الأيام المصيرية فى سوريا.. تحركات تركيا تهدف لرسم مسار مستقبل الدولة السورية بما يخدم مصالحها.. باحث سياسى: وضع قوات سوريا الديمقراطية فى شرق الفرات قد يفجر خلافًا بين أنقرة وواشنطن
تتزايد طموحات الدول وسعيها نحو تحقيق مصالحها عبر التدخل فى رسم مستقبل دول الجوار، بهدف فرض إعادة تموضع لمكانتها على الصعيد الإقليمى والدولي، وعادة ما تمكن المقدرات الاقتصادية والعسكرية الدول صاحبة المشاريع، من تمدد نفوذها السياسى والاقتصادى والثقافى والاستراتيجى بشكل عام.
الدور التركي
وخلال الفترة الماضية فرضت تركيا نفسها على المشهد الإقليمى بظهورها كفاعل أساسى فى الملف السوري، وسط الشكوك التى تحوط بها والمتعلقة برعايتها ودعمها لهيئة تحرير الشام، بهدف الاستعانة بها فى التخلص من الرئيس السورى الهارب، بشار الأسد.
ورغم نفى أبو محمد الجولانى زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) تلقى دعم من أى جهة فى حراكه المسلح ضد نظام الأسد، لكن الدلائل تشير بما لا يدع مجالًا للشك حول هندسة تركيا لدور تلك الفصائل المسلحة، بداية من تجهيزها فى إدلب حتى وصولها إلى قلب دمشق والسيطرة على الدولة السورية.
وظهر ذلك جليًا نهاية الأسبوع الماضي، بوصول وفد تركي- قطرى إلى العاصمة السورية دمشق، للقاء أبو محمد الجولانى (أحمد الشرع)، القائد العام لغرفة التنسيق العسكرى ومحمد البشير، رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال، بهدف دفع القيادة السورية الجديدة إلى الانخراط فى المجتمع الدولى والدفع نحو حوار سياسى داخلي.
وضم الوفد وزير الخارجية التركى هاكان فيدان، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، ورئيس جهاز أمن الدولة القطرى خلفان الكعبى برفقة فريق استشارى كبير، كأول وفد رسمى يزور سوريا منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد.
تجهيز الجولانى
وأثارت هذه الزيارة العديد من التساؤلات حول أسرار الدور التركى فى التفاهمات بين الجولانى والدول الكبرى، وكذلك دورهم فى ترتيب الاتصالات بين هيئة تحرير الشام والأمريكان، بالإضافة إلى نوايا تركيا تجاه الأكراد.
وردًا على تلك التساؤلات قال أحمد شيخو، الكاتب والباحث السياسى الكردي، إنه من المتعارف عليه أن تركيا لعبت دورًا رئيسيًا فيما حدث فى سوريا فى الفترة الأخيرة، ومساعدة جبهة النصرة “سابقًا” أو هيئة تحرير الشام الموجودة فى محافظة إدلب والتى تربطها حدود مع أنقرة.
وأشار إلى أن تركيا لعبت دورًا كبيرًا فى مساعدة هيئة تحرير الشام، التى شملت تمويلها بالسلاح اللازم حتى تأمين تواصلهم مع الأوكرانيين لتدريب عناصرها على استخدام المسيرات التى تعرف بشاهين.
فتركيا أيضًا، كما يقول الباحث الكردي، قبل سقوط النظام السورى بيوم شاركت فى اجتماع فى العاصمة القطرية الدوحة، كما أنها لعبت أيضًا دورًا فى تفاهمات بين روسيا وقطر والدول الإقليمية الأخرى، إذا فتركيا هى من دفعت هيئة تحرير الشام إلى الذهاب لإسقاط النظام السورى السابق.
وتابع: أيضًا هناك مجموعة تعرف بالجيش السورى الحر، متواجدة فى مدينة عفرين فى “الباب أوعزاز بين رأس العين وتل الأبيض” هذه المجموعة تدربها تركيا وهى موالية لتركيا تمامًا، وتركيا استخدمت هذه المجموعة للهجوم على منطقة الرفعة ومنبج.
أيام مصيرية
وأكد شيخو أن هذه الأيام مصيرية فى حياة الدولة والمجتمع السوري، خاصة أنه يتم إعادة أو هيكلة مجمل مؤسسات دولة مثل الجيش والدستور وحل الأجهزة الأمنية، فهناك لحظات مفصلية، وتركيا تتواجد فى هذه اللحظات المصيرية لرسم مسار مستقبل الدولة بما يخدم مصالحها.
وأكمل، ربما تكون هناك محاور منافسة، مثل الإماراتى الروسي، أو النفوذ الإسرائيلى أو النفوذ الأمريكي، إلى مستوى ما، بمعنى أن هناك محاولة من أنقرة لترتيب المشهد القادم فى سوريا لصالحها، خاصة أننا أمام مرحلة من البناء والتحول وأيضًا مرحلة من إعادة الإعمار والأمور الاقتصادية الأخرى.
فتركيا تريد أن تتواجد بقوة وزيارة رئيس الاستخبارات لها دلالة كبيرة، لكن فى نهاية المطاف أنقرة ليست الفاعل الوحيد فى سوريا، فإضافة إلى إسرائيل وأمريكا يوجد أيضًا دور ونفوذ عربى لابد منه، فكل هذه الأدوار تريد تركيا أن تستأثر بدور كبير فيها.
ويرى المحلل الكردى أيضًا أن لتركيا أهدافا واضحة فى إقصاء الأكراد وتصفية أى قوة كردية فى سوريا، فهى تحتل مدينة عفرين ذات الأغلبية التركية ورأس العين وتل الأبيض ومدنا كثيرة، فهى تتذرع بالأمن القومى كثيرًا.
ونعلم جيدًا أنه لا يوجد هناك أى تهديد من الكرد فى سوريا على تركيا، لكنها تستغل الأوضاع للتمدد شمالًا خاصة أن الإعلام التركى يعرف أن الأتراك يعتقدون أن هذا ما حدث فى سوريا انتصار لهم، حتى أن قلعة حلب تم رفع العلم التركى عليها.
الميثاق الملي
هى شكلت ما يسمى فى تركيا “الميثاق الملي” -وهو الاتفاق الموقع فى 28 فبراير عام 1920، إثر هزيمة السلطنة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى وسقوط معظم أراضيها فى يد الحلفاء، ووقع الاتفاق على الميثاق الملى مجلس المبعوثين العثمانى والذى كان يشبه البرلمان حاليًا، وكان بين المبعوثين أو النواب العثمانيين حينها قيادات تركية وكردية وبعض القيادات العرب- بمعنى أن الأتراك يزعمون أنهم نفذوا كثيرًا من طلباتهم ضمن هذا الميثاق المشروع وبالتالى لتركيا أهداف واضحة فى تصفية الأكراد والقضاء عليهم وتغيير الديموغرافية.
فهذا الموقف التركى تجاه الأكراد يشكل تحديًا كبيرًا تجاه الدولة السورية القادمة والجيش السورى القادم كوننا أمام تحدٍ كبير فى الشمال السوري، وأردوغان يحاول السيطرة على كل هذا الشمال ذى الغالبية التركية ومنع أى حقوق مشروعة للشعب الكردي، وتريد الضغط على دمشق لكى لا يكون هناك أى اعتراف بحقوق المكونات الأخرى فى سوريا.
جملة من الأهداف
من جانبه قال الدكتور كرم سعيد، الباحث فى الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات، أتصور أن زيارة رئيس الاستخبارات ووزير الخارجية التركى لدمشق كانت تحمل جملة من الأهداف، أولها ترتبط بتعزيز حالة الاستقرار فى الداخل السوري، والتأكيد على مساحة التفاهمات بين هيئة تحرير الشام والفصائل الموالية لتركيا خاصة فيما يتعلق بالعملية العسكرية الدائرة الآن شرق الفرات ما بين فصائل المواجهة التركية وقوات سوريا الديمقراطية.
الأمر الآخر، وفق كرم سعيد، هو إدارة مسألة التفاهمات ما بين هيئة تحرير الشام والقوى الإقليمية والدولية، فى ظل وجود مؤشرات على توجه الولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى الغربية لإعادة النظر فى وضع هيئة تحرير الشام وإزالتها من قوائم الإرهاب، هذا بجانب مسألة إدارة الترتيبات وإقامة حوار ما بين الفصائل السورية التى شاركت فى إسقاط الأسد، لا سيما وأن هذا الأمر يحمل أولوية استراتيجية فى هذا التوقيت، خصوصًا أن هذه التيارات بينها تباينات سياسية وأيديولوجية، وبالتالى حدوث اختلالات فيما بينها خلال المرحلة المقبلة سينعكس على مدى سيطرتها على الداخل السورى وترسيخ صورتها الذهنية، وهذا الأمر بالتبعية سينعكس على المقاربة التركية للمشهد السورى فى التوقيت الحالي.
تركيا تسعى إلى إدارة هذا الملف بشكل واضح للفصائل السورية، باعتبارها داعما رئيسيا لتيار وقطاع واسع منها، لكن يبقى الأمر مرهونًا برؤية الولايات المتحدة الأمريكية لتطور الأحداث فى سوريا، وعلى ما يبدو أيضًا، أن واشنطن مؤيدة لما حدث ويحدث على الأرض، وأعطت الضوء الأخضر لتقدم عناصر هيئة تحرير الشام والفصائل السورية المسلحة المنضوية تحتها، لكن تظل هناك نقاطا أمريكية تتعلق بمستقبل قوات سوريا الديمقراطية فى شرق الفرات، ووجودها العسكرى وحضورها السياسي.
هذا الأمر السابق الإشارة له، يرى كرم سعيد، أنه ربما يكون محل خلاف سياسى مع أنقرة خاصة فى ظل محاولات تركيا فى هذا التوقيت لتوظيف ما يحدث لرفع الغطاء الأمريكى عن دعم قوات سوريا الديمقراطية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا