رئيس التحرير
عصام كامل

عجز الميزان التجارى


الميزان التجارى هو مؤشر يقيس الفرق بين صادرات إنتاج الدولة من السلع والخدمات مقارنة بوارداتها من السلع والخدمات ويعطى مؤشرا على توازن قيمة عملة الدولة.


التغير فى ميزان التجارة بين الدول يؤثر مباشرة على الاحتياطى النقدى لأنه فى كل سنة هناك مقاصة تحدث بين التحويلات التى تحولها اليابان كمثال وأمريكا بحيث الفارق لنقل 30 مليار دولار لصالح اليابان تقوم أمريكا بشراء ما يوازيه بالين وبيع دولارات لتغطية العملية (نقل ين لحساب البنك المركزى اليابانى) يعنى يزيد الطلب على الين ويزيد العرض من الدولارات وهكذا..

وكذلك بين مصر والسعودية فمصر تستورد من السعودية البيتومين والسولار مثلا وتصدر لها خضراوات وفاكهة فصافى مقاصة المعاملات خلال فترة معينة "عام" هى 3.5 مليار دولار لصالح السعودية مع ثبات عملة التبادل باعتبارها عملة دولية يعتمد عليها الطرفان، والدولار يلزم مصر فى هذه الحالة أن تصدر لجهة أخرى ما يوازى هذا الرقم من الدولارات حتى يتم توازن الميزان التجارى أو اللجوء إلى الاحتياطى النقدى من الدولار مما يخفض عامل الأمان على هذا الاحتياطى.

فالتحويلات بين الدول هى سوق العملات الرئيسية وهى تعتمد على ميزان التجارة بين تلك الدول وهو ميزان متذبذب.

المضاربة على العملة المحلية بالمراهنة على انخفاضها بالبيع:

-حيث يقرأ المضاربون السوق ويتآمر أصحاب رءوس الأموال مسبقا على المضاربة على العملة المراد صعودها أو انخفاضها ثم يقومون بشراء العملة التى يتوقعون زيادة الطلب عليها ويبيعون العملة التى يقل الطلب عليها وبالتالى يحدث التذبذب فى الأسعار، ويتم استخدام الآلة الإعلامية بصورة كبيرة فى هذا الأمر ولو كلفهم ذلك الكثير من الرشوة فى سبيل تحقيق أهدافهم.

لماذا ارتفع أخيرا وبهذه السرعة؟
فى منتصف ديسمبر الماضى بعثت برسالة من موبايلى إلى أحد رجال الأعمال من أصحاب كبرى الشركات الغذائية المشهورة، قابلته عدة مرات منذ سنوات كان يريد أن يدرج شركته فى سوق المال المصرية ويعتبر من الصف الأول لرجال الاعمال .....، وكانت هذه الرسالة لتحديد ميعاد معه بغرض عرض بيع حصة لمستثمر مصرى يريد توظيف بعض سيولته الكبيرة فى قطاع الأغذية، فكان رده ربنا يزيد عليك الخير خليه يشترى دولار أفضل له ...... ! ففهمت أن فقاعة المضاربة على الدولار قادمة بسرعة وأن المضاربين اتخذوا الدولرة سبيلا للربح السريع وتنفيذا لمخطط إفساد الإصلاح الوطنى ولإرباك حسابات مؤسسة الرئاسة...

السؤال هنا لماذا تأخر انخفاض الجنيه وليس ارتفاع الدولار كما يقول العامة؟

وللاجابة عن هذا السؤال نحتاج نظرة خاصة على فاروق العقدة ونظرة عامة على سياساته بعد الثورة.

أولا: إن السياسة التى كان يتبعها فاروق العقدة محافظ البنك المركزى هى سياسة الاقتصاد الكلاسيكى الذى يعتمد على الروتين والبيروقراطية وعدم المخاطرة فى أسواق المال العالمية وهذا مما أعطاه حصانة شعبية فى أروقة النوادى السياسية والاقتصادية لشخصه كعبقرية روتينية حصنته من الوقوع فى بلايا وشراك الاقتصاد العالمى خاصة أزمة الرهون العقارية 2007 و2008 ولا يعتبر بذلك من جهابذة الاقتصاد كما يصوره بعض الصحفيين المنتفعين، رغم أن هذه السياسات حصنت ودائع المدخرين فى البنوك من مضاربة البنوك بها فى أسواق المال العالمية.
ثانيا: إن سياسة تجفيف الينابيع التى اتخذها المجلس العسكرى بعد الثورة بغرض تركيع الثورة وعدم صرف مستحقات المقاولين وأصحاب الأعمال ودفع عجلة الاقتصاد إلى التوقف والسماح بتداول الدولار بانسيابية تامة ومساعدة أركان النظام السابق فى الهروب بالدولارات من مصر على مرأى منهم رغم أن هذه الدولارات كانت تضخ من البنك المركزى بغرض الحفاظ على استقرار العملة المصرية تحت مستوى الـ 6.24 وكان الأجدر من محافظ البنك المركزى ترك العملة تصل إلى قيمتها الحقيقية نسبة إلى الناتج القومى وعدم التهاون فى المخزون النقدى ليتآكل فى ظروف صعب تعويض هذا الاحتياطى النقدى.

وكان من الممكن أيضا أن تقوم السلطة المالية متمثلة فى البنك المركزى بتخفيض قيمة العملة كأسلوب استباقى ووقائى من الاستدراج إلى تآكل الاحتياطى النقدى ولكننا إذا احتكمنا إلى نظرية المؤامرة من أفراد الدولة العميقة ولجنة سياسات مبارك وبعد أن تخلصوا من رءوس أموالهم بتصديرها إلى دبى ولندن فإننا نؤمن بأنهم لن يسلموها إلا خربة وهنا يظهر عنصر السذاجة فيمن تأملوا فيهم خيرا من "الأحزاب الإسلامية".
الجريدة الرسمية