عبد الرحمن الشرقاوي.. شاعر الفلاحين والأديب الموسوعي.. سر هجوم الشيخ الغزالي عليه.. واليوم تحل ذكرى وفاته السابعة والثلاثون
عبد الرحمن الشرقاوي، قامة أدبية كبرى، شاعر وكاتب وأديب مسرحي وروائي، هو ابن القرية المصرية، لُقب بشاعر الفلاحين، والأديب الموسوعي الذي كتب الرواية والمسرحية الشعرية والقصة القصيرة والمؤلفات الإسلامية والمقال الأدبي، حصل على جائزة الدولة التقديرية 1974، ورحل عام 1987.
وُلد عبد الرحمن الشرقاوي في مثل هذا اليوم 10 نوفمبر عام 1921، بقرية الدلاتون مركز شبين الكوم بالمنوفية، وفي مجلة الجيل عام 1955 يحكي الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي عن نشأته الأولى ويقول: تركت بلدتي التي ولدت فيها بشبين الكوم وجئت إلى القاهرة ولم أجاوز ثماني سنوات، فعانيت من الاغتراب للمرة الأولى في حياتي بعيدًا عن أبوي، لكن كان لوالدي مقولة ما زالت عالقة في ذهني تقول: إن شد الرحال والاغتراب في سبيل العلم مثل الجهاد في سبيل الله.
التحقت بالمدرسة ثم الجامعة وتخرجت من كلية الحقوق عام 1943، وكانت الحياة السياسية في ذلك الوقت خصبة لجيلنا، وكانت الصحف متنوعة والمجلات الأدبية كثيرة، كما كانت الكتب زهيدة الثمن ومتنوعة، كنت في القرية قد أحببت القراءة ولاسيما السير الشعبية مثل: سيف اليزن وأبو زيد الهلالى وعنترة ابن شداد، كما تعرفت على نوع جديد من الكتب أهمها كتب التراث العربي والشعر العربي، كان تأثيرها واضحًا في تشكيل وجداني.
اتهام بالشيوعية والتطرف الفكري
ورغم أن عبد الرحمن الشرقاوي كان يساري التفكير، إلا أنه ظل طوال حياته معتدلًا لا يعرف التطرف في الفكر، متسامحًا يحب الديمقراطية وأهمية وجود الرأي والرأي الآخر، وتولى الهجوم عليه الشيخ الغزالي، فاتهم بالشيوعية تارة وبالشيعية تارة أخرى والإلحاد تهمة ثالثة، بالرغم من أنه أعلن ردًّا على الهجوم عليه من الشيخ الغزالي أن منهجه ورائده الإسلام فتراجع الغزالي عن اتهامه بالكفر، لكنه اتهم بانتمائه إلى التيار اليساري واعتقل في بداية الثورة، وكان يرد على الاتهامات ويقول: (عودوا إلى الإسلام الحق تجدوه أكثر تقدمًا من كل الفلسفات البشرية أم أنكم ستسلبون الإسلام محاسنه لتضيفوها إلى الشيوعية).
وفي عام 1954 بعد إصدار عبد الرحمن الشرقاوي روايته " الأرض " اعتقله اللواء محمد نجيب رئيس الجمهورية بسبب غضبه مما كتبه في رواية الأرض التي صورت فيلمًا أخرجه يوسف شاهين، واعتبره نجيب إهانة للسودانيين بتصويره الهجانة، واعتقل مرة ثانية وتم فصله مع عدد من الصحفيين فيما عرف بمذبحة الصحفيين لاعتباره ضمن رموزالتيار اليساري الذي كان ينادي بالانفتاح على السوفيت.
مصادرة ثلاث كتب
عبد الرحمن الشرقاوي رائد في جميع فنون الكتابة، كتب الكثير من المسرحيات باستخدام الشعر الدرامي الحديث، إلا أنه لم ينشر له عملًا واحدًا إلا بعد ثورة يوليو، فحين كتب قصيدة (من أب مصري إلى الرئيس ترومان) عام 1951 في باريس لم يستطع نشرها إلا في القاهرة بعد الثورة، وكذلك رواية الأرض لم يستطع كتابتها إلا بعد الثورة، أما قبلها فقد صُودرت له في المطبعة ثلاثة كتب؛ منها قصة تاريخية عن عمر مكرم، ومجموعة شعرية وقصص قصيرة فيما بين عامي 1946 و1950.
