مستقبل النفوذ الروسي في سوريا بعد سقوط الأسد.. الرهان على التفاهمات مع النظام الجديد.. وتقليص التواجد العسكري ضرورة المرحلة
مع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ثار جدل واسع حول مصير الوجود العسكري الروسي في سوريا، الذي لعب دورا محوريا في دعم النظام خلال السنوات الماضية، ويشهد الملف تنافسًا حادًّا بين قوى دولية وإقليمية، مما يطرح تساؤلات حول طبيعة الترتيبات المستقبلية لموسكو في ظل التحولات السياسية والميدانية.
القواعد الروسية: أدوات نفوذ استراتيجي
تمثل القواعد العسكرية الروسية في سوريا، وأبرزها قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية، أدوات رئيسية للنفوذ الروسي في الشرق الأوسط.
تأسست هذه القواعد بناء على اتفاقيات مع نظام الأسد، ومنها اتفاقية أغسطس 2015 التي منحت روسيا الحق في استخدام قاعدة حميميم دون مقابل وإلى أجل غير مسمى. كما سمحت اتفاقية أخرى في يناير 2017 بتوسيع قاعدة طرطوس لاستيعاب السفن الحربية والغواصات النووية.
تعتبر قاعدة حميميم منطلقًا رئيسيًّا للعمليات الروسية في سوريا وخارجها، بما في ذلك أفريقيا، حيث استخدمتها موسكو لنقل إمدادات عسكرية ومرتزقة لدعم حلفائها. أما طرطوس، فهي الميناء الروسي الوحيد على البحر المتوسط، مما يجعلها ذات أهمية استراتيجية لضمان وصول سريع وآمن للسفن الروسية.
تحديات جديدة وواقع متغير
مع تغيير القيادة في دمشق، تواجه موسكو واقعًا جديدًا قد يعيد تشكيل علاقتها بسوريا، وتشير تقارير إلى أن روسيا بدأت إعادة ترتيب وجودها العسكري في سوريا، حيث انسحبت من عدة مواقع في القنيطرة وريف دمشق، بينما تركزت جهودها على حماية القواعد الاستراتيجية الثلاث: حميميم، طرطوس، والقامشلي.
وفقًا لمصادر عسكرية، رصدت الأقمار الصناعية عمليات تفكيك جزئي لمنظومة الدفاع الجوي "إس-400" في قاعدة حميميم، في إشارة إلى احتمال تقليص القوات الروسية أو إعادة انتشارها، وهذه التحركات تعكس مخاوف روسيا من استهداف مواقعها، سواء من قبل المعارضة السورية أو نتيجة لضربات محتملة من قوى إقليمية.
مفاوضات وتفاهمات قيد التشكل
في ظل هذه التحديات، تعمل موسكو على الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية عبر مسارات تفاوضية مع الإدارة السورية الجديدة. وصرح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، بأن روسيا تواصل حوارها مع "القوى المسيطرة" في دمشق لضمان أمن قواعدها. وبحسب تقارير إعلامية، حصلت موسكو على تطمينات مبدئية بعدم استهداف قواعدها.
في المقابل، تبرز مطالب داخلية ودولية بإعادة تقييم الاتفاقيات العسكرية المبرمة مع نظام الأسد، التي وصفها البعض بالمجحفة، مثل تلك المتعلقة بقاعدة طرطوس التي تمنح روسيا حق استخدامها لمدة 49 عامًا قابلة للتمديد لفترات طويلة دون مقابل مالي.
أبعاد إقليمية ودولية
يأتي الوجود الروسي في سوريا ضمن سياق أوسع يشمل التنافس مع قوى إقليمية ودولية. على سبيل المثال، استفادت موسكو من تقليص القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا لتأسيس قاعدة في القامشلي، مما عزز تعاونها مع تركيا بموجب اتفاقية سوتشي لتسيير دوريات مشتركة على الحدود السورية-التركية.
في المقابل، تواجه روسيا ضغوطا غربية للانسحاب، حيث ربط مبعوثون غربيون رفع العقوبات عن سوريا بإنهاء الوجود العسكري الروسي. كما تسعى دول مثل أوكرانيا لاستغلال الموقف بتقديم مساعدات اقتصادية لسوريا، مما قد يضعف النفوذ الروسي.
سيناريوهات المستقبل
بينما يبدو الانسحاب الكامل أمرا مستبعدا على المدى القريب، فإن مستقبل القواعد الروسية في سوريا يعتمد على التوازنات السياسية المقبلة. يرى خبراء أن موسكو قد تلجأ إلى تقليص وجودها العسكري، مع الاحتفاظ بالقواعد الرئيسية كجزء من استراتيجيتها الإقليمية.
وفي حال تعثرت المفاوضات مع الإدارة السورية الجديدة، قد تواجه روسيا تحديات كبيرة، ليس فقط في سوريا بل أيضا في أفريقيا، حيث تعتمد على قواعدها السورية لدعم عملياتها هناك. كما يمكن أن تؤدي التحولات السياسية في دمشق إلى إعادة صياغة العلاقات بين البلدين، مما يفرض على روسيا التكيف مع ظروف جديدة.
مصالح متشابكة ومستقبل غير مؤكد
يرى مراقبون أن روسيا ستسعى للحفاظ على نفوذها في سوريا بما يتوافق مع مصالحها طويلة الأمد. ويشير الخبير العسكري العميد أحمد رحال إلى أن "مستقبل القواعد الروسية في سوريا سيعتمد على القرارات السياسية للقيادة الجديدة، التي قد تعيد النظر في الاتفاقيات السابقة لتحقيق توازن أفضل بين المصالح الوطنية والإقليمية".
من جهته، أوضح الباحث الروسي يفغيني سيدروف أن "الوجود العسكري الروسي ليس هدفا بحد ذاته، بل يأتي في إطار استراتيجية أوسع تشمل الأبعاد الاقتصادية والسياسية". وأضاف أن موسكو قد تركز على الاحتفاظ بقواعدها في طرطوس وحميميم كحد أدنى لضمان استمرار تأثيرها.
في النهاية، يبقى مستقبل الوجود الروسي في سوريا رهينًا بالتفاهمات بين الأطراف الفاعلة على الساحة السورية، وسط تحديات متزايدة لإعادة بناء البلاد وتحقيق الاستقرار، وبينما تسعى موسكو لتحقيق مكاسب استراتيجية، فإن المشهد السوري يظل مفتوحًا على الاحتمالات كافة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا