حكام سوريا الجدد.. هجين عنيف يفخخ طريق التواصل.. خبراء: الدولة مقسمة واستقرارها رهينة حركة إصبع خارجى.. عمرو الديب: الشرع يعاد صياغته والتعويل على نجاح هيئة تحرير الشام أحلام
بشار الأسد.. قائد عربى سجل اسمه فى تاريخ المنطقة بجميع المفردات المرتبطة بالقمع والديكتاتورية، لم يترك وسيلة تعذيب إلا انتهجها، رهن بلده لصالح طائفته -العلويين-، جوع شعبه وأهدر كرامتهم، سجنهم وأعدمهم وهجرّهم، خصب الأرض لأجندات خارجية وزرع الجواسيس والعملاء، تفوق على والده حافظ فى تقطيع أوصال الدولة، لم يشفع التعليم الغربى لدى عقله لاستبدال أفكاره.
مهما تحدثنا أو سردنا عن جرائم الأسد فى حق شعبه ووطنه وجيش بلاده لن تكفى مجلدات لتفريغ مكنون الصدور ضد بشار وإخوانه وأفراد عائلته وطائفته، حجز لنفسه نصيب الأسد من الكراهية لدى العرب والمسلمين والسوريين فى قلوبهم، لكنه رحل وانتهت حقبته وهذا كافٍ، ليبقى السؤال الأهم هل حكام الدولة الجدد جاهزون لتلبية الطموحات؟ انتهت الاحتفالات فى ساحة الأمويين واستُبدل علم البلاد الرسمي، ذهبت السكرة وجاءت الفكرة.. سوريا إلى أين؟
منذ صبيحة التاسع من ديسمبر الماضي، بدأت حملة الترويج لـ أحمد الشرع وعناصره من هيئة تحرير الشام، والفصائل المنضوية تحتها التى شاركته فى الزحف العسكرى بدون مقاومة حتى وصلوا إلى قلب العاصمة، بددت أشعة الحقائق الخفية ظلمات ليلة هروب الأسد، وتكشفت الكثير من المعلومات، فالأحداث لم تكن ثورة كما يحلو للبعض تسميتها، ولم يكن انتصارا مسلحا لكون الجيش السورى لم يقاتل من الأساس.
أيضًا لم يسقط نظام بشار، فما جرى ويجرى مجرد صفقة تفاهم كبرى بين عواصم ظلت فاعلة فى الأزمة منذ تفجرها قبل عقد ونصف العقد من الآن، تخلّت إيران طواعية عن حليفها القديم هربًا من ساحة وضعتها فى مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وبعد خسارة أذرعها الواحدة تلو الأخرى، فضلت الهروب إلى خلف شط العرب خشية دفع أراضيها فاتورة باهظة التكاليف مع اقتراب ترامب من العودة إلى البيت الأبيض.. تركيا وجدت ضالتها المنشودة فى دمشق منذ عقود، قوى عربية أنفقت خلال الأعوام الماضية مليارات الدولارات لإسقاط الأسد وباعتراف قادة أجهزتها الأمنية اعتبرت الوضع فرصة ذهبية لتعويض خسائرها، حتى روسيا المستفيد الأكبر من آل الأسد يبدو أنها ضمنت مصالحها وملت من وضع أنبوب الأكسجين لإنقاذ مريض عنيد، تل أبيب وواشنطن يستعدان لهذا السيناريو منذ عقود ووضعا له الخطط القابلة للتنفيذ.
الغريب وسط كل هذا التضاد الذين جمعهم الاتفاق على ضرورة رحيل بشار، توافقهم أيضًا على شخص أحمد الشرع (الجولانى سابقًا) وفصائل جميعها ولدت من رحم داعش والقاعدة، تحمل من التطرف ما يكفى لذبح البشر بدون حسابات، ومنذ 2011 وسط خضم جرائم الأسد وميليشياته شاهدنا للحكام الجدد جرائم تبعث على القلق من المستقبل وما يتملك هؤلاء من أهداف، وبمجرد اعتلائهم كراسى السلطة بعيدًا عن خطابات الإعلام الودية جاءت صور الشوارع والطرقات بما يثير الخوف من قادم الأيام، بعدما شملت حرق المقابر وإشعال النيران فى شجرة الكريسماس وتنفيذ الإعدامات الميدانية بطريقة هجومية تخالف خطابات المنهجية المعدة لتلميع الصورة.
ما ذكر فى السطور السابقة مجرد إلقاء الضوء على صورة لما حدث ويحدث حاليًا، لكن لفهم المستقبل لابد من العودة بالتذكير لهجين الميليشيات أو اللون الواحد لحكام سوريا الجدد، وطرح السؤال الشائك عن التقارب والسير فى الطريق إلى دمشق الذى بات محفوفًا بالمخاطر، أو التمهل لحين اتضاح الصورة وترقب نجاح زمرة الحكم الجديد فى التخلص من أفكارهم المتشددة بشكل حقيقي، أم أنهم مجرد بداية لموجة جديدة تستهدف تدمير المنطقة بدأت منذ تحريض صدام على غزو العراق.. وهذه نقطة تتركها «فيتو» للخبراء يجيبون عنها تجنبًا لفرض الرأى الخاص على القارئ بهدف وضع تصور موضوعى لما يجب على العرب ومصر اتباعه فى رسم سيناريوهات التعامل مع الشرع ورفاقه.
فى الوقت الذى يستمر فيه تقاطر الوفود الغربية والعربية على العاصمة السورية «دمشق»، تراقب مصر بحذر تداعيات ما يحدث فى سوريا، وتتمهل خطوات التقارب مع نظام الجولانى لقناعة القاهرة بضرورة التأنّى ومراقبة تطورات الملف، خاصة أن حكام سوريا الجدد قادمون من رحم تنظيمات متطرفة متنازعة الأهواء وغير معلومة الأهداف.
بالرغم من ذلك لا تتردد مصر فى دعم الجارة العربية كدولة بغض النظر عن أسماء نظام الحكم، وساندت الدبلوماسية المصرية «دمشق» دبلوماسيًا ضد العدوان الإسرائيلى الجائر على أراضيها، وعبرت على لسان رأس الدولة -الرئيس عبدالفتاح السيسي- ووزير الخارجية بدر عبدالعاطي، عن دعم مصر لوحدة وسلامة الأراضى السورية وضرورة الحفاظ على استقرارها، وطالبت الأطراف المعنية بعبور المرحلة الحالية بالتوافق دون إقصاء.
لكن تظل المخاوف على مستقبل سوريا، نظرًا لخلفيات الحكام الجدد، علاوة على تدخل قوى إقليمية ودولية فى تحريك أوراق اللعبة، وبرز على الأرض هناك صراع المشاريع الإيرانية والتركية والإسرائيلية إلى جانب المعسكر الشرقى (الصين وروسيا).
وحول أسباب التردد المصرى فى تطبيع العلاقات مع حكام سوريا الجدد، والقلق من تاريخ هيئة تحرير الشام، قال الدكتور عمرو الديب، خبير العلاقات الدولية والأستاذ بجامعة “لوباتشيفسكي” الروسية، إن نجاح هيئة تحرير الشام فى الوصول إلى العاصمة السورية دمشق وهروب نظام بشار الأسد لا يعنى بأى حال من الأحوال أنها جبهة قوية، أو أنها جبهة مؤثرة.
وتابع: “هذه الجماعة والجماعات الأخرى التى تصنَّف إرهابية فى جميع دول العالم حتى الآن، عاشت فترات طويلة جدًا فى كنف الدعم التركى اللامحدود ولكن لم تجد لنفسها أى إمكانية فى الحصول على العاصمة دمشق أو الحصول على كرسى الحكم فى دمشق.
ولكن من ساعدها فى هذا الوصول هو ضعف النظام السياسى السوري، وعدم مقدرة النظام السياسى السورى على ترجمة انتصاره بالمساعدة الروسية الإيرانية على الجماعات الإرهابية على مدار أكثر من 11 عامًا.
وهذا الأمر منتظر دائمًا من الأنظمة القمعية بشكل مبالغ فيه، فمعظم أنظمة العالم السياسية أنظمة فى حد ذاتها قمعية سواء فى السياسة أو السلطة أو الحكومة، فلا يمكن لأى أحد فعل ما يريده داخل كل دولة، ولكن ازدياد وتيرة هذا القمع والسلطة الأمنية بشكل مبالغ فيه فى كل نواحى الحياة أدى فى النهاية إلى سقوط النظام بسرعة كبيرة جدًا.
فجنود وأعضاء هذه السلطة لا يمكن التعويل عليهم فى الدفاع عنها بأى حال من الأحوال، لذا فلا يمكن القول إن جبهة هيئة تحرير الشام أو الجماعات المرتبطة بها والمتحالفة معها جبهة قوية جدًا ونجحت وما إلى ذلك، ويمكن ما تم وصفه بالنجاح المؤقت، لا يمكن الحكم عليه إلا بمرور فترة زمنية لا تقل عن عام.
وبشأن مسألة تدافع الدول العربية والغربية لفتح قنوات معهم، يتم بدعم تركى ومتطلبات تركية واضحة من أجل أن يتم شرعنة هذه السلطة الجديدة.
واستطرد: “حتى التريث فى التواصل هو أمر فى حد ذاته خطأ، فلا يمكن التعويل على هذه السلطة، ولا يمكن الإيمان بأنها ستنجح، فسوريا أرض مقسمة بالفعل وستقسم أكثر وأكثر، تتعارض على أرضها قوات فرنسية وروسية وتركية وإيرانية وأيضًا محتلة من قبل إسرائيل فى بعض أجزاء الجنوب السوري. إذًا نحن أمام سلطة فقط تم تغييرها من أجل تركيا لا أكثر ولا أقل.
ويجب التذكير، أن تركيا نجحت فى إقناع إيران وروسيا بالتخلى عن الأسد، وهنا طبعًا علامات استفهام كثيرة حول الموقف الروسى والإيراني، ولكن ستظهر مع مرور الوقت ماذا ستكسب روسيا على الصعيد الأوكرانى وآسيا الوسطى وكذلك إيران على صعيد العقوبات.
هذه السلطة نجحت مع عامل الضعف السورى وليس بقواتها فى الوصول إلى كرسى الحكم فى دمشق وليس فى سوريا. ومسألة تطورها مرتبطة بعوامل كثيرة حتى تركيا نفسها تقول هذا الأمر، الدولة أصبحت أرض يتواجد فيها العديد من اللاعبين والأصابع، وعند حركة أى إصبع ستنقلب كل الأمور داخل سوريا. وما هو مؤكد حتى الآن هو عدم استقرار سوريا.
ومن جانبه قال بشير عبد الفتاح الكاتب والخبير السياسى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية، الحذر المصرى يعود إلى عدة اعتبارات، أولها، أن هذه الإدارة تحتكر القرار السياسى وإدارة الدولة وحدها وهو ما أقر به الشرع خلال تبريره لتشكيلة اللون الواحد، ومصر ترى ضرورة إشراك كل ألوان الطيف السياسى فى إدارة سوريا الجديدة، تجنبًا لتكرار أخطاء الإقصاء التى مارسها نظام بشار.
الأمر الثاني: أن هذه الإدارة الجديدة لها خلفيات جهادية تكفيرية وصيغ مع تنظيمات إرهابية كالقاعدة وداعش، صحيح أنها أعلنت فك الارتباط لكن لا تزال أفكار هذه التنظيمات موجهة لها بشكل كبير وهذا ما ترفضه مصر التى تريد سوريا دولة موحدة ذات سيادة مستقلة مدنية، ودولة مواطنة تتسع للجميع تقوم على حكم مدنى ديمقراطى وليس حكم دينى يترك المجال للتنظيمات التكفيرية لتوجيهها.
وتابع: أيضًا مصر ترفض إعادة نموذج الإسلام السياسى الذى يسمى معتدلًا أو ليبراليًا وتسويقه فى المنطقة العربية بداية من سوريا، وأيضًا لا يوجد تنسيق أمنى واستراتيجى ما بين الحكومة الحالية فى سوريا والقاهرة لذلك نجد أن جسور الثقة لم تبن بعد.
واستكمل: “بالنسبة لتركيا، فهى تريد أن تكون أكبر الرابحين لما جرى فى سوريا بعد إسقاط الأسد، إسرائيل هى الرابح الأكبر تليها أنقرة التى تريد تحقيق مكاسب تاريخية فى سوريا.
وذلك من خلال أولًا: استبقاء سيطرتها على الشمال السورى الذى يعتبر جزءا لا يتجزأ من الأراضى التركية وفقًا لما يسمى بالميثاق الملى لعام 1919، فتركيا تريد أن يكون لها دور كبير فى إعادة الإعمار فى سوريا والتى تصل إلى 400 مليار دولار.
كما أنها تريد أيضًا الاستثمار فى مجال الطاقة فى سوريا لما تتمتع به من ثروات من النفط والغاز والمعادن فى شرق الفرات التى يسيطر عليها الأكراد وقوات قسد، وهى تريد أن يكون لها دور فى أمن الطاقة السورى الذى سيساعد على لعب دور الممر الاستراتيجى للطاقة إلى أوروبا.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا