رئيس التحرير
عصام كامل

أحلاهما مر.. ماذا يحصد الشرق الأوسط من الرئيس الأمريكى القادم؟.. ترامب.. عرّاب الصفقات.. الأجندة الأمريكية لن تتغير فى حروب الشرق الأوسط.. وعدم الاستقرار يخدم واشنطن

 انتخابات الرئاسة
انتخابات الرئاسة الأمريكية

تتجه أنظار العالم أجمع، وفى القلب منها شعوب منطقة الشرق الأوسط، يوم 5 نوفمبر المقبل، إلى الولايات المتحدة لمعرفة اسم الرئيس الأمريكى الجديد الذى يسكن البيت الأبيض أربعة أعوام متتالية، ومع تصاعد وتيرة الأحداث الدموية فى دول المنطقة وتوسع العدوان الإسرائيلى من غزة إلى لبنان وقابلية وصوله إلى إيران واليمن والعراق، علاوة على ملفات حساسة فى دول أخرى فى إقليم متصدع بالخلافات السياسية والاقتصادية والمذهبية.


وكعادة شعوب المنطقة التى تتعامل بالعواطف مع انتخابات الرئاسة الأمريكية، تتوهم أن اسم القابع فى المكتب البيضاوى يختلف فى السياسات تجاهنا بين الجمهوريين والديمقراطيين، فهناك من يتوسم الخير فى الديمقراطية كامالا هاريس، وعلى الضفة المقابلة يراهن آخرون على عودة الجمهورى دونالد ترامب.. لكن من المؤكد أن الجالس خلف المكتب البيضاوى يرتهن لما تضعه المؤسسات الأمريكية، ويضع مصالح الولايات المتحدة العليا فوق كل اعتبار.


هذه المصالح تفرض على أى رئيس مهما كان اسمه دعم إسرائيل، ويرى الجمهوريون أو الديمقراطيون الشعوب العربية والإسلامية مجرد رقم فى تعداد سكان العالم، يظلون أحياء فوق الأرض أو أمواتا فى بطونها لا يهم، ما دامت أمريكا فوق الجميع، يمد يد العون لمن يراه صديقًا ويطلق رصاص على من يعتبره عدوًّا.. هكذا هى قواعد لعبة المصالح التى تحكم سياسات واشنطن تجاه الإقليم.. لكن بعيدًا عن الآراء الخاصة والقناعات تطرح «فيتو» السؤال الصعب على الخبراء.. هل من مصلحتنا فوز هاريس أم ترامب؟


بداية قال الدكتور مهدى عفيفى عضو بالحزب الديمقراطى الأمريكي، إنه حال وصول ترامب إلى الحكم فإن ملف غزة سوف يتغير قلبًا وقالبًا  لأنه وعد  اللوبى الصهيونى بأنه سيسمح لهم ويوافق على أخذ  الضفة الغربية.


وتابع، إن ترامب قال خلال حملته الانتخابية، إن شكل إسرائيل على الخريطة  صغير نوعًا ما بالنسبة للدول  التى تحيط بها، وهو سيغير المعطيات بكافة الاتجاهات خاصة أنه يتباهى بأن ابنته إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر يهوديان  وأن الأخير كان وراء صفقة القرن.


إيران ولبنان
وأكمل، بالنسبة لإيران، فترامب يرى أنه لا بد من القضاء على  القوى العسكرية لطهران، وسيدعم أى تحرك ضد المقاومة سواء إن كانت فى العراق أو لبنان أو ما يسمى أذرع المقاومة  وأى نشاط ضد إسرائيل، كما أنه من الممكن أن يسمح بضرب المفاعلات النووية.


وبالنسبة للبنان، يوضح “عفيفي” أن الكثيرين يرون أنه تم القضاء على القوة الأكبر من إمكانيات حزب الله فى لبنان، ولا يوجد دعم  حتى من الدول المحيطة أو أى شيء، لذلك فالحل عند ترامب سيكون مختلفا، خاصة أن هناك ضغطا من  الدول الأوروبية  لدعم لبنان وبالأخص فرنسا وهو ما تم مشاهدته من خلال الدور الذى قام به الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من زيارات ومؤتمرات سعيًا فى حل الأزمة.


وتابع، فى السودان يختلف الأمر نظرًا لأن  الولايات المتحدة الأمريكية تهتم بجنوب السودان كونها دولة مستقلة، وتوسع الصراع داخل السودان شيء لا تهتم به الإدارة الأمريكية أيًا كانت، والتركيز على السودان سيكون أقل بكثير من التركيز على أى مكان آخر، أما ليبيا فسيكون التركيز أكثر عليها من قبل الدول الأوروبية نظرًا لأن واشنطن ترى أنه طالما لا يوجد تأثير على أسعار النفط والبترول والغاز فليس من المهم التركيز عليها، فهناك دور أوروبى يحل محل الدور الأمريكي.


مصر والخليج
بالنسبة للخليج، والحديث متصل لعضو الحزب الديمقراطى الأمريكي، فلن يختلف الأمر كثيرًا، وستسود علاقة المصالح أكثر، لكل شيء ثمن، فمثلا حجم المشتريات من السلاح  للحماية وفى المقابل أموال طائلة ثمن هذا السلاح لحمايتهم وبنفس الأسلوب الذى كان سابقًا.


