مفاوضات الرياض بين روسيا وأمريكا.. هل تفتح أبواب الحل للأزمة الأوكرانية أم تعيد تشكيل موازين القوى العالمية؟

وسط أجواء من الترقب والحذر، احتضنت العاصمة السعودية الرياض محادثات رفيعة المستوى بين وفدي روسيا والولايات المتحدة، في خطوة تحمل أبعادا سياسية تتجاوز حدود الأزمة الأوكرانية.
بعد أكثر من أربع ساعات من النقاشات، خرج المسؤولون بتصريحات وصفوها بـ"الإيجابية"، لكنها في الوقت ذاته لم تحمل أي اختراق واضح نحو إنهاء النزاع الدائر في أوكرانيا.
ومع ذلك، فإن مجرد انعقاد هذه المحادثات في هذا التوقيت الحساس يعكس رغبة القوى الكبرى في إعادة ترتيب الأوراق، وسط تصاعد الضغوط الدولية لإيجاد مخرج من دوامة الحرب التي طال أمدها.
لم تكن هذه المحادثات مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل جاءت في ظل تحولات كبرى يشهدها المشهد الدولي. فمن جهة، تسعى موسكو إلى إعادة ضبط علاقاتها مع الغرب بعد أعوام من العقوبات والعزلة، ومن جهة أخرى، تجد واشنطن نفسها أمام واقع جديد، حيث يتوجب عليها موازنة دعمها لأوكرانيا مع متطلبات استراتيجيتها العالمية. وفي هذا السياق، لعبت الرياض دور الوسيط، مستفيدة من علاقاتها الجيدة مع الطرفين وسعيها لتعزيز موقعها كلاعب رئيسي في الساحة الدولية.
نتائج المفاوضات وأبرز النقاط الخلافية
بحسب التصريحات الرسمية، ناقش الطرفان عددا من القضايا الرئيسية، على رأسها إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، وإيجاد إطار مشترك لإنهاء الحرب بطريقة تحفظ مصالح جميع الأطراف.
وأشار رئيس صندوق الاستثمار الروسي، كيريل دميترييف، إلى أن المحادثات تناولت "تهيئة الظروف" لعقد لقاء محتمل بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، لكن دون تحديد موعد دقيق.
من جهتها، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أنه تم الاتفاق على تشكيل فرق عمل لوضع أسس لتطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن، بالإضافة إلى بحث سبل إنهاء النزاع الأوكراني. وأشارت إلى أن اللقاءات ستستمر، مما يعكس رغبة كلا البلدين في دفع المفاوضات إلى الأمام.
ورغم اللهجة الإيجابية، فإن التصريحات الروسية حملت إشارات واضحة حول ثوابت موسكو في أي تسوية محتملة. فقد أكد الكرملين أن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي يعد "حقًا سياديًا"، لكنه رفض بشكل قاطع أي وجود لقوات أوروبية على الأراضي الأوكرانية، محذرًا من تصعيد عسكري محتمل إذا استمرت أوروبا في دعم كييف بالسلاح.
كما شددت موسكو على أن أي حل سياسي يجب أن يضمن الاعتراف بضمها للأراضي التي سيطرت عليها في شرق أوكرانيا، وهو ما ترفضه كييف والغرب تمامًا.
أوروبا بين القلق والترقب
بينما لم تشارك أوكرانيا بشكل مباشر في هذه المفاوضات، فإن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المتوقع أن يصل إلى الرياض الأربعاء، لكن دون التخطيط للقاء مسؤولين روس أو أمريكيين، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى تأثير كييف على مجريات التفاوض.
هذا الغموض أثار قلق العواصم الأوروبية، التي سارعت إلى الدعوة لاجتماعات طارئة، في محاولة لتحديد موقف موحد تجاه أي اتفاق قد يتم التوصل إليه بين موسكو وواشنطن.
في باريس، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اجتماع طارئ لدول الاتحاد الأوروبي لمناقشة تداعيات المفاوضات، بينما طالبت بريطانيا بتوضيح مدى التزام الولايات المتحدة بحماية مصالح أوكرانيا.
فقد أبدت العديد من العواصم الأوروبية مخاوفها من أن تتوصل واشنطن وموسكو إلى تسوية لا تأخذ في الاعتبار موقف كييف أو مصالح أوروبا الأمنية، وهو ما قد يعيد رسم خريطة التحالفات في القارة العجوز.
الدور السعودي وأبعاده الاستراتيجية
لم يكن اختيار الرياض لاستضافة هذه المحادثات مجرد مصادفة، بل جاء في سياق التحولات التي تشهدها السياسة الخارجية السعودية. فمنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تبنت المملكة موقفًا متوازنًا، حيث امتنعت عن الانحياز لأي طرف، وعملت على لعب دور الوسيط بين موسكو وكييف. واستضافة هذه المفاوضات تعزز من مكانة السعودية كقوة إقليمية قادرة على التأثير في الملفات الدولية الكبرى.
كما أن الدور السعودي يعكس رغبة المملكة في توظيف دبلوماسيتها لحل الأزمات الدولية، بما يتماشى مع رؤيتها الاستراتيجية لتوسيع نفوذها عالميًا. فنجاح هذه المفاوضات – حتى لو كان جزئيًا – سيعزز صورة الرياض كلاعب دبلوماسي فاعل، ويفتح أمامها آفاقًا جديدة للتأثير في ملفات أخرى، سواء في الشرق الأوسط أو خارجه.
المستقبل المجهول للصراع في أوكرانيا
رغم الأجواء الإيجابية التي أحاطت بمفاوضات الرياض، إلا أن الطريق إلى حل شامل للأزمة الأوكرانية لا يزال مليئًا بالعقبات. فمن ناحية، لا تزال الفجوة واسعة بين مطالب روسيا وموقف أوكرانيا المدعوم من الغرب. ومن ناحية أخرى، فإن الموقف الأوروبي المتشدد تجاه موسكو قد يعقد أي جهود أمريكية للتوصل إلى تسوية سياسية.
وفي ظل هذه المعطيات، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار المحادثات في جولات لاحقة، ربما بمشاركة أوسع من الأطراف المعنية، بما في ذلك أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لموسكو وواشنطن تجاوز خلافاتهما والوصول إلى اتفاق يضع حدا للحرب، أم أن هذه المحادثات ليست سوى محاولة مؤقتة لإدارة الأزمة دون حلها جذريًا؟
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا