جرائم بـ «ضغطة زر».. تطبيقات المراهنة والقمار الإلكتروني عدو خفي يستهدف أطفال وطلاب المدارس.. والخسارة تحوّلهم لمجرمين
جرائم «بضغطة زر»، هكذا باتت تطبيقات المراهنات الإلكترونية، التى باتت تدفع صاحبها إلى خسارة أمواله وأحيانا ارتكاب جرائم تقوده إلى السجن، وهو ما تنبهت له أجهزة الأمن المختصة، محذرة من خطر يهدد الأمن والاستقرار الداخلى لجيل من الشباب يسقط فى براثن النصب والاحتيال عليهم والاستيلاء على أموالهم وتحويشة العمر عبر أساليب وطرق احتيالية تقودهم فى النهاية لخسارة فادحة وتدفع البعض إلى التخلص من حياته، فى ظاهرة مجتمعية خطيرة.
وكشفت تقارير أمنية، عن اتخاذ شبكات إجرامية منظمة عابرة للحدود من مصر مسرحًا لمزاولة نشاطهم الإجرامى عبر طرق غير تقليدية فى النصب الإلكترونى عبر شبكة الإنترنت، بجانب قيام بعض الكوادر القائمة على إدارة تطبيقات المراهنات الإلكترونية باستقطاب بعض الأشخاص فى تولى دور الوكيل داخل مصر مقابل الحصول على نسبة من الأرباح التي يتم جمعها من أموال المواطنين المصريين.
وارتكز نشاط العناصر الإجرامية خارج البلاد على تدريب بعض الأشخاص داخل البلاد على نظام العمل وطريقة التشغيل واستلام الأموال وتحويلها بطرق أخرى إلى الحساب الرئيسى الخاص بتطبيق المراهنات مقابل أرباح ونسبة تبدأ من 10% حتى 25%، وكشفت المعلومات عن قيام التطبيق، بإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعى عن تحقيق مكاسب وأرباح مالية كبيرة يوميا وتصل إلى مئات الدولارات أسبوعيًا مقابل الفوز فى التطبيق والدخول فى منافساتها.
بجانب أن هناك إعلانات وهمية ودعاية عن فوز البعض بمبالغ مالية تحولت على المحافظ الإلكترونية الخاصة بهم للتأكيد على المصداقية، ليبدأ الشباب فى الدخول على التطبيق والمنافسة التى تكون سهلة الفوز والحصول على الأرباح، وبعدها يدفع المتنافسون مبالغ مالية كبيرة تنتهى بخسارة أموالهم وسحب أرصدتهم من المحافظ الإلكترونية.
التحوّل للإجرام
وتؤكد التحقيقات الأمنية، أنه بعد خسارة الأموال يتحول البعض الى أشخاص عدوانيين والتخطيط فى ارتكاب أى فعل حتى لو خارج القانون مقابل الحصول على أموال مرة أخرى، وأحيانا يقدم البعض على ارتكاب جرائم السرقات والقتل أو الانتحار وكان أشهرها قصة طالب بمنطقة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء تخلص من حياته بعد أن خسر أمواله فى تطبيق مراهنات والتى بلغت 85 ألف جنيه.
كما سجلت أجهزة الأمن القضية الأشهر مدرس الفيزياء اختطف طالبا بمحافظة الدقهلية وطالب فدية من أسرته، بعد خسارة أمواله فى تطبيق المراهنات ولكن الأمر تطور وقتل المجنى عليه وقطع الجثة إلى أجزاء.
الفئات المستهدفة
من جانبه قال مصدر مسئول، إن الأجهزة المختصة شكلت لجنة مشتركة من بينها لجنة الاتصالات بمجلس النواب والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وإدارة تكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، لاتخاذ ما يلزم فى حصر جميع التطبيقات المخالفة التى تشكل خطرا على المجتمع.
وأضاف المصدر، أن ألعاب الأطفال تتضمن مراهنات مقابل مبالغ مالية وتستهدف الأطفال من 7 لـ 13 سنة، وأنماط أخرى من الألعاب تستهدف طلاب المدارس والتى تكون الأعمار من 14 لـ 20 عامًا مما يكشف عن الخطورة الكبيرة لاستهداف أجيال من أبنائنا.
وأوضح المصدر، أن الأجهزة المختصة بالدولة لديها من الإمكانيات الكافية لحماية المواطنين ومكافحة كافة الجرائم الإلكترونية استنادًا إلى قانون تقنية المعلومات رقم 175 الذى يجرم تطبيقات المراهنات والقمار الإلكترونى داخل مصر، مشيرًا إلى تسجيل بعض القضايا الجنائية ارتكبت بسبب تطبيقات المراهنات والتى تعد من حروب الجيل الرابع.
بدوره، يقول الخبير الأمنى، مساعد وزير الداخلية لتكنولوجيا المعلومات الأسبق اللواء محمود الرشيدى، إن 90% من الذين يدخلون على تطبيقات المراهنات الإلكترونية من الشباب، مشيرا الى أن ملايين الشباب يدخلون فى هذه التطبيقات سعيًا وراء تحقيق أرباح مالية كبيرة بصورة سريعة، وهنا يسقط البعض فى حيل وألاعيب النصب عليهم من القائمين على تطبيقات المراهنات.
