«حيتان الدواء» ضد الحكومة.. مدبولي طالب بتطبيق الاسم العلمى للأدوية.. والأرباح المليونية للشركات أبرز العوائق.. حرب بين الأطباء والصيادلة على أحقية وصف العلاج
قضية جديدة أثارها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، حين دعا وزير الصحة والأطباء إلى كتابة الاسم العلمى للأدوية فى الوصفات الطبية، بدلًا من الاسم التجاري، وعلى الرغم من أنه مطلب قديم للصيادلة لأنه ينهى كثيرا من المشكلات، إلا أن التطبيق على أرض الواقع ظل يواجه تحديات صعبة.
وتتمثل الصعوبة فى أن تطبيق الاسم العلمى يحرم الشركات أصحاب الأدوية مرتفعة الثمن من تحقيق مكاسب مالية وتتكبد خسائر، لأن المرضى سوف يذهبون للأدوية الأرخص والأقل سعرا، وكذلك صعوبة حفظ كل الأسماء العلمية للأدوية بالنسبة للأطباء والصيادلة ويستغرق الأمر وقتا أطول لكتابة وصفة واحدة.
بدوره، قال الدكتور عصام عبد الحميد وكيل نقابة الصيادلة تحت الحراسة القضائية، إن الشركات ستواجه تطبيق الاسم العلمى للدواء، لأنها أنفقت ملايين الجنيهات على الدعاية والمؤتمرات والرحلات للأطباء للترويج للأدوية بالاسم التجارى لها لتحقق مبيعات ضخمة.
وأوضح لـ”فيتو” أن هناك صعوبة أيضًا فى تقبل الأطباء للفكرة، رغم أنه حل جذرى لنواقص الأدوية، مشيرا إلى أنه يجب على هيئة الدواء إصدار كتيب للأدوية المسجلة وبدائلها لمعرفة الأطباء بها بجانب التنسيق بين الكيانات النقابية ووزارة الصحة وتكثيف التوعية الإعلامية حول تطبيق الاسم العلمي.
وعن ما يتردد بشأن وجود عاملين غير مؤهلين بالصيدليات ودخلاء على المهنة يمكن أن يتسببوا فى أخطاء فى صرف الأدوية أكد الدكتور عصام عبد الحميد أن الطبيب يمكنه أن يراجع الدواء بعد صرفه من الصيدلية، موضحًا أن الاسم العلمى يطبق فى المستشفيات الحكومية والتأمين الصحي، إلا أنه سوف يستغرق وقتا لتعميم تطبيقه فى المجتمع.
وتابع، أن الصيدلى سوف يبيع الدواء الأقل سعرا وليس الأغلى، مما يساعد فى تقليل فاتورة الشراء للأدوية وعدم تعرض المريض إلى تدهور صحته لحين شراء الدواء، والمريض المصرى رحب بالفكرة واقتنع بها.
من جانبه، كشف الدكتور كريم كرم عضو المركز المصرى للحق فى الدواء، أن أهم الصعوبات التى ستواجه تطبيق الاسم العلمي، هم الأطباء البشريون نظرا إلى أنهم يعتبرون كتابة وصفة الدواء حقا أصيلا لهم، كما أن الأطباء يعتقدون أن الأدوية ليست بنفس الكفاءة وهو اعتقاد خاطئ لأن كل الأدوية تحقق كفاءة وفعالية متساوية.
وأضاف، أن الصيدلى لن يصرف الدواء الأغلى، لأن له مريضا يتردد عليه يعتبر عميلا دائما ومستمر التردد على الصيدلية يصرف أدوية شهرية فيحقق مكاسب من خلاله، وفى حالة موافقة الأطباء البشريين على كتابة الاسم العلمي، سوف يشترطون صرف كل الأدوية بروشتة طبية وتجديد العلاج أيضا بروشتة حتى لا يتركوا الصيدلى يصرف الدواء الذى يرغب فى صرفه للمريض.
فى نفس السياق، قال الدكتور جمال عميرة وكيل نقابة الأطباء، إن كل دواء له اسم علمى وأكثر من شركة تنتج نفس الدواء، وليس كل الأطباء تحفظ الأسماء العلمية ولكن يحفظون الأسماء الدارجة المعروفة لهم، كما أن الاسم العلمى مركب من أكثر من اسم وصعب الحفظ، بينما الأسماء التجارية أسماء سهلة الحفظ.
وأشار لـ”فيتو” إلى أن الطبيب يمكن أن يستعين بالحاسب الآلى وبرنامج للأدوية للبحث عن الاسم العلمى للدواء، والمشكلة الأساسية هى توفير الدواء وليس كتابة الاسم العلمى، فكل مادة علمية لها أسماء كثيرة فى السوق ويحتاج الأمر إلى وقت لحفظ الأدوية، ويحتاج إلى تدريس الاسم العلمى لطلبة كليات الطب.
وتابع، أن الصيدليات يمكن أن تصرف الدواء حسب الشركة التى تتعامل معها وينتقل أمر الدعاية من الأطباء إلى الصيادلة، مشيرا إلى أن جميع الأدوية ذات فعالية واحدة واختلاف الأسعار يرجع إلى الشركات، لأن العالمية أسعارها مرتفعة بسبب العمالة وحجم الإنفاق لديها عكس الشركات المحلية.
على الجانب الآخر، تساءل محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء، هل مصر مؤهلة لتطبيق الاسم العلمى للدواء، ولماذا تبحث الحكومة فى حلول أخرى بينما المشكلة نقص الدواء ذاته؟
وتوقع “فؤاد” نشوب حرب بين الأطباء الصيادلة، لأن الأطباء يرون أن لهم حق كتابة الدواء، والصيدلى يرى أنه دوره مقصور على الصرف فقط، ولا تعطى له فرصة الاختيار بين الأدوية، ويقوم بدوره صيدليا فى إبداء النصيحة للمريض بأى دواء أنسب له.
وأشار إلى أن الأطباء فى مصر لا يعترفون بدور الصيدلي، موضحا أن الطرف الأهم فى المنظومة هو الشركات ماذا ستفعل الشركات الصغيرة التى لا تستطيع منافسة الشركات الكبرى وكل مادة علمية لصنف دواء تنتجها شركة أجنبية ومعها شركات محلية، والمواطن سوف يفضل شراء الدواء الأجنبى أو المستورد، مؤكدا أن تطبيق الاسم العلمى لن يطبق بسهولة بسبب سيطرة شركات الدواء على السوق المصري.