رئيس التحرير
عصام كامل

"سلماوي" ينتقد اليونسكو لصمتها إزاء حرق المتاحف ودور العبادة

 الكاتب محمد سلماوي
الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر

بعث الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر أمين عام اتحاد الكتاب العرب واتحاد كتاب أفريقيا وآسيا، برسالة شديدة اللهجة لإيرينا بوكوفا مدير عام منظمة "اليونسكو"، انتقد فيها صمت المنظمة إزاء الحرائق التي استهدفت المتاحف المصرية ودور العبادة والمباني التاريخية وسط انحياز غير أخلاقي للدوائر السياسية والإعلامية في الغرب.


ووصف سلماوي، الاعتداء على التراث الإنساني بأنه جريمة ضد الإنسانية، مطالبا "اليونسكو" بضرورة تحمل مسئوليتها في الحفاظ على التراث وحمايته.

وقد جاء في نص الرسالة: " أكتب إليك من بلد ترتفع فيه الآن معاول الهدم السوداء، وألسنة اللهب الهوجاء، تحطم وتلتهم ما تطوله من تراث مصر الذي هو تراث إنساني، خسارته خسارة للإنسانية وليست لمصر وحدها ".
اكتب اليك في صميم عملك، وعن مسئولية منظمتك، ولا أكتب عن الدماء الذكية التي سفكت، ولا عن الأطراف الآدمية التي قطعت، ولا عن جثامين الضحايا التي تفحمت، فتلك كلها لا يبدو أن الغرب يكترث لها، إلا لو كانت لمن ينتمون لجحافل الإرهاب التي تعتدي الآن على الشعب المصري، وعلى منشأته العامة والخاصة، وعلى تراثه العريق.
لقد قامت قوى الظلام الملتحفة زورا بالدين الإسلامي الحنيف بالاعتداء على المتاحف ودور العبادة والمباني المعمارية القديمة في البلد الحاضن والحافظ لآثار واحدة من أهم وأقدم حضارات الإنسان.
إن أحد تلك الاعتداءات الغاشمة كانت على متحف ملوي بالمنيا والذي سرقت منه 1050 قطعة من أصل قطعه الـ 1089، إلا أن اعتداء قوى الظلام على المتحف لم يكن بهدف السرقة مثلما يحدث في متاحفكم، فالقطع التي لم يتمكنوا من إخراجها من المتحف تم تدميرها في أماكنها، والبعض منها لم يعد في حالة تسمح حتى بالترميم، ثم عادت تلك الأيدي السوداء الآثمة مساء نفس اليوم لتشعل النيران فيما تبقى من المتحف، ألا يعطيك هذا يا سيدتي فكرة واضحة عن جماعات الإرهاب التي كانت تحكمنا ؟ والتي تطالبوننا اليوم بعد أن أسقطناها بأن نعيدها مرة أخرى لتشارك معنا في صياغة مستقبل هذا البلد العظيم؟ إنهم لا ينتمون لهذا الوطن ولا يعترفون بحضارته العريقة، بل يعتبرونها أصناما وأوثانا تستوجب الحرق والتحطيم ليعم ظلام فكرهم المتخلف المريض، وليس في هذا القول إقصاء، وإنما هو تنصيص لتصريحاتهم المتكررة في هذا الشأن.
إن مبنى محافظة الجيزة الذي أحرقوه ليس أثرا تراثيا، وهو ليس مسجلا لديك ضمن الآثار، لكني أذكر أنني في أول مرة دخلته ظللت أحصي وأنا جالس في مكتب المحافظ أسماء أكبر فناني القرن الـ 19 العالميين الممضاة على اللوحات التي تزين جدرانه، وتلك التهمتها نيران أصدقائكم الذين تتبنون الآن قضيتهم الإرهابية الخاسرة وقد كانت من بين تراثكم أنتم الذي نعتز به ونقتنيه.
وقد لا تعلمين يا سيدتي أن مبنى مجلس الوزراء يحمل هو الآخر جدارية تزين سقف قاعة اجتماعاته تحمل توقيع الفنان الفرنسي الشهير "إيبوليت برتو" الذي رسم جدارية مبنى مجلس الشيوخ الفرنسي الذي لا يبعد كثيرا عن مقر عملك بالعاصمة الفرنسية.
هل تعلمين يا سيدتي - وكيف لا تعلمين وواجبك يقتضي أن تعلمي ـ أنه قد تم الاعتداء أيضا على مكتبة الإسكندرية، وعلى مكتبة الجمعية الإنجيلية، وعلى مكتبة الصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل بما تحتويه من وثائق نادرة وكتب قيمة بعضها لا يعوض ؟
إن الدفاع عن التراث الثقافي وحمايته لا يتأتى - كما علمتنا حضارتكم الغربية منذ عصر النهضة - إلا من خلال فصل الدين عن السياسة، فما بالكم تريدون لنا العودة للقرون الوسطى التي كان الحكم فيها للدين فكان تكفير الكنيسة للعلماء والمفكرين والفنانين
، فهل النهضة حق من حقوق الغرب وحده وليست حقا للبلد الذي علم التاريخ أصول الحضارة والثقافة والفكر والفنون والآداب ؟ لقد حمى هذا الشعب تراثه المتحفي من القوى الهمجية في يناير2011، وهو قادر على أن يحميه في عام 2013 ليحفظ لهذا البلد
هويته الإنسانية وليفتح الطريق أمام الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة التي من أجلها قامت الثورة، وفى سبيلها بذلت الدماء وما زالت، فإذا مددتم لنا يد العون سنرحب بها، وإذا لم تفعلوا فلن نكترث، ولكن التاريخ سيفعل، فالتاريخ لا ينسى، والتاريخ لا يغفر".
الجريدة الرسمية