سر الأبواب المقفلة والمفاتيح المكسورة
فى حياتنا نمسك بأيدينا مفاتيح كثيرة، منها مفاتيح اختياراتنا لأبواب مغلقة نطمح لفتحها، حتى نشهد خلفها أحلامنا تتحقق، ولكن قد تتصدى لإرادتنا البشرية إرادة أعظم هى مشيئة الله وأقداره تسيرنا، فتنكسر مفاتيح اختياراتنا، فنبدأ أن نشق طريقا مختلفا، ونتجه صوب أبواب أخرى لم نفكر يوما بوجودها، ولم يتوارد لأذهاننا أن نقف أمامها، ونضع مفاتيح جديدة، تغير كل أحلامنا وطموحاتنا السابقة، وحينها نكتشف سر المفاتيح التى انكسرت، وسر المفاتيح الجديدة، إنه سر تقلُّب الإنسان بين إرادته البشرية وبين المشيئة الإلهية، وسر علاقة إرادته بأقدار الله، وسر الإبحار بسفينة الحياة وقد تعلمنا ما تخفيه البحار، وحين يعلو الموج الهادِر وينزل فتحتضنه الرمال، وحين نرسو على شطآنها، ونستقر على سطح الأرض، ونمضى فى طريقنا بخطى ثابتة، متمسكين بعزيمتنا على الاستمرار، وبإصرارنا على تحقيق أهدافنا بعد استخارة الله واستشارة الثقات، واستقبال النتائج بنفوس راضية.
إننا لا نملك إلا أن نطرق أبوابا كثيرة، ونجتهد ونصر على إمضاء ما نميل إليه بإرادتنا، محاولين أن نلج الأبواب التى نتصوَّر أن خلفها تنتظرنا السعادة، ولكن يسبق علم الله إرادتنا، فيصرف عنا شرا ينتظرنا فى ديننا، أو معاشنا، أو عاقبة أمرنا، فتظل الأبواب مقفلة، وتنكسر المفاتيح، فنضطر للبحث من جديد، وننصرف إلى أبواب لم نكن نسعى إليها، ولكن سبق علم الله إرادتنا أن من ورائها خيرا كثيرا، فنكتشف حينها سرا ثالثا هو سر تذوق حلاوة النجاح بعد الفشل، وسر تذوق حلاوة الانتصار بعد تذوق مرارة الهزيمة، وهكذا نتعلم من أقدار الله دروسا فى معرفة الله بنقض عزائمنا ومخالفة اختياراتنا، وتغيير صفحات من تاريخنا، وإقفال أبواب وفتح أبواب، وانكسار مفاتيح وامتلاك مفاتيح جديدة ..