رئيس التحرير
عصام كامل

هاريس.. وجه الديمقراطيين الجديد.. التفوق الإسرائيلى ملف متفق عليه مع الجمهوريين

هاريس وترامب
هاريس وترامب

تتجه أنظار العالم أجمع، وفى القلب منها شعوب منطقة الشرق الأوسط، يوم 5 نوفمبر المقبل، إلى الولايات المتحدة لمعرفة اسم الرئيس الأمريكى الجديد الذى يسكن البيت الأبيض أربعة أعوام متتالية، ومع تصاعد وتيرة الأحداث الدموية فى دول المنطقة وتوسع العدوان الإسرائيلى من غزة إلى لبنان وقابلية وصوله إلى إيران واليمن والعراق، علاوة على ملفات حساسة فى دول أخرى فى إقليم متصدع بالخلافات السياسية والاقتصادية والمذهبية.
 

وحول سياسة هاريس المتوقعة تجاه الشرق الأوسط وملفاته المعقدة، يقول السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، إن الكثير من دول العالم تترقب الانتخابات الأمريكية وما ستؤول إليه من نتائج، وذلك نظرا للقوة الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية التى تتمتع بها واشنطن، وهى قادرة على التأثير فى جميع ملفات العالم.


ملفات متفق عليها
وأضاف السفير أحمد حجاج، أن هناك ملفات يتفق فيها الحزبان الجمهورى والديمقراطي، مثل دعم إسرائيل والدفاع عنها وضرورة ضمان تفوقها العسكرى فى منطقة الشرق الأوسط على حساب باقى دول المنطقة، لذلك فإن واشنطن تنظر إلى أى دولة أو قوى تشكل تهديدا لإسرائيل على أنها عدو أو منافس يجب التصدى له بأى شكل من الأشكال.


وتختلف سياسة الحزب الديمقراطى عن الحزب الجمهورى فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية إلى حد ما، لذلك فى حال فوز كامالا هاريس بالانتخابات الأمريكية، من المحتمل أن تقوم بإرساء اتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة وكبح جماح حزب اليمين المتطرف فى إسرائيل والذى تسبب لها أثناء فترة وجودها فى إدارة جو بايدن بالكثير من المتاعب والإحراج أمام العالم.


والحزب الديمقراطى يرى أنه يجب حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية من أجل إنهاء الصراع الطويل فى منطقة الشرق الأوسط، ولكن بشرط أن يكون ميزان القوة فى كفة إسرائيل، لذلك فى حال فازت كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية فى أمريكا ستلقى حجرا فى الماء الراكد من أجل حل الدولتين وإنهاء القضية الفلسطينية، وذلك عكس دونالد ترامب الذى يؤيد خطة تهجير الفلسطينيين وسيطرة إسرائيل على كامل الأراضي.


حروب إقليمية


وأوضح “حجاج” أن كامالا هاريس لا تريد توريط الولايات المتحدة الأمريكية فى حرب إقليمية بمنطقة الشرق الأوسط، فهى تدرك خطورة ذلك على الاقتصاد الأمريكي، كما أنها تريد استكمال مسيرة التطبيع التى بدأتها إسرائيل منذ فترة وإبرام اتفاق بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وذلك يتطلب تهدئة كاملة على كافة الجبهات سواء فى لبنان أو قطاع غزة أو مع إيران.


وتابع، إن الديمقراطيين لا يؤيدون احتلال إسرائيل لقطاع غزة، ولكنهم يرون ضرورة أن تحل السلطة الفلسطينية محل حركة حماس فى حكم وإدارة القطاع والمعابر، وكامالا هاريس تضع دعم أوكرانيا على رأس أولوياتها من أجل إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا وهذا الدافع سيجعلها تسعى بشكل كبير لمنع انزلاق إسرائيل فى حرب إقليمية بمنطقة الشرق الأوسط وتورط واشنطن معها فى هذا المستنقع بما يؤثر بالسلب على الدعم المقدم لكييف.


الملف اللبنانى والإيراني


أما بالنسبة للبنان، قال السفير أحمد حجاج  إن توجه كامالا هاريس والحزب الديمقراطى يتفق مع توجه الحزب الجمهورى وترامب، فهى ترى ضرورة إلحاق هزيمة بحزب الله وحصر السلاح فى يد الجيش اللبناني، وضرورة دعمه بالإضافة إلى قوة اليونيفيل من أجل إدارة الحدود مع إسرائيل لمنع حدوث أى اشتباكات مستقبلية بين حزب الله وجيش الاحتلال.


وبالنسبة لإيران، فهاريس تسعى إلى تهدئة الصراع مع إيران، وهو نفس النهج الذى سار عليه الرئيس جو بايدن، وربما تستغل ملف المفاوضات النووية للضغط على طهران من أجل التراجع عن دعم روسيا فى الحرب على أوكرانيا، وسيكون ذلك أيضا مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران والسماح لها بتصدير نفطها.


الملف الإفريقي


وفى ظل الصراعات الأخيرة التى شهدتها القارة الإفريقية، ودخول لاعبين جدد إلى المنطقة وهما روسيا والصين، بدأت السياسة الأمريكية تأخذ منحى آخر تجاه القارة السمراء، وهذا ما سيكون ضمن الملفات المطروحة أمام الرئيس الأمريكى القادم، وأكد “حجاج” أنه لا يوجد فرق فى سياسة واشنطن نحو إفريقيا، سواء كان الحاكم ديمقراطيا أو جمهوريا، وهى تأخذ مكانة متدنية فى السياسة الأمريكية، ولكن قد يغير التنافس الجديد فيما بين القوى العظمى على أراضى القارة السمراء وظهور الصين وروسيا كلاعبين أساسيين، من  سياسة كامالا هاريس تجاه إفريقيا.


السودان


من جانبه، أكد السفير  محمد الشاذلي، سفير مصر السابق فى السودان، أن  كامالا هاريس ستكون أقل ضررا من دونالد ترامب، والحزب الديمقراطى أكثر عقلانية من الجمهورى وينأى بواشنطن عن الصدامات العسكرية بشكل مباشر، ويستخدم سلاح العقوبات أكثر من اللجوء إلى آلة الحرب.


وأضاف “الشاذلي” أن هاريس ستركز على مواجهة النفوذ الروسى والصينى فى القارة الإفريقية، وسيتصدر الملف السودانى ضمن اهتمامات الولايات المتحدة الأمريكية من أجل منع روسيا من الحصول على قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، وهو ما سيشكل تهديدا للمصالح الأمريكية فى المنطقة، خاصة بعد نشاط إيران والمليشيات التابعة لها.


العلاقات مع مصر


أما عن العلاقات مع مصر والخليج، أوضح السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، أن العلاقات الأمريكية مع مصر ودول الخليج  ضمن الملفات المطروحة أمام الرئيس الأمريكى القادم، وذلك نظرا للثقل الإقليمى الذى تمثله هذه الدول ودورها الفعال إزاء الأزمات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط.


وتابع، أن السياسات الأمريكية نحو مصر مرتبطة بأشياء كثيرة  ليس فقط الرئيس، فعلى سبيل المثال الأدوار التى تلعبها مصر فى الإقليم وتأثيرها فى العديد من الملفات بالمنطقة وهذا ما رأته واشنطن بوضوح فى الدور الذى لعبته القاهرة فى أزمة غزة والسودان وليبيا وأمن الملاحة فى البحر الأحمر، ومع التغير الكبير الذى يشهده العالم أصبحت السياسات متغيرة، ولكن الخط العام، فى حال قدوم كامالا هاريس أو حتى دونالد ترامب،  فى العلاقات المصرية الأمريكية هو أن القاهرة لها ثقل ووزن كبير فى الإقليم الذى نعيش فيه، وهو ما دفع الرئيس الأمريكى بايدن إلى تعزيز العلاقات مع مصر وزيادة التنسيق معها وتأكيدا على ذلك أرسلت واشنطن المعونة العسكرية إلى مصر بشكل كامل ووافقت على صفقات تسليح لمصر تقديرا منها للدور الكبير الذى قامت به مصر فى المنطقة.


وفيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الخليجية، أكد محمد العرابي، أن بايدن انتهج سياسة خاطئة إزاء دول الخليج، وهو ما زاد التقارب بين دول مجلس التعاون وروسيا والصين، وأدركت واشنطن مؤخرا خطورة تراجع علاقتها مع الخليج لذلك ستعمل كامالا هاريس فى حال فوزها على تعزيز العلاقات وزيادة التنسيق خاصة فى مجال الطاقة وأمن الملاحة فى البحر الأحمر.

الجريدة الرسمية