اللواء طيار عصام الدين أحمد في عيد القوات الجوية: الضربة الجوية مهدت الطريق للنصر.. والمفاجأة أصابت العدو بالذهول وأعجزته عن الرد ( حوار )
>> عبرنا القناة على ارتفاع منخفض وعنصر المفاجأة كان سيد الموقف فى الحرب
>> كنا نرى العدو كأننا نرى كل مقاتل وجها لوجه وفرحة الوجوه فى يوم النصر لا تنسى أو توصف
>> أخذنا بثأر شهدائنا وتدربنا كثيرًا وأصبنا العدو الإسرائيلى بالذهول
>> رفضت المغادرة حتى تدمير دبابات العدو.. ووقعت فى الأسر ولقيت أسوأ معاملة
>> نسيت كل شيء بمجرد العودة لوطني.. وكنت ضمن أول 5 طيارين لرئاسة الجمهورية
>> العدو الإسرائيلى كان متقدما من حيث نوع الطائرات والدفاعات الأرضية
"إلى العلا فى سماء المجد"، لم يكن ذلك مجرد شعار لأبطال القوات الجوية، بل كان حقيقة يؤكدها دورهم الباسل فى ملحمة العبور، فهم كانوا الطليعة، وهم من مهّدوا الأرض لزحف القوات بأمان، وهم أصحاب النصر الأول بالتأكيد.
اللواء طيار أ ح، عصام الدين أحمد، واحد من هؤلاء الأبطال، نسر مصرى كان ضمن المشاركين فى الضربة الجوية الأولى التى مهدت للنصر، ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فعملياته خلال الملحمة كثيرة وخطيرة، لدرجة أنه وقع فى الأسر، وحين عاد إلى وطنه تم اختياره ليكون ضمن أول 5 طيارين لرئاسة الجمهورية، وعن تفاصيل النصر، وكواليس أيام الأسر الصعبة، وكيفية عودته إلى الوطن، كان لـ "فيتو" هذا الحوار بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيد:
*كيف لم يعترضكم طيران العدو أو دفاعه الجوى رغم تقدمه؟
العدو الإسرائيلى كان متقدما من حيث نوع الطائرات، والدفاعات الأرضية، ولكن عنصر المفاجأة فى هذا اليوم كان سيد الموقف، فنحن عبرنا القناة على ارتفاع منخفض، وهو من أخطر الأمور حيث كنا صيدا سهلا لدفاعات العدو الأرضية ولكن الحمد لله المفاجأة أصابتهم بالذهول، فلم يتمكنوا من الرد، وعندما عدنا وصل ارتفاعنا إلى 500 متر، وعند عبورنا للقناة فوجئت بالعبور العظيم والقوات على الأرض تهتف الله أكبر الله أكبر صوتهم اخترق عنان السماء، وكنا نراهم كأننا نرى كل مقاتل وجها لوجه، فرحة الوجوه فى هذا اليوم لا تنسى أو توصف.
*ماهى أهم الأحداث التى شاركت بها فى حرب أكتوبر بعد الضربة الأولى؟
يوم 22 أكتوبر 1973 فى حوالى الثالثة ظهرا صدرت لنا الأوامر بالتحرك من مطار أبو حماد اللواء الجوى ٢٠٣ مقاتل قاذف بقيادة العقيد طيار تحسين صايمة قائد السرب 56 والإقلاع بـ 4 طائرات ميج 21 م إف بقيادة الرائد طيار هانى عيسى والملازم أول طيار على نصار ثم النقيب طيار عصام الدين مصطفى والملازم أول طيار رفعت البرعى د 26، وأقلعت الطائرات كل منها محمل بـ 64 صاروخا، وكانت المهمة الاتجاه إلى الثغرة فى منطقة عند جبل عتاقة للهجوم على عدد من الدبابات المتمركزة فى المنطقة.
وعند اقتراب وصول الطائرات إلى الهدف انفصل قائد التشكيل ومعه على نصار لوجود كثافة طائرات معادية فوق الهدف، وتوجهت أنا ورفعت البرعى إلى مهمتنا، وحين اقتربنا من الهدف لاحظنا كمية كبيرة من النيران المضادة للطائرات كثيفة فقمت بالمناورة أنا والبرعي، وبدأنا الهجوم الأول وتم ضرب الهدف بدقة.
ثم قمت بالمناورة مرة أخرى لهجوم آخر للتأكد من تدمير جميع الدبابات فى الموقع، وعند الهجوم الثانى لاحظت انطلاق 3 صواريخ أرض جو مضادة للطائرات وهذه الصواريخ لا تنطلق إلا فى حالة التأكد بالرادار، وفِى خلال ثوان سيصيبنى الصاروخ وتنفجر الطائرة لذا أعطيت أوامرى للملازم البرعى بأن يقفز بالمظلة قبل اصطدام الصاروخ به وبالفعل قبل انفجار طائرة برعى بثوان قفز من ارتفاع منخفض وإرتطم جسمه بالأرض بعنف فى منطقة بها قواتنا بالجيش المصرى وتم نقله على الفور إلى مستشفى ميدانى إلا أنه توفى بسبب نزيف داخلي، كما علمت بعد عودتي.
أما أنا، فواصلت الهجوم مضحيًا بروحى للقضاء على ما تبقى من الدبابات، وقمت بضرب كل صواريخى المتبقية معى أصبت الدبابات إصابة مباشرة وكنت فرحا بتحقيق الهدف، وفى هذه اللحظة أصاب صاروخ طائرتى وبدأت الطائرة تدور حول نفسها عدة مرات، وحاولت أن أمسك مقبض القفز بالكرسى القاذف ولكننى لم أستطع، وعلى بعد 80 مترا من الأرض وهو ارتفاع منخفض جدا أمسكت بالمقبض وشددته بكل قوتى فانطلق الكرسى من الطائرة قبل ارتطامها بالأرض بثوان، ولم أشعر إلا بأننى نجوت وخرجت بالكرسى القاذف من كابينة الطائرة المنفجرة على هذا الارتفاع المنخفض جدا وأثناء لحظة لمس الأرض بسرعة عالية لعدم فتح الباراشوت بصورة كاملة اصطدم جسمى بعربة مجنزرة بعنف فأغمى عليا على الفور.
بعد قرب الساعتين، شعرت أنى داخل عربة مجنزرة ومجموعة من الناس تتكلم حولي، وظننت أنهم جزائريون من ضمن القوات العربية التى تحارب معنا، وبدأت فى تحريك يدى بصعوبة لأتأكد من وجود الطبنجة الخاصة بى فلم أجدها وبدأت بالتحسس على جسمى فلم أحس ببدلة الضغط التى نزعوها عني.
وحين رآنى جندى أتحرك عاجلنى بظهر مدفعه فى كاحلى فأصابنى بكسر فورى ففهمت فى هذه اللحظة أن أصبحت أسيرا، وأحسست بألم شديد ثم أغمى على وبعد عدة ساعات وجدت نفسى ملقيا على الأرض على نقالة ولا أستطيع التحرك بسبب الآلام المبرحة فى ظهرى ورقبتى ورأيت جنديا يتحرك فسألته عن بعض المياه فلم يأبه.
وعند ذلك الوقت أتى لى ضابط إسرائيلى وبدأ يسألنى بلغة عربية من أين أقلعت وما نوع طائرتك وكم عدد الطائرات معك، لم أرد عليه من شدة الألم وتركونى 3 أيام ملقيا على الأرض ثم تم نقلى إلى معسكر آخر ثم أخذتنى عربة إسعاف ثم هليكوبتر إلى مستشفي.
وفوجئت أننى مصاب بكسر فى العمود الفقرى وكسر فى رقبتى فقاموا بعمل قميص جبس كامل لى وإعطائى الكثير من المسكنات القوية جدا، واستمر هذا الوضع أياما وكانوا يستجوبونى يوميا بواسطة ضباط مخابرات ثم بدأ تبادل الأسرى وعاد إلى الأراضى المصرية معظم الأسرى إلا أنا، فكنت آخر طيار يصل القاهرة فى تبادل الأسرى.
*صف لى شعورك عندما وصلت إلى أرض الوطن؟
اللحظات فى الأسر تمر وكأنها دهر، بالإضافة إلى المعاملة السيئة والاستجواب، ولكن كل هذا تبدد عند وصولى إلى مطار شرق القاهرة، وصعد إلى الطائرة المقدم ملاح على رشاد ومعه العقيد يحيى إحسان من الشرطة العسكرية وعند نزولى من الطائرة على النقالة وأنا مجبس فى معظم جسمى كانت المفاجأة عند سلم الطائرة بوجود والدى ووالدتى فى انتظارى بتصديق من رئيس الجمهورية وقتها الرئيس محمد أنور السادات.
وهذه المفاجأة كانت بمثابة تكريم لى وتخفيف لآلام الأيام التى قضيتها فى الأسر وتمت معالجتي، ثم أخذت لياقة طبية للطيران على الطائرات غير المقاتلة بعدها رشحنى السيد نائب رئيس الجمهورية وقتها الفريق طيار محمد حسنى مبارك للسفر لفرنسا وأخذ فرقة طيران على طائرات الرئاسة المستير 20 للرئيس أنور السادات والشخصيات الهامة وكنت من أول 5 طيارين لطقم رئاسة الجمهورية.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.