رئيس التحرير
عصام كامل

الخجل الطبيعى


من منا لا يعرف الخجل ولا يعانيه عند مواجهة الناس؟ منه ما هو طبيعى وما هو مصطنع .. منه ما هو محمود و منه ما هو مذموم .. منه ما يحفز على النجاح ومنه من يمنع عنا أى نجاح.


عند الخجل تتوقف الإرادة وتتعارك الأفكار وتختلف؛ لأن الإنسان يدخر كل الطاقة الداخلية له لإحساسه بأنه دون الموقف المواجه وأنه ينظر إليها، على أنها خذلته فى مواجهة الموقف مما يندى له الجبين ويظهر على أنه تغير فى طبيعة وظائف الجسم التى لا يمكن إخفاؤها ليس فى المواجهات فقط وإنما تشعر أيضا عن طريق المحادثات التليفونية ووسائل الاتصال حتى المكتوب منها؛ لأن العنصر المسيطر على مصدر الرسالة يحتويه الخجل.

كل منا له ما يسعى إليه من النجاح أو الرفاهية أو الأمان أو غير ذلك فكل منا لديه طموحه وآماله وكل منا لديه ما يسعى إليه ليؤمن له القادم من حياته كيما يرى وحينما يرى ذلك أيضا.

ومن خبرتى السابقة فى تعديل السلوك الإنسانى على مختلف الطبقات، كانت الإجابة الدائمة عن كل مشكلات الفشل الاجتماعى ... إجابة واحدة هى الخجل أو ما يسمى الكسوف .. حتى وإن كان محمودا فى الكثير من العائلات التى علمت أجيالا أن الكسوف من السمات المميزة للجمال إلا أن هذا الكسوف تعدى الكسوف الصحى ودخل إلى حدود أوسع ليصل إلى حد الضرر ومنح الآخرين حق الدخول إلى حدود شخصياتنا والتعدى عليها.

لا يتوقف الأمر عند ذلك، إلا أنه يتعدى إلى إقصاء الإنسان من أى وظيفة بها تحد أو سيطرة إلى الوظائف التى تتسم بالتبعية المطلقة وعدم التطوير، ليبقى الإنسان متقادما مع مرور الزمان وتختزل كل قدراته إلى الدرجة التى تصل به إلى انعدام ثقته بنفسه أو قدرته على الإبداع وتحقيق الرفاهية لنفسه أو للمجتمع الذى يعيش فيه، ولا تقتصر الأمور على ذلك بل تتعدى إلى جعله دائما فى نهاية الطابور.. وفى العمل فى أدنى الدرجات الوظيفية وغالبا ما تكون الوظائف الروتينية التى لا تنطوى على التفاعل بين الناس.

إن على الآباء الذين تربوا على هذه الصفات أن يقوموا بتعديل القناعات أن الخجل والطاعة العمياء هما ما ينتجان أجيالا تصبح هشة ضعيفة لا تفيد، وللأسف سنكون نحن من أثرنا عليهم بما نمتلك من قناعات و تصورات فى أغلب الاحيان هى مفرزات ثقافات أجيال سابقة قد تفيد وقد تضر.

الكثير منا منعه الخجل يوما أن يحقق النجاح إذ إن الآخرين لا يثقون بالإنسان الخجول .. إنهم يفسرون شخصيته بأنه إنسان منغلق يريد الوحدة وينبذ التفاعلات وينبذ الآخرين وعليه يتركه الآخرون لذاته لعلها تفيده ومن النجاحات التى حققها مشاهير العالم لا نجد منهم  من يخجل من أنفسهم لا تصنعا ولا طبيعة إنما هناك خجل صحى لابد ألا يتعدى حدود الصحى منه.

علينا أن نرى فيمن يتفاعل معنا كيف يفكر وكيف هى قناعاته وعلى ماذا ترتكز حتى نرتب أنفسنا ومسافاتنا منه، هل سنخضع أو نسيطر أم ستكون العلاقه هى التساوى؟ .. إنه ترتيب لموازين القوى التى لا يعلم عنها الفرد شيئا إلا حين يخضع أو يسيطر دون أن يشعر.

لا يستطيع أحد أن يضع ثقته إلا فيمن يثق بنفسه وبأفكاره وبقدرته على تحقيق المستحيل، أولئك هم من يجمعون الناس حولهم وهم من يحققون النجاحات المتتالية ويحققون أمنياتهم وأمنيات الآخرين فيهم.


الجريدة الرسمية