وأوضح مساعد وزير الداخلية الأسبق، بمجرد دخول المستخدمين على تطبيقات المراهنات تكون بياناتهم متاحة لدى بعض الشركات التى تهدف إلى استخدامها فى طرق غير شرعية، بجانب أن بعض تلك التطبيقات تستهدف الأطفال الصغار عن طريق الألعاب الإلكترونية، فلابد على كل أسرة ألا تفتح الباب على مصراعيه للأطفال لاستخدام تطبيقات الإنترنت، مشددًا على مراقبة الأطفال بشكل دائم؛ لأن هناك أيضًا حكومات دول أجنبية، تحصل على نسبة من أرباح تطبيقات المراهنات، لكن هذا لا يحدث فى مصر كون تلك التطبيقات محرمة دينيًا ومجرمة قانونيًا.
الخطورة الاجتماعية
وحذّر الخبير الأمنى، فى حديثه لـ “فيتو” من مخاطر وتهديدات القمار والمراهنات الإلكترونية التى تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعى فهى أساسا؛ محرمة شرعا بفتوى دار الإفتاء ومجرمة قانونًا، كما أن هناك اتفاقا بين خبراء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأمن السيبرانى ورجال الأمن على خطورتها الاجتماعية والصحية والنفسية على مستخدميها لما يصاحبها من أمراض نفسية وعصبية وارتکاب جرائم جنائية للحصول على الأموال ومواصلة الاستخدام غير الآمن وغير المشروع والمحرم لهذه المواقع اللعينة.
ونصح الخبير الأمنى مستخدمى الإنترنت ومواقع التواصل بعدم الاستدراج للمشاركة فى هذه الألعاب والسلوكيات والتى تصيبهم بالأضرار، والأهم مناشدة الأسرة للقيام بدورها التربوى والتوعوى والرقابة على الأبناء، والتأكد من عدم ممارسة تلك الألعاب والممارسات المحرمة والمجرمة.
أسباب الانتشار
شرح اللواء محمود الرشيدى، أن انتشار تلك البرامج والتطبيقات، ساهم فى ممارستها، بجانب رغبة الشباب فى التربح السريع دون أى جهد أو عناء بين ملايين المستخدمين، ولأنها مُجرمة قانونًا، فيتم ممارستها بعيدًا عن أعين المجتمع.
الخبير الأمنى حذر من مخاطر ممارسة الألعاب والتطبيقات الإلكترونية، لأنها نوع من الإدمان، ويصعب التخلص منها، بل إن هناك شعور الخسارة الذى يدفع الضحية إلى الاستمرار فى اللعب حتى يكسب ولكن تستمر الخسارة، وكذا مطاردة المكسب كلما يكسب يستمر فى اللعب زيادة وزيادة حتى يخسر.
وأوضح “الرشيدي”، أن هذه التطبيقات تعمل وفق لوغاريتمات وخوارزميات معقدة تتفهم نوعية المستخدم وأفكاره من خلال السطو الإلكترونى على معلوماته الخاصة فى حساباته الإلكترونية، وذلك باستخدام تطبيقات الهندسة الاجتماعية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، فضلا عن وجود وسطاء وداعمين لاستخدام الأنشطة الضارة لاستقطاب الكثير من المستخدمين من خلال وعود كاذبة بالمكسب أو منحهم مقابلا ماديا لاستدراجهم للمشاركة ثم يخسرون عقب ذلك، والوسطاء سيكون لهم مكاسب مادية من التطبيق.
وأكد “ الرشيدى” أن الدولة اتخذت العديد من الإجراءات القانونية فى هذا الصدد عبر حجب التطبيق الشهير للقمار الإلكترونى والمراهنات الإلكترونية، وضبطت أجهزة الأمن الكثير من الوسطاء مروجى هذه التطبيقات، فضلا عن مراقبة التحويلات المشبوهة التى كانت تتم عبر المحافظ الإلكترونية الشرعية لصالح تلك التطبيقات أو الوسطاء.
العقوبات
وحول العقوبات، كشف الخبير الأمنى أنها لا تكفى للردع والحسم، فهى عبارة عن غرامات أو حبس قصير المدة، وهناك ضرورة لتغليظ العقوبات نظرا لانتشار تلك الممارسات الكارثية التى أفسدت الكثير من الأطفال والشباب ممن يعول عليهم فى بناء مستقبل مشرق للوطن.
ونصح الخبير الأمنى، أن تستعيد الأسرة أدوارها ولا تسمح للأبناء بباقات الإنترنت المفتوحة، لابد أن تكون بضوابط معينة، بجانب ضرورة قيام أجهزة الدولة المعنية بالمزيد من حملات التوعية لأنها خط الدفاع الأول فى مواجهة تلك الأنشطة الضارة.