رئيس التحرير
عصام كامل

من أجل إنقاذ الوطن

جاءت حالة العنف التي شهدتها البلاد بعد فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، لتسجل سقوط عدد ضخم من القتلى والجرحى، شمل الجميع بداية من المتظاهرين، مرورا بالقوات الأمنية، وانتهاء بالمواطنين الذين لم يكونوا طرفا بالأساس في المعادلة منذ بدايتها.
فمنذ فض الاعتصامين ودائرة العنف تتسع كل يوم عن اليوم الذي قبله، وتتسع معها رقعة الدماء، وهو ما يجعلني على يقين تام من أن اختيار الحل الأمني للتعامل مع الأزمة التي خلفتها عزل محمد مرسي، لم يكن هو الاختيار السليم، فعلى الرغم من إدراكي جيدا لحجم الخسائر الجسيمة التي تسببا فيها هذان الاعتصامان، إلا أن الخسائر التي تسبب فيها اتخاذ قرار الفض كانت أكبر وأفدح بكثير، وخاصة في ضوء عدم تحقيق الأهداف المرجوة من القرار. 
فقد كانت أولى أهداف فض الاعتصامين هو القبض على القيادات التي تورطت في إراقة دماء المصريين والتحريض على العنف والإرهاب، وهذا لم يحدث فما زالت هذه القيادات حرة طليقة، أما ثاني الأهداف فقد كان استهداف المسلحين داخل الاعتصامين وتوفير الخروج الآمن للعزل، وهذا لم يحدث أيضا، وخير دليل على ذلك سقوط العديد من القتلى من السيدات واللاتي بالتأكيد لم يكن مسلحات، أما ثالث هذه الأهداف وأهمها فقد كان حماية المواطنين من أعمال الإرهاب التي يرتكبها بعض أنصار الرئيس السابق، وهو ما لم يحدث على الإطلاق، فمنذ اتخاذ قرار الفض وحدة الإرهاب تتزايد بشكل مستمر.
وبالتالي فقد أصبحنا أمام واقع مرير يزداد تعقيدا كل يوم عن اليوم الذي قبله، وهو ما يتطلب ضرورة البحث عن حل سياسي بديل للحل الأمني، أو على الأقل مصاحب له، يضمن إبعاد الوطن عن شبح الفوضى والاقتتال الأهلي، وتحقيق العدالة الانتقالية، وإجراء مصالحة وطنية تشمل كافة الأطراف، باستثناء من تلوثت يداه بالدماء.
أدري جيدا أن الغالبية العظمى من الشعب الآن تفضل التعامل أمنيا مع الأزمة الحالية، وترفض الحل السياسي، ولكن يجب عليهم قبل حسم موقفهم بشكل نهائي أن ينظروا إلى عدة اعتبارات أولها التجارب والخبرات السابقة في التعامل مع أعمال الإرهاب والعنف سواء داخل مصر أو خارجها، والتي أثبتت أن استخدام الحلول الأمنية وحدها دون وجود حل سياسي، غير مجد على الإطلاق، ويزيد من حدة العنف، وأن ينظروا أيضا إلى أن إنهاء معظم هذه التجارب تم على مائدة الحوار، وذلك بعد سقوط الآلاف من القتلى.
كما يجب على هؤلاء أيضا أن يضعوا في اعتبارهم أن الإخوان المسلمين -بعيدا عن أنهم فصيل سياسي- فهم فصيل اجتماعي كبير متواجد بقوة داخل المجتمع، ولا يمكن القضاء عليه نهائيا، وشئنا أم أبينا سنعيش جميعا معهم في وطن واحد.
وأخيرا يجب على كل من يرى أنه سيكون قادرا على تحمل هذا المشهد الدموي، أن يدري جيدا أن الشعب المصري أضعف من ذلك بكثير، وأنه لو استمر الوضع على ما هو عليه الآن ستتسع دائرة العنف، وستمتد رقعة الدماء لتصل لكل بيت في مصر، وعندها سيناشد هو بنفسه كافة الأطراف المسئولة لإيجاد حل سياسي للحفاظ على ما سيتبقى من الوطن.
nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية