بين المكافآت واللقاءات.. تناقض السياسة الأمريكية تجاه جولاني سوريا.. الشرع يقدم نفسه كقائد إصلاحي وسط ترحيب دولي متحفظ.. وتوقعات بمصير مأساوي أسوة بقادة صنعتهم الاستخبارات الدولية
في تحول جديد يثير تساؤلات عميقة حول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، جاء إعلان وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا بأن المكافأة التي رُصدت عام 2017 بقيمة 10 ملايين دولار لأي معلومات تقود إلى زعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع المعروف بلقب “أبو محمد الجولاني”، ما زالت قائمة. اللافت في الأمر أن هذا الإعلان يأتي في وقت تشير فيه تقارير إلى لقاء وفد أمريكي مع الجولاني، مما يعكس تناقضًا واضحًا بين الخطاب الرسمي والإجراءات الفعلية.
تاريخ الجولاني وصعوده إلى المشهد السوري
نشأ أحمد الجولاني، الذي ينتمي إلى عائلة نزحت من مرتفعات الجولان إثر الغزو الإسرائيلي عام 1967، في ظل قمع دكتاتورية عائلة الأسد. خلال مسيرته، تبنى رؤية إسلامية متطرفة، وشارك في المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي للعراق بعد عام 2003، حيث ألقت القوات الأمريكية القبض عليه وسجنته لمدة خمس سنوات. عاد لاحقا إلى سوريا عقب الانسحاب الأمريكي من العراق، ليصبح أحد العناصر البارزة لتنظيم القاعدة.
لكن الجولاني شهد تحولًا في سياساته، ربما بسبب الفظائع التي ارتكبتها الجماعات المتطرفة أو بسبب محاولاته إعادة تلميع صورته كقائد إصلاحي يسعى إلى توحيد الصفوف في سوريا، ورغم هذه الجهود، ظلت الولايات المتحدة تصنفه إرهابيا عالميا وتضعه على قوائم العقوبات.
المفارقات في الموقف الأمريكي
التناقض في الموقف الأمريكي يظهر جليا في السياسات المتبعة تجاه الجولاني، إذ رغم استمرار المكافأة المرصودة لرأسه، يشير لقاء الوفد الأمريكي معه إلى وجود توجه مختلف داخل دوائر صنع القرار في واشنطن، هذا التناقض يعيد إلى الأذهان سياسات مشابهة انتهجتها الولايات المتحدة مع قادة صنعهم – أو دعمتهم – أجهزة المخابرات مثل أسامة بن لادن وأبو بكر البغدادي، واللذين انتهت حياتهم بتصفية جسدية.
نهايات القادة الذين تصنعهم المخابرات
تاريخيا، تعاملت المخابرات الأمريكية مع شخصيات بارزة كأدوات لتحقيق أهداف معينة، إلا أن نهايات هؤلاء القادة عادة ما تكون مأساوية. أسامة بن لادن، الذي أسهمت الولايات المتحدة في صعوده أثناء الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفييتي، انتهى مقتولا في عملية أمريكية. وبالمثل، قتل أبو بكر البغدادي في غارة أمريكية. هذه النهايات تثير تساؤلات حول مستقبل الجولاني وما إذا كان سيلاقي مصيرًا مشابها.
التحديات التي تواجه الجولاني
على الرغم من نجاحه الأخير في فرض نفوذه في مناطق مختلفة من سوريا، يواجه الجولاني تحديات عديدة. أبرزها كيفية التعامل مع الفصائل المسلحة الأخرى والمناطق المستقلة التي لا تخضع لسيطرته، إضافة إلى وجود قوات أجنبية على الأراضي السورية، مثل القوات الأمريكية والروسية. كما يواجه معضلة التعامل مع اللاجئين السوريين الذين قد يعودون بأعداد كبيرة، وإدارة الانتقام أو العدالة للذين تعاونوا مع نظام الأسد.
السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه هنا هو ما هو نوع الحكومة التي يسعى الجولاني إلى تشكيلها؟ وهل سيتبنى نظامًا أصوليا أم ديمقراطية حقيقية؟
الموقف الدولي من الجولاني
المفارقة أيضا تتجلى في المواقف الدولية المتباينة تجاه الجولاني. بينما تستمر الولايات المتحدة في تصنيفه إرهابيا عالميا، تجد قوى أخرى نفسها مضطرة للتعامل معه كأمر واقع، الصين على سبيل المثال، هي القوة العالمية الكبرى الوحيدة التي لم تكن يومًا ضده، بينما ساهمت إسرائيل بشكل غير مباشر في إضعاف أعدائه مثل حزب الله.
السياسة الأمريكية المستقبلية في سوريا
في ظل سقوط نظام بشار الأسد، تجد الولايات المتحدة نفسها أمام مشهد جديد يتطلب إعادة تقييم استراتيجيتها في سوريا، ومع وجود نحو 900 جندي أمريكي على الأرض، تسعى واشنطن إلى تعزيز نفوذها عبر دعم قوات سوريا الديمقراطية ومراقبة تحركات هيئة تحرير الشام، لكن هذا الوجود العسكري يثير جدلًا داخل الأوساط السياسية الأمريكية حول جدواه وفعاليته.
الرئيس جو بايدن شدد في تصريحات سابقة على أن مواجهة الجماعات المتطرفة ستظل جزءًا أساسيًا من السياسة الأمريكية. ومع ذلك، تبقى واشنطن حذرة من تقديم دعم مباشر أو غير مباشر للجولاني، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تعزيز شرعيته.
دروس من الماضي
تاريخ التدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط مليء بالدروس والعبر، فالدعم الذي قدمته واشنطن لحلفائها في العراق وسوريا ساهم في إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية، لكنه أدى أيضًا إلى ظهور لاعبين جدد مثل الجولاني. ومن الواضح أن السياسة الأمريكية بحاجة إلى توازن دقيق بين حماية مصالحها وعدم الوقوع في فخ دعم قادة قد يتحولون لاحقًا إلى أعداء.
المستقبل الغامض للجولاني وسوريا
مع استمرار حالة عدم الاستقرار في سوريا، يبقى مستقبل الجولاني ودوره في المرحلة المقبلة غير واضح. هل سيتمكن من فرض رؤيته كقائد إصلاحي؟ أم ستلاحقه المصير ذاته الذي واجهه قادة آخرون مثل بن لادن والبغدادي؟ الإجابة على هذه التساؤلات تعتمد على ديناميكيات الصراع في سوريا والسياسات الدولية تجاه هذا البلد الذي عانى من ويلات الحرب على مدى أكثر من عقد.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا