تفاصيل سحب مشروع قانون الأحوال الشخصية من مجلس النواب.. إطلاق حوار مجتمعى حول التعديلات بناء على توجيهات الرئيس.. وزير الشئون القانونية والنيابية: التشريع يمس 100 مليون مصري
مع انطلاق دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعى الثاني، لمجلس النواب، أعلن المستشار الدكتور حنفى جبالي، أن الحكومة قررت سحب مشروع قانون الأحوال الشخصية، وهو الأمر الذى أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب، لاسيما وأن التشريع أصبح مطلبًا ضروريًّا وعاجلًا، بعد أن أثبتت التجربة العملية الحاجة إلى تعديله.
وحاز تعديل قانون الأحوال الشخصية، اهتمامًا كبيرًا من القيادة السياسية، حيث سبق ووجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة إعادة النظر فى القانون، كما أن التشريع كان واحدًا من أهم محاور الحوار الوطني.
ويمثل قانون الأحوال الشخصية أهمية لمئات الآلاف من الأسر المصرية، لاسيما فى ظل ما تشهده محاكم الأسرة من قضايا، ومعاناة الكثيرين وأبرزهم الأطفال، وهم الحلقة الأضعف فى أزمة المشكلات الزوجية.
وفى وقت سابق، كشفت النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2023، أن عدد حالات الطلاق بلغ 265606 حالات عام 2023 مقابل 269834 حالة عام 2022، بينما بلغت أحكام الخلع 8684 حكما بنسبة 81.3٪ من جملة الأحكام النهائية، وهذه الأرقام تمثل إشكالية كبيرة.
ولا يتوقف الأمر عند الطلاق، ولكن ما يترتب عليه من حقوق المنفصلين، فى النفقة والولاية والسكن والرؤية وغيرها من الأزمات التى يدفع ثمنها الأطفال.
ويواجه القانون المعمول به حاليا فى الأحوال الشخصية، قصورًا شديدًا يستوجب إعادة النظر فى أحكامه لضبط الحياة الأسرية، وتحديدًا فى حال حدوث الطلاق.
وفى هذا الصدد أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون القانونية والنيابية والتواصل السياسي، أن الرئيس السيسى دعا إلى ضرورة أن يكون هناك حوار مجتمعى بشأن قانون الأحوال الشخصية، خصوصا أنه يمس 100 مليون مصرى مسلمين ومسيحيين.
وأشار الوزير إلى أن التوصيات الصادرة عن الحوار الوطنى تعبر عن الشارع المصرى فى العديد من الملفات، وبينها على سبيل المثال ما يتعلق بمشكلة الوصاية على المال، قائلًا: لمسنا مشكلات كبيرة بشأنها، وهو ما دفعنا للتوصية بأهمية تعديل القانون فى هذا الشأن.
وأوضح المستشار محمود فوزي، أنه تم عمل قاعدة بيانات للمشكلات وخطة للتعامل معها، فضلًا عن إجراء حوار مجتمعى فيما يتعلق بأى ملف أو قوانين، بما يتماشى مع متطلبات الوطن، وما يعبر عن آمال وطموحات المواطنين.
وكانت الحكومة فى نهاية الفصل التشريعى الأول لمجلس النواب، أحالت مشروع قانون الأحوال الشخصية إلى المجلس، إلا أنه شهد جدلًا واسعًا وقتها، بسبب اعتراض بعض الجهات، وفى مقدمتها الأزهر الشريف، فضلًا عن الجدل المجتمعى الواسع قبل المناقشة.
ومع زيادة المطالب بتعديل القانون على خلفية المشكلات التى يعانيها قطاع عريض من المواطنين بسبب قانون الأحوال الشخصية الحالي، وما تشهده أروقة المحاكم من قضايا متعلقة بالطلاق، الخلع، الرؤية، الحضانة، النفقة، وغيرها، وجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى يونيو 2022 بتشكيل لجنة من الخبرات القانونية والقضائية المختصة فى قضايا ومحاكم الأسرة، لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، بحيث يراعى القانون المصالح المتعددة لجميع الأطراف المعنية بأحكامه وعلى نحو متوازن يعالج الشواغل الأسرية والمجتمعية فى هذا الشأن.
كما وجَّه الرئيس، وقتها بضرورة قيام أجهزة الدولة المعنية، وبصفة خاصة وزارة الداخلية والنيابة العامة وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بإمداد لجنة إعداد القانون بالمعلومات والبيانات الدقيقة اللازمة لدعمها فى أداء مهامها بكل مهنية وموضوعية للانتهاء من صياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية.
وأعلنت حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، السابقة، أنه تم انتهاء اللجنة القضائية المشكلة بقرار من المستشار عمر مروان، وزير العدل السابق، من صياغة قانون الأحوال الشخصية الجديد رسميًّا، وأنهت ضبط الصياغة القانونية لمواده، تمهيدًا لإرساله إلى مجلس الوزراء، وطرحه فى حوار مجتمعى، ثم إحالته لمجلس النواب.
ومع تصريحات الحكومة ومطالب المواطنين، واهتمام الحوار الوطنى بناءً على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، من المتوقع أن يشهد مشروع قانون الأحوال الشخصية حوارًا مجتمعيًّا للاستماع لكافة الرؤى ووجهات النظر قبل إقرار التشريع الذى يمثل قطاعًا كبيرًا من المواطنين.
وتستهدف الحكومة بعد سحب مشروع قانون الأحوال الشخصية من مجلس النواب، إعداد تشريع متكامل يتماشى مع احتياجات المجتمع المصرى فى هذا الشأن، خصوصًا أن ملف الأحوال الشخصية واحد من الملفات الشائكة، والتى تحتاج إلى حوار مجتمعى واسع بمشاركة الأطراف كافة.
وتسعى الحكومة خلال الفترة المقبلة إلى إجراء حوار مجتمعى من أجل الخروج بقانون يقضى على المشكلات الفعلية للقانون الحالي، والذى أسفر عن عشرات الآلاف من قضايا الأسرة داخل المحاكم، وما ينتج عنها من مشكلات أخرى، تتسبب فى مشكلات مجتمعية كبيرة.
ومن الجدير بالذكر أنه مع بداية كل دور انعقاد لمجلس النواب، تتقدم الحكومة بطلب بإعادة تقديم مشروعات القوانين التى سبق تقديمها فى الأدوار السابقة، أو سحبها، وهو ما حدث فى بداية أعمال دور الانعقاد الخامس للمجلس قبل أيام.
من جانبه أكد النائب محمد عبد الحكيم أبو زيد، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن تعديل قانون الأحوال الشخصية أصبح ضرورة ملحة، خصوصًا أن التطبيق العملى للقانون الحالى أسفر عن وجود العديد من المواد التى تحتاج إلى التعديل.
وأوضح أن طرح مشروع القانون للحوار المجتمعى أمر فى منتهى الأهمية، مؤكدًا أن هناك رؤى واقتراحات مختلفة تتباين حسب كل حالة.
ولفت عضو مجلس النواب إلى أن الإشكاليات التى تواجهها الأسر فى الوقت الحالى بسبب حالات الطلاق، وما يترتب عليها من حقوق سواء للحاضن أو الطفل، وكذلك حقوق الرجل، تستوجب النقاش والحوار من أجل التوصل إلى صيغة توافقية تحفظ حقوق الجميع.
وأكد عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، أن فتح الملف فى الحوار الوطنى منحه قوة وأهمية كبيرة، فضلًا عن أن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، جاءت واضحة فى هذا الشأن، بأهمية تعديل القانون، على النحو الذى يضع حدًّا للمشكلات الناجمة عن الطلاق وغيرها.