإنجازات!! ثم إن الثوار يقولون إن الاقتصاد المصري
فى عهد مبارك، كان سيئاً للغاية، رغم أن ما نتعيش منه حتى هذه اللحظة، هو "الاحتياطي
النقدي" الذى كونه مبارك لمصر، وتكلم عنه الدكتور فاروق العقدة بالتفصيل، في
إشارة إلى إنجاز حقيقي، بالإضافة إلى الطفرة الصناعية فى البلاد، والتى بالطبع لا ترقى
إلى ما كانت مصر تستحقه!!
ولتقييم تلك الطفرة بالعدل، لا يُمكن أن يكون الأمر قاصراً على مقال،
ولكن ببحث أو أبحاث، تتفهم الظروف المُصاحبة والتى تفسر أسباب عدم حدوث طفرة أفضل!!
ورغم ذلك التطور الصناعى "النسبي" والاحتياطى النقدى الذى "اعتمدت" عليه مصر
فى "نكبة العامين السابقين" ورغم أن الاقتصاد الإخوانى لم يقم بأى إنجاز
يذكر، فان الإخوان يبررون كل فشلهم الاقتصادي، بما يقوله الثوار فى هذا الصدد!!
وفى كل حادث قطار (وهى كثيرة فى عصر الإخوان، الذى لم يتجاوز الـ 7
شهور)، يتكلم الإخوان مُكررين أقوال الثوار، حول هلاك منظومة مبارك، رغم أننى قمت
بواجبى كباحث، وعرفت أن لجنة السياسات التى كان يترأسها جمال مبارك، كانت تُجهز
لأكبر عملية تطوير فى تاريخ "منظومة النقل" فى مصر، فى العام 2011، كما كانت قد بدأت
فى إصلاح الكثير من طُرق الجمهورية عبر العام 2009. وبالطبع حال ما حدث، دون إجراء
هذا التطوير. فهل يا تُرى يمكن للثوار أن يفهموا تلك الحقيقة ويتكلموا من مُنطلقها
بالحق؟! لا
أعتقد، لأننى ومن منطلق مُراقبة أفعالهم، أدركت أن الحقيقة لا تهمهم من الأصل،
ولكن الدفاع عن وجهة نظرهم "غير الموثقة" فقط، وبالتالى منحهم الفرصة
تلو الفرصة للإخوان، ليبرروا فشلهم المُستمر!!
وردد الثوار أيضاً، بأن مرسى هو أول رئيس مدنى وأول رئيس منتخب، ما
دعانى إلى إثبات هذا الزيف فى مقال سابق على الموقع الإلكترونى لجريدة فيتو،
بتاريخ 3 يناير 2013، بعنوان "لا هو أول رئيس مدني.. ولا هو
أول رئيس منتخب لمصر". ولكن الإخوان يرددون تلك الكلمات ليل نهار، ويزايدون
على زيف الثوار فى ذلك، حتى تحول الزيف إلى حقيقة، وإن أُسس على الفاسد، فى تزوير
تاريخ مصر القريب جداً والذى يعتمد على حقائق علمية، لا لبس فيها، ولكن النخبة
الثورية، باعت الحق، من أجل التكسُب بأثمان بخسة!! إلا أن التاريخ لن ينسى أبداً!!
فى النهاية، يعيب الثوار الكثير على الإخوان، ولكنهم مسئولون عما يدفع
به المتأسلمون من تبريرات، لأنهم مكنوهم بممارسة تزييف التاريخ تلك!!
علينا بقول الحق، سواءً كان مع أو ضد النظام السابق، لأن الحديث
بالباطل، لن يُضير أحداً سوانا!! إن أحد أكبر المُشكلات التى نحياها فى مصر اليوم،
هى أن حجة الإخوان هى مسح الثوار للتاريخ وتزويره!! إن المُصيبة الأكبر، هى أن الكثيرين
من العامة، صدقوا هذا الزيف، بينما آخرون يعرفون الحقيقة ويصمتون، وفى النهاية
تأتى الشكوى من أفعال الإخوان والسلفيين، فأندهش مما يحدث، ممن يريد أن يُغير وجه
مصر إلى الأفضل!!
ألا يحق لى أن أغضب وأنا أُشاهد كل هذا الزيف، ومن ثم النتيجة
المنطقية المُتمثلة فى الفوضى؟!
والله أكبر والعزة لبلادي
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.