وحول العلاقة مع  مصر  سيكون لها شكل مختلف لأن  الإدارة الأمريكية ترى أن مصر مفتاح لأزمات كثيرة وبالنسبة للسودان وليبيا مصر هى الفاعل الرئيسى أمام هذه القضايا، لذلك التعامل مع مصر سواء كانت الإدارة ترامبية  أو ديمقراطية سيكون هناك نوع من التوازن فى التعامل مع مصر.


وفيما يخص خلافات الجزائر والمغرب سيكون هناك دعم كبير للمغرب من قبل ترامب، خاصة أن المغرب تمكّنت من إقامة علاقات قوية مع أوروبا، وهو ما ظهرت بشائره فى الدعم التام الأمريكى والأوروبى للمغرب فى قضية الصحراء الغربية، خاصة أن الجزائر كانت تأخد موقفا فى القضية الفلسطينية وهو ما سيؤخذ عليها من قبل أمريكا.


سياسة الشرق الأوسط
من جانبه، قال اللواء محمد عبد الواحد، الخبير الإستراتيجي، إنه لا يوجد فرق ما بين الديمقراطى والجمهورى  فى أمريكا، فهناك استراتيجية تضعها مراكز الفكر الأمريكية ويمشى عليها  الطرفان، لكن لكل طرف منهم أسلوب مختلف عن الآخر.


وتابع، هناك مصالح أمريكية فى الشرق الأوسط ويجب تحقيقها، ومن ثم تأتى قضية إسرائيل وعلاقة الحزب الديمقراطى والحزب الجمهورى بها، فنحن شاهدنا فى الانتخابات السابقة أن الكل يتنافس لنيل رضا إسرائيل، وترامب على رأس القائمة يتفاخر بمحادثاته الهاتفية مع نتنياهو، والأخير يتفاخر بكونه يروض السياسة الأمريكية واستطاعته احتوائها وتوظيفها لخدمة المصالح الإسرائيلية فى المنطقة.


وأشار الخبير الاستراتيجي، إلى علاقات نتنياهو القوية  فى الكونجرس فهو له شبكة من العلاقات الدولية والأمريكية داخل الولايات المتحدة، وفيما يتعلق بالملف الإسرائيلى سواء بنجاح ترامب أو هاريس، فالطرفان سيستكملان الدور الأمريكى وهو ما يجعل إسرائيل دولة محورية فى الشرق الأوسط وسيعمل الفائز على تغيير موازين القوى كما قال نتنياهو من قبل وستكون لصالح إسرائيل على حساب المنافسين الإقليميين لإسرائيل سواء إيران - مصر - السعودية - تركيا.


حروب المنطقة
على صعيد غزة فترامب يريد أن تنتصر إسرائيل فى هذه الحرب، وهو ما تسعى إليه هاريس بالإضافة إلى حديثها عن وقف إطلاق النار ومعاناة الشعب الفلسطيني، لكن كلاهما مع  المصالح الإسرائيلية، أما إيران، فيجدر الإشارة إلى أن بايدن عندما كان نائبًا للرئيس فى 2018، تم التوقيع على الاتفاق النووى مع ايران، وبموجبه تخففت إيران من نشاط هذا البرنامج مقابل تخفيف العقوبات عليها، ثم جاء ترامب فى 2018 وبضغط من نتنياهو أمر بالخروج من هذا الاتفاق، وفى حال نجاح ترامب سيكون له موقف متشدد مع إيران  على الرغم من أن الإدارة الأمريكية والفكر الأمريكى دائمًا ينصحون أن إيران دولة يمكن ترويضها، ولها أهمية كبيرة فى المنطقة.


وأوضح اللواء “عبد الواحد”، أن السودان وليبيا واليمن وملف  الشرق الأوسط بشكل كامل والصراعات التى يشهدها وحالة عدم الاستقرار به، يصب فى مصلحة أمريكا سواء ترامب أو هاريس فبقاء الأوضاع كما هى دون تدخل، لكن ربما تعلن عن مقاربات سياسية سواء لليبيا أو السودان واليمن، لكنها لن تحقق منها أى شيء.


الأجندة الأمريكية
أما هند الضاوي، الباحثة فى العلاقات الدولية، فترى أنه لا يوجد خلاف حقيقى بين الأجندة  الديمقراطية والجمهورية فى السياسات  الخارجية، قد يحدث اختلاف فى السياسات الداخلية فيما يتعلق بالملفات الخاصة بالاقتصاد والأجهاض والهجرة، لكن خارجيًا فالأجندة الأمريكية لن تختلف كثيرًا، ولن يتعلق بمن سيكون الرئيس بأى شكل من الأشكال  وعلى سبيل المثال ما رأيناه من إدارة جو بايدن الحالية وما رأيناه من إدارة ترامب السابقة.


وتابعت، إنه فيما يخص القضية الفلسطينية تحديدا، رأينا ترامب هو من أسس وشكّل مبادرة “صفقة القرن” لإحلال السلام فى الشرق الأوسط،  وعلى جانب  آخر هو أول من سعى لتصفية القضية الفلسطينية عبر مجموعة من القرارات  وعلى رأسها نقل عاصمة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وهذا يعنى أن لا توجد إقامة للدولة الفلسطينية التى هى من المفترض أن تكون عاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يقضى تماما على حل الدولتين.


وأشارت إلى  أن الخطوة الثانية التى اتخذها ترامب تمثلت فى وقف تمويل” الأونروا “ المسؤولة  عن اللاجئين الفلسطينيين، بالإضافة إلى إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن وهى الممثل الرسمى لفلسطين، وهى الخطوات التى أوقفها بايدن لفترة ومن ثم أعادها مرة أخرى.

الجريدة الرسمية