رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة عذاب مرضى السرطان فى مواجهة المرض والدولار.. زيادة الأسعار وتكاليف التشخيص والعلاج تدفع المصابين بالأورام نحو الموت.. المراكز الخاصة تتعامل مع المريض كفريسة

مرضى السرطان
مرضى السرطان

لم تعد الإصابة بالأورام حربا يخوضها المريض، إما أن ينجح أو يفشل فيها فقط، وغالبًا ما تؤدى إلى الوفاة، بل تفاقم الأمر فخلال تلك الحرب يتعرض المريض إلى ضغوط نفسية ومادية كبيرة ويفاجأ المريض بأنه مضطر إلى دفع مبالغ مالية باهظة فى ظل ارتفاع الأسعار الذى تأثر به الجميع ولم تنج منه الخدمات الطبية، وإذا بدأ المريض وذهب إلى مراكز الأورام الحكومية فيواجه نقص الإمكانيات والزحام ثم يضطر إلى الذهاب للمراكز الخاصة ليبدأ فى الإنفاق على رحلة العلاج إلى أن يبيع كل ما يملك ثم يلجأ للقطاع الحكومى مرة ثانية.


“فيتو” تحدثت مع عدد من مرضى الأورام للحديث عن رحلة التشخيص والعلاج ورصد حجم الارتفاع فى الأسعار التى واجهها المرضى، ومدى تأثر مرضى الأورام بارتفاع أسعار الدولار وزيادة تكاليف العلاج.


مأساة المرضى
محمد السيد يبلغ من العمر ٦٠ عامًا اكتشف إصابته بورم فى القولون بعد رحلة استمرت ٤ شهور لتشخيص الإصابة فقط صرف فيها آلاف الجنيهات خاصة وأنه لا يتمتع بغطاء تأمينى ولم يلجأ للمراكز الحكومية لأنه لم يستطع تشخيص مرضه فى البداية ولم يعرف أين سيتوجه.
المرض بدأ معه بمجرد آلام فى المعدة مستمرة لا تنتهى وبدأ بالذهاب إلى طبيب أمراض باطنة للكشف وأخذ أدوية لعلاج آلام المعدة ولم تنته معاناته فذهب لأكثر من طبيب وأجرى فحوصات متعددة منها منظار جهاز هضمى وفوجئ أن سعر عمل منظار بلغ ٨ آلاف جنيه وتبين من المنظار وجود كتلة على القولون ويشتبه أن تكون أوراما.


لم ينتهِ الأمر والتشخيص هنا فذهب إلى أحد مراكز الأورام الخاصة للكشف لدى طبيب متخصص فطلب منه فحص مسح ذرى على الجسم للكشف عن الورم وكذلك رنين مغناطيسى على القولون والجهاز الهضمى وعندما سأل عن الأسعار كان المسح الذرى بـ٧ آلاف جنيه والرنين مغناطيسى ٦ آلاف جنيه وثبتت إصابته بورم خبيث ويحتاج إلى جلسات علاج كيماوي، والتى يبدأ سعرها من ٣ آلاف جنيه وتصل إلى ٢٠ ألف جنيه حسب الحالة ومرحلة الورم فبعض المرضى يحتاج إلى ٦ جلسات أو ٨ أو يتوقف لتقييم الوضع الصحى ثم يعيد الجلسات من جديد.
وخلال رحلة العلاج والكشف لدى أكثر من طبيب منهم من يقول يجب أخذ كيماوى بالقسطرة الوريدية أو كيماوى دوائى عبارة عن أقراص يبلغ سعر العبوة التى تحتوى على ٣٠ قرص ٧٦٠٠ جنيه وحتى البدائل سعرها ما بين ٤ و٥ آلاف جنيه وفى السوق السوداء تباع بـ ١٢ ألف جنيه تستمر مع المريض شهرا ويحتاج لتجديدها وفى حالة لم يلجأ إلى العلاج الدوائى يضطر لشراء القسطرة الوريدية تركب فى الصدر يحصل بها المريض على جرعة الكيماوى بدلًا من اليد تبلغ تكلفتها ١٧ ألف جنيه.


من ضمن رحلة علاج مريض الأورام يحتاج إلى إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم إما بعد العلاج الكيماوى أو قبله وارتفعت تكاليف إجراء عملية جراحية لاستئصال ورم حتى وصلت فى الأماكن الحكومية الاقتصادية إلى ١٥٠ ألف جنيه وفى المستشفيات الخاصة إلى ٣٠٠ ألف جنيه منها على سبيل المثال استئصال أورام القولون ويتوقف السعر على خبرة الجراح والمكان.


التكلفة المالية
بدوره قال محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء إن مريض الأورام يواجه صعوبات متعددة أولها الإنفاق المالى للتأكد من إصابته بورم حيث يحتاج إلى أشعة وفحوصات وتحاليل كثيرة لتشخيص الورم ثم يحتاج أيضًا مرحلة ثانية وهى تحديد نوع الورم وحجمه ومدى خطورته.
وأشار لـ”فيتو” أن المريض يصبح فى حالة نفسية يرثى لها موضحًا أنه نظرًا لأنه لا يوجد لائحة استرشادية للأسعار سواء الكشف أو خدمات التشخيص والعلاج فأصبح مريض الأورام استثمارًا لمراكز الأورام الخاصة موضحًا بمثال مراكز فى المهندسين والدقى الكشف فى المركز لدى أستاذ الأورام ٢٠٠٠ جنيه بجانب رحلة داخل المركز للف على الأشعة لحين تشخيص المرض ينفق ما يزيد على ٦ آلاف جنيه، وفى حالة أخذ عينة من الورم يتم تحليل عينة الأورام بقيمة تتراوح من ٧ إلى ١٠ آلاف جنيه.


وأشار إلى أن مصر تتميز بوجود مراكز حكومية وخيرية لعلاج الأورام ولكن تعانى من الزحام والتكدس باستمرار ويضطر المريض للذهاب لمكان خاص، أما مراكز الأورام الحكومية تعانى نقص الإمكانيات فمثلًا مريض يحتاج حقن صبغة فى الأماكن الحكومية فلا يجدها وينتظر فترة طويلة لإجراء أشعة بالصبغة مما يعتبر وقتا مهدرا فى حياة المريض فيلجأ للمراكز الخاصة.


وأوضح أن المريض يذهب لمركز أورام خاص يستنزفه ماديًا ونظرًا لأن مرحلة تشخيص المرض صعبة للغاية، يستدين المريض للعلاج ويبيع ما يملك وينفقه على عيادات الأطباء ومراكز العلاج للاستماع لآرائهم.


وتابع حديثه بأنه بعد تشخيص المرض يبدأ الطبيب وضع خطة للعلاج إما فى العلاج الخاص أو يلجأ إلى مراكز حكومية ويتردد مرضى المحافظات على القاهرة رغم أن لديهم أماكن للعلاج، إلا أنها تعانى نقص الإمكانيات ولن ينتظر المريض شهرين بين كل فحص وآخر انتظارًا للدور لذا يذهب للأماكن الخاصة مشيرًا إلى أن مراكز الأورام الحكومية تعانى من نقص أدوية ومستلزمات ومع زيادة تكاليف العلاج أصبح المريض فيها يدفع أيضًا ثمن كل خدمة.


واستكمل “فؤاد” أن مراكز الأورام الخاصة لديها إمكانيات ولكنها بمبالغ باهظة وتعتبر المريض استثمارًا لها وتوفر الأدوية وجلسات العلاج بأسعار مرتفعة ومع زيادة مسببات الإصابة بالأورام وزيادة اكتشاف الحالات يصبح مرضى الأورام فريسة سهلة أمام مراكز الأورام الخاصة مشيرًا إلى أن مريض السرطان يسمى محاربا لصعوبة رحلة العلاج.


الأزمة الاقتصادية


من جانبه قال الدكتور جمال عميرة وكيل نقابة الأطباء وأستاذ جراحة الأورام، إن الأزمة الاقتصادية أثرت على مرضى الأورام ونظرًا لأن مصر دولة مستوردة للأجهزة الطبية والأدوية الخاصة بمرضى الأورام فأصبح التشخيص والعلاج مكلفًا جدًا وأجهزة التشخيص مرتفعة الثمن، سواء لأن أجهزة المسح الذرى والرنين المغناطيسى والأشعة بالصبغة، مشيرًا إلى أن الصبغات المستخدمة فى الأشعة مستوردة ويتم توفيرها بصعوبة وكذلك المادة المستخدمة فى المسح الذرى أصبح استيرادها صعبًا وتضاعف سعرها.


وأضاف لـ”فيتو” أن مراكز الأورام الحكومية أصبحت لا تستطيع توفير كل ما يحتاج إليه المرضى بسبب نقص المستهلكات والأدوية ويحصل على الخدمة المتاحة فقط، موضحًا أنه أحيانًا يحدث عجز فى أدوية التخدير أو صرف أدوية لمرضى الأورام يحتاجون إليها بعد العمليات الجراحية.


وأكد أن أدوية علاج مرضى الأورام التى كانت منذ سنوات سعرها منخفضا ويمكن شراؤها أصبحت الآن مرتفعة الثمن مع زيادة سعر الدولار منها أنواع من العلاجات سواء العلاج الموجه والمناعى لافتًا إلى أنه إذا كان سعرها من سنوات الجرعة بـ ٥٠ أو ٦٠ ألف جنيه الآن تضاعف سعرها فضلا عن أنه فى مجال الأورام يتم طرح أدوية جديدة كل فترة أسعارها مرتفعة.


وتابع حديثه بأن جلسات علاج الكيماوى فى الأماكن الخاصة مكلفة وكثيرًا ما نجد مرضى يترددون على الأماكن الحكومية بعد انتهاء أموالهم ولم يصبحوا قادرين على العلاج فى الأماكن الخاصة.


وأكد أن جراحات الأورام أصبحت مكلفة أيضًا لأنها تعتبر من العمليات الصعبة التى يحتاج فيها المريض إلى رعاية مركزة خاصة فى عمليات أورام المعدة والكبد والبنكرياس وغيرها من الجراحات الصعبة وسعر اليوم فى الرعاية المركزة الخاصة يصل إلى ٣٠ ألف جنيه.


وعن أسعار كشف أساتذة علاج الأورام أشار الدكتور جمال عميرة إلى أنه لا يوجد ندرة فى تخصص أطباء الأورام وأصبح يوجد أجيال جديدة أسعار كشفهم ليس غاليا ومازال يوجد كشف بـ ٣٠٠ و٤٠٠ جنيه.


وأكد وكيل نقابة الأطباء أنه لا توجد ندرة فى عدد مراكز العلاج الحكومية والأماكن الموجودة تغطى كل المحافظات سواء الجامعات أو وزارة الصحة والتأمين الصحى الشامل يغطى جميع المرضى مشيرًا إلى أنه لم يعد يوجد قوائم انتظار طويلة فى عمليات الأورام، كما أن مريض الأورام له أولوية فى الجراحات ويتم توزيع الحالات على المستشفيات وليس شرطا إجراء العمليات فى مراكز أورام متخصصة بل يوجد استشاريون أورام فى مستشفيات كبيرة بها أكثر من تخصص.

الجريدة الرسمية