السيناريوهات الصعبة للدعم، مصادر حكومية تكشف عن 3 حلول للتحول للدعم النقدى، و"النقدى المشروط" الأرجح
تسعى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى إلى التحول من نظام الدعم السلعى إلى الدعم النقدي، وأسندت مهمة مناقشة هذا الأمر والخروج بخطة واضحة لتنفيذها إلى الحوار المجتمعى من خلال مجلس أمناء الحوار الوطني، وتهدف الحكومة فى اتخاذها تلك الخطوة إلى تخفيف العبء عن موازنة الدولة، فضلا عن وصول الدعم إلى مستحقيه وتقديمه بصورة أفضل وأكثر استدامة.
ويستفيد من الدعم التموينى الذى تقدمه الدولة ممثلة فى وزارة التموين والتجارة الداخلية أكثر من 60 مليون مواطن، ويستفيد نحو 70 مليون مواطن من الحصول على الخبز المدعم بواقع 5 أرغفة يوميا بتكلفة 20 قرشًا للرغيف.
ويحصل كل فرد مقيد على بطاقة التموين على سلع بقيمة 50 جنيها شهريا بحد أقصى أربعة أفراد مقيدين على البطاقة، أما من زاد عن الأفراد الأربعة، فيحصل على دعم سلعى بقيمة 25 جنيها فى الشهر، أى أن الأسرة المكونة من أربعة أفراد تحصل على سلع بقيمة 200 جنيه شهريا.
ورغم أن هذا المبلغ يعتبر متواضعا إلا أن المواطن يحصل به على السلع الأساسية مدعمة من الدولة، بما يوفر الحد الأدنى من الأمن الغذائى كالزيت والسكر والأرز، رغم انخفاض الكميات التى يحصلون عليها بسبب ارتفاع الأسعار، مقابل ثبات قيمة الدعم النقدي، إلا أن الدولة ما زالت ملتزمة بتوفير تلك السلع بأسعار مدعمة للمواطنين المقيدين على البطاقات التموينية.
ورغم المزايا العديدة للدعم السلعى فى حماية الفئات الأولى بالرعاية وتوفير الحد الأدنى من الأمن الغذائي، إلا أنه يشوبه أيضًا بعض العيوب، أهمها عدم وصول الدعم إلى عدد كبير من مستحقيه، واستفادة غير المستحقين من هذا الدعم، فضلا عن تسريب جزء من السلع المدعمة إلى السوق السوداء.
وقد بذلت وزارة التموين خلال السنوات الماضية جهودا لتنقية وتحديث قاعدة بيانات المنظومة وتحديد الفئات المستحقة للدعم، واستبعاد غير المستحقين له.
وقضية التحول إلى الدعم النقدى تشغل بال العديد من المواطنين خاصة أصحاب البطاقات التموينية، لمعرفة نصيبهم من الدعم وموعد تطبيقه، وهل سيلبى احتياجاتهم أم لا، كما يتساءل البقالون التموينيون وأصحاب مشروع جمعيتى عن مصير منافذهم فى حالة التحول إلى الدعم النقدى الفترة المقبلة.
سيناريوهات التحول
كشفت مصادر مسئولة بوزارة التموين والتجارة الداخلية عن السيناريوهات المطروحة بشأن قضية الدعم، وتدور جلسات الحوار الوطنى وفقا لثلاثة سيناريوهات، السيناريو الأول، هو النظام القائم حاليا بتقديم الدعم السلعى بشكله الحالى دون تغيير، وهو سيناريو مستبعد إقراره، ونسبة تطبيقه لا تتعدى 1%، وفقا للمصادر.
أما السيناريو الثانى المحتمل، هو تقديم دعم نقدى كامل، بمنح المواطنين المستفيدين للدعم مبلغًا ماليًا تحدده وزارة المالية يقوم المواطن بشراء ما يحتاج من السلع بقيمة هذا المبلغ، وفى هذه الحالة ترفع وزارة التموين يدها تماما عن الدعم السلعى وكذلك دعم الخبز، وتتحول إلى وزارة للتجارة الداخلية فقط، وإلغاء التموين.
وأوضحت المصادر أن هذا السيناريو قد يعرض المواطن للخطر، لأن قيمة المبالغ المقدمة فى برامج الدعم النقدى سوف تقل وتتآكل مع ارتفاع مستويات الأسعار وتراجع قيمة العملة، فى حالة عدم وجود قاعدة لزيادتها أو ربطها مع معدل التضخم، وبالتالى لن تحقق الأمن الغذائى المنشود للمواطنين المستحقين للرعاية والأكثر فقرا.
وأشارت إلى أن هذا السيناريو أيضا له مخاطر أخرى، تتمثل فى قيام رب الأسرة صاحب البطاقة التموينية، بالحصول على المبلغ المالى وصرفه فى غير موضعه، دون الالتفات إلى احتياجات أسرته من السلع الأساسية من الزيت والسكر والأرز، ويقوم باستخدامه فى مواضع أخرى، ونسبة تطبيق هذا السيناريو لا تتعدى الـ 4%، لما له من عيوب.
أما السيناريو الأكثر قبولا حتى الآن، هو التحول إلى الدعم النقدى المشروط، بعمل “كارت فيزا” ووضع قيمة مالية محددة بشرط شراء مجموعة من السلع بجانب شراء الخبز، يتم صرفها على الخبز والسلع فقط، ولكن فى تلك الحالة سيتم بيع كافة السلع بالسعر الرسمى وليست مدعمة، على سبيل المثال، شراء السكر بسعره الرسمى بقيمة 35 جنيها، وليس بسعر 12.5 جنيه كما هو متاح الآن على بطاقة التموين، ورغيف الخبز يحصل عليه بقيمة تكلفته الحقيقية بسعر 150 قرشا، وليس بسعر 20 قرشا للرغيف.
وفى حالة توفير جزء من الأموال النقدية بالكارت وعدم صرفها فى شراء السلع، يستطيع المواطن توجيهها إلى مصارف أخرى، مثل سداد فاتورة كهرباء، غاز، أو تليفون وغيرها من الخدمات، للتأكد من أن قيمة الدعم المالى يتم صرفه فى إطار الدعم الأسرى وليس الدعم الشخصي، بحيث يمنع على رب الأسرة التصرف فى المبلغ المالى لنفسه كشراء السجائر، الملابس أو غيرهما من مصروفات خاصة به دون استفادة باقى أفراد الأسرة.
وأكدت المصادر، أن هذا السيناريو الأفضل والأقرب للتطبيق، موضحًا أن قيمة الدعم المالى يجب ألا تقل عن 200 جنيه للفرد على البطاقة التموينية، بحيث تتناسب مع معدل التضخم وزيادة الأسعار، وتكفى احتياجات الأسرة من خبز وسلع.
أما عن موعد تطبيق خطة الحكومة بشأن التحول إلى النظام الجديد فى الدعم، فسوف يتم تطبيقه فى الربع الأول من العام المقبل 2025.
منافذ التموين
أما فيما يتعلق بمصير منافذ التموين عند التحول إلى الدعم النقدى الكامل أو الدعم النقدى المشروط، فقد أكدت المصادر أنه فى حالة التحول إلى الدعم النقدى الكامل “السيناريو الثاني”، فلن يكون لتلك المنافذ فائدة، لأن السيناريو الثانى سيقوم على إلغاء التموين تماما ومنح المواطن قيمة مالية لشراء احتياجاته من السلع بالأسعار الحرة، وتتحول تلك المنافذ فى ذلك الوقت إلى “سوبر ماركت” يبيع السلع بالأسعار الحرة لأى مواطن، ولكن ستظل المجمعات الاستهلاكية تعمل بنفس النظام الحالى بتقديم سلع مخفضة عن الأسواق بنسبة 15% على الأقل، وإتاحتها بشكل كبير أمام المواطنين، لتحقيق التوازن فى الأسعار بالأسواق، ومنع استغلال وجشع التجار.
أما فى حالة تطبيق الدعم النقدى المشروط، ستظل المنافذ التموينية التى تصرف السلع لأصحاب البطاقات كالبقالين التموينيين، أو مشروع جمعيتى على نفس وضعها الحالي، تصرف حصصها التموينية من الوزارة بالأسعار الحرة، وسيقوم المواطن الذى يحمل “الكارت الجديد” المدعوم بقيمة مالية محددة، بشراء السلع من تلك المنافذ ولكن بالأسعار الحرة وليست المدعمة كما هو الحال حاليا.
تطوير المجمعات الاستهلاكية
من ناحية أخرى، أكدت المصادر بوزارة التموين أن الوزارة بصدد تطوير المجمعات الاستهلاكية لجذب أكبر عدد من المستهلكين بجميع الشرائح الاجتماعية المختلفة، أسوة بالسلاسل التجارية الكبيرة، ومن المقرر استهداف عدد من المجمعات الاستهلاكية الكبيرة والرئيسية كمرحلة أولى، تمهيدا لتطبيقها على جميع المجمعات تباعا ضمن خطة التطوير.
وكشفت المصادر عن وقف أى خدمة تتعلق بإضافة فرد جديد للبطاقات التموينية، وكذلك وقف أى إصدار جديد للبطاقات التموينية، بالإضافة إلى وقف إصدار بطاقات التموين لأصحاب تكافل وكرامة حتى الآن، لحين الاستقرار على المنظومة الجديدة بعد انتهاء جلسات الحوار الوطني، مؤكدا أن النظام الجديد سيصل إلى جميع المستحقين للدعم.