منع مسرحية الحسين ثائرًا وشهيدًا
وأثارت مسرحيات الأديب عبد الرحمن الشرقاوى جدلًا واسعًا، وكانت مسرحية "الفتى مهران" التي شهدت صراعًا عنيدًا مع السلطة عام 1966 بعد أن عُرضت شهرًا واحدًا ثم توقفت يطرح فيها التناقضات بين المثقف والسلطة، ثم تكررت الأزمة مع مسرحية "ثأر الله..الحسين ثائرًا وشهيدًا" التي تم إيقافها في الليلة الأخيرة للبروفة بقرار من الأزهر وظلت ممنوعة حتى وقتنا هذا، كما تعكس رواياته الواقع المصري بكل متاعبه وآلامه مثل روايات: الشوارع الخلفية، قلوب خالية، مأساة جميلة، أحلام صغيرة، ومن مسرحياته الشعرية: وطني عكا، النسر الأحمر، عرابي زعيم الفلاحين.
وبعد نكسة 67 جاءت مرحلة الرمز في الكتابة، ويعلق على ذلك عبد الرحمن الشرقاوي ويقول: التعبير عندي كان بالرمز وعند غيري أصبح نوعًا من الألغاز لمحاولة الهروب من الرقابة التي كانت تفرضها الدولة على الكتابة ومع هذا كان القارئ يفهم الهدف الذي يقصده الكاتب؛ لأن القارئ نفسه كان يعاني من أزمة حرية التعبير.
اتجه الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي إلى القرية وكتب رواياته الشوارع الخلفية وغيرها، فلا تزال ملحمته الخالدة "الأرض" النموذج الأبرز للرواية العربية الواقعية الأصيلة، ومثلها رواياته: الشوارع الخلفية، قلوب حائرة، الفلاح، التي عكست الواقع المصرى منذ أواخر الثلاثينات حتى أوائل الستينات.
كتب أئمة الفقه التسعة
ومن الكتابات الإسلامية قدم عبد الرحمن الشرقاوي للتاريخ الإسلامى كتبه أئمة الفقه التسعة استعرض فيها قصص الفقهاء بدءًا من الإمام علي زين العابدين، جعفر الصادق الذي دعا إلى إعمال العقل، أبو حنيفة، مالك بن أنس، الليث بن سعد، الإمام الشافعي الذي صحح مفاهيم الناس عن السنة، الإمام أحمد بن حنبل وابن حزم الذي كتب في الحب وأحوال العشاق، والعز بن عبد السلام.. الداعي إلى التجديد، ومن مؤلفاته أيضًا: على إمام المتقين، محمد رسول الحرية، الفاروق عمر بن الخطاب، الصديق أول الخلفاء الراشدين، وعثمان ذى النورين.
رئيس مجلس إدارة روز اليوسف
وفى عام 1972 اختار الرئيس السادات ـ فور توليه السلطة ـ الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف، وبعد أحداث 18 و19 يناير قدم استقالته من روز اليوسف ليلتحق بالأهرام كاتبًا متفرغًا ضمن كوكبة كتاب الأهرام.
وحول اتجاهات عبد الرحمن الشرقاوي في الكتابة الشعرية يقول الدكتور أسامة أبو طالب الكاتب والناقد الفني: إنه شاع في بعض الأوقات عن عبد الرحمن الشرقاوي أنه ملحد ولا ديني؛ بسبب مسرحياته الدينية.
وأوضح أن الشرقاوي فتح بابًا في النقد المسرحي عند كتابته مسرحية "الحسين ثائرًا"، مما جعل الجميع يثور عليه لتجسيده شخصية الحسين -رضي الله عنه- الذي تبناه في هذه المسرحية، ومع الاتهامات الشديدة التي وجهت له، أوضح أن هذا العمل لا يمكن أن يكتب بيقين ملحد، وهذه المسرحية كتبت بيقين ديني وإيمان حقيقي من الكاتب.
متابعًا: إن الشرقاوي كان شاعرًا متوسطًا وهذه المسرحية تجمع بين الشعر وعظمته.
شهادة لويس جريس على إدارته للمؤسسة
وحول أسلوبه في الإدارة قال الصحفى لويس جريس: إن تولي الكاتب الراحل عبد الرحمن الشرقاوي إدارة مؤسسة روز اليوسف كان بمثابة المفاجأة لكل العاملين بها آنذاك، مؤكدًا أنه على الرغم من مكانته الشعرية، كان هناك الكثير من التشكيك بقدراته في مجال الصحافة والإدارة، وبمجرد توليه الإدارة أحدث طفرة تنويرية نهضوية في روز اليوسف عكس ما كانوا متوقعين، مشيرًا إلى أن نسبة بيع الجريدة ارتفع في عهده إلى 165 ألف نسخة أسبوعيًّا، كما ارتفعت مبيعات مجلة “صباح الخير” إلى 155 ألف نسخة أيضًا، فقد استطاع النهوض بها إلى مجالات لم يسبقه إليها أحد قبله.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.