مصطفى محمود.. ترك الطب مبكرًا وتفرغ للكتابة.. أثارت مؤلفاته جدلًا كبيرًا.. برنامج العلم والإيمان حقق انتشارًا واسعًا.. وهذه كواليس حظر مقالاته بالأهرام
الدكتور مصطفى محمود عالم ومفكر، صاحب العلم والإيمان، تنبأ بمواجهة شاملة بين إسرائيل والدول العربية، قدم 400 حلقة من ذلك البرنامج، ألف 89 كتابًا واختير ضمن أعظم العقول في القرن الـ21، أثار جدلًا حول إيمانه، و"حوار مع صديقى الملحد" أشهر مؤلفاته، ورحل في مثل هذا اليوم عام 2009.
أتقن الدكتور مصطفى محمود العزف على الناي والعود وشكّل فرقة موسيقية من أصدقائه، وقام بالضرب على الطبلة في شارع محمد علي خلف إحدى الراقصات، وعندما شاهده أخوه ضربه “علقة ساخنة”، ورغم كل ذلك حلم منذ صغره أن يصبح مخترعًا مشهورًا.
عشق الطب لكن كره قيود الوظيفة
ولد الدكتور مصطفى محمود ام 1921، بإحدى قرى محافظة المنوفية من أسرة متوسطة الحال؛ أم بسيطة وأب متدين كان شيخًا متصوفًا، عشق الفن والقراءة والفلسفة، والتحق بكلية الطب بناء على رغبة شقيقه الأكبر مختار، وكان أثناء الدراسة مبهورًا بعلم التشريح، وكان أول من يدخل المشرحة وآخر من يخرج منها حتى أطلقوا عليه المشرحجي، ومارس مهنته سنوات بعد التخرج إلا أنه كره الوظيفة وكره قيودها رغم عشقه لممارسة الطب.
القطة الصغيرة كانت البداية
نشر الدكتور مصطفى محمود أول أعماله الأدبية بعنوان "القطة الصغيرة" في مجلة الرسالة بتشجيع الأديب عباس محمود العقاد الذي يقرأ قصصه كشاب ناشئ على ضيوف صالونه الأدبي في ندوة الجمعة، وهناك تعرف على كبار الأدباء والصحفيين ثم نشر مقالاتهِ في مجلة روز اليوسف وهو ما يزال طالبًا، وعمل محررًّا بجريدة النداء، وفي عام 1948 تعرف على الصحفي كامل الشناوي ونشر له أعماله فى مجلة آخر ساعة، ثم انضم إلى مجلة التحرير في سنة 1952، حتى انتهى مشواره الأدبي كاتبًا في مجلة صباح الخير ومحررًا في باب اعترفوا لي للرد على رسائل القراء.
من مؤلفات الدكتور مصطفى محمود: لغز الحياة، لغز الموت، رحلتي من الشك إلى الإيمان، الطوفان، العنكبوت، أما كتبه التي أصدرها بعنوان “الله والإنسان، الشفاعة، القرآن”، الذي تعرض بسببها للانتقاد الشديد والمصادرة، وقدم إلى المحاكمة التي اكتفت بمصادرة الكتب.
الفلسفة والكتابة الاسلامية
انتقد الدكتور مصطفى محمود منذ السبعينات الماركسية والشيوعية واتجه إلى الفلسفة والتأمل، اتجه إلى الكتابة الإسلامية والإسلام السياسي عام 1970، وأثارت كتبه جدلًا شديدًا حتى إنها وصفت بالإلحاد، انتقد بعض الديانات الأخرى وأصدر كتابه (حوار مع صديقي الملحد ) الذى أثار جدلًا كبيرًا.
برنامج العلم والايمان
قدم خلال مشواره إلى جانب الكتب والمقالات أهم وأنجح البرامج التليفزيونية هو برنامج العلم والايمان، صاحب أكبر الانتشار والجماهيرية في الوطن العربي كله، عن هذا البرنامج يقول الدكتور مصطفى محمود: مصطفى محمود يكتب: وكتب مصطفى محمود في مذكراته:"إن مولد البرنامج كان بتشجيع من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، خططت لمشروعي الكبير وأزهقت في التخطيط له آلاف الساعات وأردت أن أبدأه، وكان السادات يزهو كثيرًا بلقب رئيس دولة العلم والإيمان -الذي أطلقته عليه- فأراد أن يكون هناك شاهد حي على دولته وعصره وهذا ما تحقق.
وأضاف: فكرت كثيرًا في تقديم الدين بشكل جديد أكثر خصوبة وأكثر إثراء؛ لأننا بالفعل ظلمنا الدين معنا بتقديمه في صورة خطب الجمعة، حيث يقوم الخطباء بتوسيع النار وتضييق الجنة، فالإسلام كما يدعو للإيمان بالله يأمرنا بالعلم وينصحنا به لقوله تعالى: " رب زدنى علما "، فهناك العلم والعمل بجانب الإيمان، ومن هنا جاءت فكرة برنامج العلم والإيمان، وكنت أعاني طوال حلقات البرنامج في إحضار الأفلام العلمية من جميع أنحاء العالم وكانت تكلفتها عالية حتى اضطررت في النهاية إلى إنتاج الكثير منها على نفقتي.
وكانت رحلة مصطفى محمود مليئة بالتحديات التي كانت سببًا في انتهاء رحلته في الحياة؛ حيث يعد إيقاف برنامج العلم والإيمان ومنع كتاباته من النشر سببًا فى دخوله حالة من الاكتئاب حتى رحيله بعد حزنه على مسيرة العلم التي قدمها خلال حلقاته، حيث رحل عن عمر 88 عامًا فى مثل هذا اليوم عام 2009.
كانت أولى أزمات الدكتور مصطفى محمود حين كتب مقالًا فى جريدة الأهرام يهاجم اسرائيل عام 1994، وثارت القيادة السياسية بسبب المقال، فأرسل الدكتور أسامة الباز مدير مكتب رئيس الجمهورية رسالة إلى إبراهيم نافع يحمل توبيخًا من النظام، مشيرًا إلى حساسية الكتابة فى هذه الموضوعات، وأن إسرائيل اعترضت على المقال الذى يقول فيه: يشغلني دائمًا المواجهة التي ستحدث قريبًا بيننا وبين إسرائيل، فأنا أشعر أن عملية السلام هي عملية تعطيل حتى تتم المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين وبين إسرائيل والدول العربية، وصحيح أن الموقف الفلسطيني سليم لكني كلما نظرت إلى الموقف الإسرائيلى وجدته مناورة.
كما قال أيضا فى كتابه "إسرائيل البداية والنهاية" يصف النكبة الفلسطينية بأنها جريمة تخاذل يشترك بها الجميع، معتبرًا أن المواجهة ليست بصدد أرض فقط، بل بشأن الدين والكرامة ومستقبل بقاء أو عدم بقاء لدولة لها بصمة عريضة في التاريخ، وأن إسرائيل تتصرف وكأنها تتعامل مع أصفار، وتتوسع وكأنها تمرح في فراغ، وهذا الغياب للموقف العربي ستكون له عواقب وخيمة.
إيقاف العلم والإيمان بسبب سياسى
وقرر التليفزيون المصري في نفس العام 1994 منع العالم مصطفى محمود من الظهور وإيقاف برنامجه بسبب حلقته الشهيرة بعنوان "الشفاعة"، التى أثارت ضجة وجدلًا كبيرًا بين الأوساط المثقفة والدينية والدعاة.
وعن سبب التحولات فى حياته يقول الدكتور مصطفى محمود: آية قرآنية توقفت أمامها وقلبت حياتي رأسًا على عقب (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا يصلح لكم أعمالكم) حين سمعت هذه الآية ظللت أفكر وأبحث عن نفسي فيها، وهل ما كتبته هو القول السديد؟ وإذا سألنى الله عما كتبت بعد الموت فماذا أقول له؟ فتحدثت مع صديقى الموسيقار محمد عبد الوهاب واختلفنا، هو يرى أن الفن حياة وشيء عظيم يمكن أن نقابل به الله، وأنا أرى أن الأعمال التي يطلبها الله إطعام جائع أو كسوة يتيم أو إسعاف مريض أو أي عمل خيري آخر، قلت له: يعنى أنت ممكن تقابل ربك وتقوله أنا غنيت بلاش تبوسني في عينيا، ثم قررت بينى وبين نفسى أن ابدأ أعمالًا يرضى الله عنها، ففكرت في مستشفى تحمل اسم والدي تتضمن مراكز طبية وأبحاثًا علمية، وكان التيسير من الله كبيرًا لتخرج إلى النور مستشفى محمود بالمهندسين.
جائزة الدولة في الأدب
حصل الدكتور مصطفى محمود على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1970 في الأدب عن رواية رجل تحت الصفر، وعلى جائزة الدولة التشجيعية سنة 1975 في أدب الرحلات عن كتاب “مغامرة في الصحراء”، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة 1995.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.