أمريكا وتركيا.. الخطر قادم
ليس غريبا أن تُحارَب مصر سياسيا من نظم، مثلما تُحارَب من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، فالأولى تمثل تيار الاستعمار والذي يهدد وجوده في منطقة الشرق الأوسط استقلال الإرادة السياسية لمصر، وخطاب أوباما تعليقا على الخطوات التي اتبعتها الحكومة المصرية في فض اعتصامى رابعة والنهضة يكشف عن موقف أمريكا وما تريد أن تصل إليه في هجومها على مصر بوسائل تمنحها صفة العالمية، وكانت بدايتها جلسة مجلس الأمن لمناقشة الوضع في مصر رغم أنه شأن داخلى، تولت أمريكا وبريطانيا وكل الدول الأوربية اتباع نفس الأسلوب في حماية جبهتها الداخلية وتأمين مواطنيها ضد الإرهاب.
وموقف الولايات المتحدة الأمريكية، يجب أن نضعه في الاعتبار ولا نتركه يمر مرور الكرام، لأن الخبث الأمريكى لا يفعل شيئا ولا يصدر عنه تصريح أو حتى تلميح إلا ويكون مقدمة لمواقف تصاعدية تريد أن تحقق من خلالها أهدافا سياسية قد تصل إلى تجبيه العالم للوقوف ضد المصالح المصرية والتدخل في شئونها الداخلية، خاصة أن مصر لم تتحول كما كانت تتمنى أمريكا إلى نموذج مثل الجزائر التي تحولت إلى حمامات دم بسبب جماعات العنف المسلح، أو نموذج مثل أفغانستان تحكمها العصبيات المتشحة برداء الدين والعصابات المسلحة أو مثل نموذج سوريا لينقلب الجيش على نفسه كما دعمت ذلك أمريكا وتبنته جماعة الإخوان المسلمين فرع سوريا، وهو ما دفع الرئيس المعزول محمد مرسي للدعوة للجهاد ضد بشار الأسد رغم أنه أسوأ من بشار بكثير.
أما الهجوم الذي تشنه تركيا ضد مصر فله ما يبرره، وهو أن النظام السياسي في تركيا يعيش في نفس أيديولوجية نظام الإخوان المسلمين وكان أكبر حصاد اقتصادى في تاريخ تركيا قد نتج في ظل حكم الإخوان لمصر ويجب مراجعة العقود التجارية التي أبرمها نظام الإخوان مع تركيا وبموجبه تحولت مصر إلى سوق لتصريف منتجات الصناعة التركية وليس العكس، وليس ذلك فقط فقد كانت مصر تمثل خطوة في طريق تركيا إلى الأسواق الأفريقية، وبالتالى لنظام أردوغان ما يبرره ليس لعشقه لعيون الإخوان فقط بل لأن مصالح بلاده كانت في السوق المصرية الذي فتح على يد الإخوان..
أقول، إنه على النظام والحكومة المصرية أن تتعامل مع موقف أمريكا وتركيا ليس على أنه موقف عابر ولكنها مواقف تستهدف ما هو أخطر بالنسبة لمصر وعليها أن تكون جاهزة لمواجهة أسوأ السيناريوهات المحتملة، وقد تصل إلى محاولة تدخل عسكري ضد مصر، خاصة أن مصر استعصت على أن تكون أيا من النماذج التي كانت تتمناها أمريكا لمصر ومنها نماذج سوريا أو ليبيا أو الجزائر، وبالتالى تلتقى أهداف كل من أمريكا وتركيا في تهديد الأمن القومى لمصر.