رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى توقيع اتفاقية إلغاء الحكم المصري للسودان، هل تورط عبد الناصر في تمزيق وحدة أبناء وادي النيل؟

عبد الناصر مع رموز
عبد الناصر مع رموز السودان، فيتو

انفصال السودان عن مصر، من التهم التى تلاحق الناصرية بشكل عام، والرئيس جمال عبد الناصر بشكل خاص، ويناسب اليوم ذكرى إلغاء اتفاقية الحكم الثنائي المصري الإنجليزي للسودان، فما الذي  حدث، وهل تورط عبد الناصر بالفعل في التنازل عن السودان وفرط في الوحدة بين أبناء وادي النيل ؟  

 

ماذا يعني الحكم الثنائي ؟ 

         

الحكم الثنائي يطلق اصطلاحًا في السودان على الحكم الإنجليزي المصري للبلاد منذ العام 1899 وإلى 1 يناير 1956م، وقبل هذه المرحلة، هناك قصة طويلة لحكم المصريين السودان، وتعود إلى حدود عام 1821، عندما دخل إسماعيل كامل باشا ابن محمد علي باشا والي مصر السودان، في حملة عسكرية، لم يكن من بينها مصري واحد، بتزكية من الخليفة العثماني.

 

ورغم نجاحات إسماعيل المبدئية، ولكنه قتل بواسطة الملك نمر، ملك الجعبليين -القبائل العربية التي استوطنت نهر النيل- وحينما علم والده محمد علي باشا، ثار بشدة وقرر الانتقام، وأرسل حملة تأديبية بقيادة الدفتر دار والذي استطاع هزيمة الجعبليين ورفع علم الخلافة على السودان. 

 

وبعد ستين عامًا من الحكم العثماني للبلاد، قاد الزعيم السوداني محمد أحمد المهدي ثورة عارمة ضد حكم الخلافة العثمانية  عام 1881 م، واستطاع بعد معارك عديدة أن يسيطر على الخرطوم عاصمة البلاد في يناير من عام 1885 م، وقتل الحاكم العام البريطاني جوردون باشا، لكن بعد مضي بضعة أشهر توفي المهدي، ودفن بمدينة أم درمان، وتولى الحكم بعده خليفته عبد الله التعايشي. 

 

كواليس إعلان الحكم الثنائي على السودان 

 

اشتعل غضب الدولة العثمانية بسبب استقلال المهديين بالسوادن، ووُقعت اتفاق مع بريطانيا ومصر ـ والتي كانت تخضع للاحتلال، كما كانت في الوقت نفسه تحت راية الدولة العثمانية ـ للقضاء على الثورة المهدية وإعادة البلاد إلى حكم الخلافة العثمانية.

 

وخلال أقل من عام، وتحديدا في مايو 1896 هزم المهديون بشكل ساحق، وُأسست قاعدة عسكرية مصرية إنجليزية تمهيدًا لإعادة السودان إلى الخلافة العثمانية، وجرت بعد هذا التاريخ عدة محاولات للتمرد في صور معارك عسكرية، انتهت جميعها بهزيمة المهديين، ليرفع العلمين المصري والإنجليزي إيذانا ببدء الحكم الثنائي الإنجليزي المصري 1889-1956. 

 

هل ساهم عبد الناصر في إبعاد السودان عن مصر؟ 

 

قطعت بريطانيا وعدًا لمستعمراتها بإعطائهم حق تقرير المصير عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك ماطلت الإدارة البريطانية في إنجاز هذا الوعد، خصوصًا وأنها كانت تخشى استئثار مصر بالسودان، لذا لعبت دورًا كبيرًا في تقوية نزعات التمرد، واستقطبت له أكبر زعامات البلاد وهو إسماعيل الأزهري، وتبع ذلك تصويت مجلس النواب السوداني بالإجماع على الانفصال عن مصر سنة ١٩٥١، وذلك قبل ثورة جمال عبد الناصر بعام كامل.  

 

ويقول محمد فائق رجل عبد الناصر للمهام الخاصة فى أفريقيا بكتابه الهام «عبد الناصر والثورة الأفريقية»: رغم سعي مصر للوحدة مع السودان وبذلها كل المستطاع لتحقيق ذلك، إلا أن إصرار السودانيين على الاستقلال جعل عبد الناصر يوافق على مضض، لتكون مصر أول الدول التى تعترف باستقلال السودان.

 

أما موقف عبد الناصر الحقيقي من انفصال السودان عن مصر، يعبر عنه بشكل واضح الاشتباك الشهير بينه وبين الوفد السوداني في مؤتمر باندونج لدول عدم الانحياز عام 1955؛ إذ رفض عبد الناصر انفصال الوفد السوداني عن المصري وطلب منهم البقاء معهم باعتبارهم تحت الحكم المصري، لكن السودانين رفضوا وجلسوا بزعامة الأزهري منفصلين، ولهذا السبب رفض عبد الناصر عودتهم إلى السودان عن طريق الأراضي المصرية، واضطروا للعودة عن طريق الأراضي السعودية مما يعني أن نزعات الاستقلال كانت وصلت إلى أقصى درجات الفوران. 

 

وأكد فائق أن عبد الناصر، رغم إيمانه بأهمية الوحدة العربية بشكل عام ووحدة وادي النيل بصفة خاصة، لكنه كان يرى ضرورة أن تأتي الوحدة بإرادة شعبية جامعة وليس إكراها، وهذه النقطة حكمت علاقة الرئيس عبد الناصر بكل مشروعات الوحدة العربية التي أتت بعد ذلك، إذ كان يؤكد دائمًا ضرورة أن تكون هذه الوحدة لا إكراه فيها ولا حتى شبهة إكراه، لذا بادر بالاعتراف بالسودان كدولة مستقلة حتى تكسب مصر مزيدًا من الصداقة والعلاقة مع الجار التاريخي، وهو ماحدث بالفعل، إذ أصبح الدعم المصري للاستقلال السوداني،  بوابة مصر للدخول إلى إفريقيا لمساندة حركات التحرر من الاستعمار، والتي صنعت لها قاعدة شعبية تاريخية، لا يزال صداها مستمرًّا ومرتبطًا في الوقت نفسه بالناصرية حتى الآن.

 

أكد فائق أن دعم الرئيس عبد الناصر للسودان لم يتوقف، بل قرر استمرار عمل المؤسسات التعليمية والثقافية المصرية في السودان، كما ترك أسلحة الجيش المصري هدية للجيش السودانى، لذلك عندما قرر الرئيس عبد الناصر بناء السد العالي لم يجد ممانعة من حكومة السودان التي عززت التعاون بين البلدين بتوقيع اتفاقية تقاسم مياه النيل مع مصر عام  ١٩٥٩.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية