فضيحة التلاعب بالأدوية.. تسريب الأصناف الناقصة من شركة توزيع حكومية وبيعها لصيدليات وهمية.. رئيس الشركة يصدر قرارًا بإيقاف الصيدلانية المتورطة عن العمل وتحويلها للنيابة
فى الوقت الذى يعانى فيه المرضى من نقص بعض أصناف الأدوية وتشهد الصيدليات نقصًا فى الأدوية وتسعى الحكومة ممثلة فى هيئة الدواء المصرية لتوفير الدواء وشن حملات تفتيش مستمرة على المصانع والشركات وتسهيل إجراءات توفير المواد الخام لسرعة الإنتاج وحل أزمة نقص الأدوية، يوجد الكثير من المخالفات التى يقوم بها مسئولون داخل شركات التوزيع بتسريب الأدوية للسوق السوداء وعدم توزيعها توزيعًا عادلًا للصيدليات.
وكشفت “فيتو” عن واقعة تلاعب بالأصناف الحيوية للأدوية بإحدى الشركات الحكومية المسئولة عن توزيع الأدوية الحيوية والاستراتيجية بعد شكوى واستغاثة عدد من أصحاب الصيدليات الذين تضرروا من مدير فرع الشركة بمحافظة الفيوم.
وقدم الصيادلة شكوى إلى رئيس مجلس إدارة الشركة ضد مدير فرع الشركة بعد التلاعب بالأصناف الحيوية ونواقص الأدوية وحرق هذه النواقص على الرغم من أن هذه الأدوية لها تعليمات خاصة فى الصرف والتوزيع إلا أن مديرة الفرع تجاوزت هذه التعليمات وضربت بها عرض الحائط.
ونصت الشكوى التى حصلت “فيتو” على نسخة منها بأن مسؤول فرع الشركة قام بالتلاعب فى أدوية الجدول وتاريخ صلاحية الأدوية بقيمة تصل إلى 100 ألف جنيه شهريًا والامتناع عن صرف الكوتة المقررة للصيدليات والتوزيع العادل من نواقص الأدوية وإخفائها من الشركة وتوزيعها على أسماء صيدليات تابعة لها وعدم إرسالها لهذه الصيدليات من أجل بيعها فى السوق السوداء بأسعار أغلى من سعرها الجبري.
وتضمنت الشكوى أن مسئولة فرع الشركة قامت بإرسال أدوية الشركة التى تعمل بها إلى صيدلية تابعة لها وإدخال الفواتير على النظام الإلكترونى للشركة بأنها تم إرسالها للصيدلية وهذه الصيدلية مغلقة طوال اليوم ولا يتم فتحها إلا لوضع الأدوية المهربة من الشركة.
وأكدت الشكوى أن المديرة المذكورة تقوم بحذف الأصناف الكوتة من الفواتير وعدم توزيعها كما أن الصيدليات التى يتم حرق الأدوية الناقصة بها 7 منها يملكها شخص واحد فقط وصيدلية أخرى يملكها صيدلى يعمل داخل إحدى صيدليات الشركة.
وبعد فتح تحقيق إدارى داخل الشركة بشأن الشكاوى المقدمة ضد مديرة الفرع أصدر رئيس مجلس الإدارة للشركة قرارا رقم 831 بتاريخ 24 أكتوبر 2024 بإبلاغ النيابة العامة للتحقيق فى المخالفات التى ارتكبتها الصيدلانية وإيقافها عن العمل وإبلاغ الجهاز المركزى للمحاسبات.
وتضمن قرار رئيس مجلس الإدارة الذى حصلت “فيتو” على نسخة منه بأنه ثبت أن مديرة الفرع تقوم بتوزيع أدوية غير متوفرة بالسوق، وأدوية جدول إلى سلاسل صيدليات وأفاد السائقون بالشركة أنهم يقومون بتسليم هذه الأدوية إلى مخازن السلاسل وليس الصيدليات المسحوب باسمها الأدوية كما تقوم هذه المديرة بكتابة النواقص وأدوية الجدول فقط لصيدليات تابعة لها وهو أمر مخالف للوائح الشركة.
ومن ضمن المخالفات التى اكتشفتها لجنة التحقيق الإدارى بالشركة عدم التوزيع العادل لدواء الهيومن ألبومين المستخدم لمرضى الكبد ومن الأدوية الحيوية فيقتصر توزيعه على صيدليات معينة داخل المحافظة.
وكذلك عدم تسجيل وإدخال الأدوية الواردة للفرع بعد خروجها من مخزن القاهرة الإقليمى وتسجيلها بعد وصولها للفرع بـ 10 أيام بالمخالفة لتعليمات الشركة مما يشكل مخالفات إدارية ومالية وإخلال بواجبات الصيدلانية الوظيفية لذا تم وقفها عن العمل وإحالتها للنيابة العامة.
شكاوى متعددة
من جانبه، قال محمود فؤاد مدير المركز المصرى للحق فى الدواء إن المركز استقبل شكاوى متعددة من صيدليات الفيوم والمنيا وبنى سويف وهى المحافظات التى تقوم المديرة المذكورة بالتوزيع عليها بشأن نقص أدوية الهرمونات والأدوية النفسية والعصبية وعدم وجود أدوية الألبومين والأورام ومرضى السكر لافتًا إلى أن الصيادلة اشتكوا من أن مديرة فرع الشركة تقوم بعمل طلبيات وهمية لصيدليات تابعة لها أو أخرى غير موجودة من الأساس أو مغلقة وإرسال هذه الأدوية للسوق السوداء وبيعها فيه.
وأشار لـ”فيتو” إلى أنه تم رصد أكثر من 10 أصناف تباع فى السوق السوداء بأضعاف ثمنها مطالبًا بمراجعة صرف الأدوية وأماكن توزيعها خلال العامين الماضيين للكشف عن أى تلاعب فى توزيع الأدوية داخل شركات التوزيع.
فى سياق متصل، كشفت مصادر “فيتو” داخل شركة التوزيع الحكومية أن عددا من الصيادلة تقدم بشكوى إلى رئيس مجلس إدارة الشركة للمطالبة بمراجعة توزيع الأدوية التى دخلت وخرجت من الشركة خلال العامين الماضيين للكشف عن أى وقائع تلاعب وفساد أخرى داخل الشركة
بدوره، كشف الدكتور ثروت حجاج، عضو مجلس نقابة الصيادلة، أن شركات التوزيع مصدر السوق السوداء للدواء، مشيرا إلى أن صيدليا بمفرده لا يستطيع التلاعب فى تسريب الأدوية الحيوية خارج الشركات بل فريق من صيادلة ومحاسبين.
وأكد لـ “ فيتو” أن شركات التوزيع الخاصة تتلاعب فى الخصم للأدوية، موضحا أن العبوة التى تباع ب ١٠٠ جنيه تذهب للصيدليات ب ٨٠ جنيها ولكن الواقع أنه يتم بيعها بأكثر من ثمنها أو بدون خصم.
وأوضح أن صنف الدواء بدلا من خروجه للصيدلية بحسب النسبة المقررة لكل مستحضر تدعى شركة التوزيع أن الصنف غير متوفر للصيدليات ثم يطبعون الأدوية لصيدليات وهمية أو تابعة لهم ويحصلون على هذه الأدوية لتباع لتجار سوق سوداء كما يحصلون على خصم الصيدليات لهم.
وأشار إلى أن وقائع التلاعب فى شركات التوزيع تكتشف من خلال صيدليات أهلية عندما تطلب اى صنف دواء لا تجده باستمرار وتفاجأ أن الصنف الذى يسأل عليه فى شركة التوزيع مع تجار السوق السوداء بأسعار مبالغ فيها ومن المعروف أن هذه الأدوية مصدر توزيعها شركة توزيع محددة وهى الوحيدة التى لها حق توزيع الصنف وبذلك يكشف الصيادلة خروج هذه الأدوية من شركة التوزيع بطرق غير رسمية.