اللواء نبيل عبد الوهاب بطل عمليات إيلات: نفذت 18 عملية عبور بحرب الاستنزاف.. وحملت جثمان صديقى سابحًا بالبحر 16 كيلو لدفنه بمصر ( حوار )
>> تدربنا على تدمير إيلات أكثر من مرة قبل التنفيذ وكسرنا نظرية الأمن لدى مواطني العدو
>> اللواء محمود عبد الرحمن كان صانع الأبطال وقرر أن لا يجعل العدو ينام ليله سعيدا
>> الجندى الإسرائيلى جبان.. وأغلى وسام فى حياتى هو نصر أكتوبر
>> أحرجنا موشيه ديان وتسببنا فى استجوابه بالكنيست بعد تدميرنا للرصيف الحربى الإسرائيلى
مع تواصل الذكرى 51 الانتصارات أكتوبر العظيم، نرجع معًا للوراء قبل العبور، سنوات الاستنزاف أو الحرب المنسية التى مهدت إلى النصر، وكانت عمليات الضفادع البشرية فيها بركانا تحت أقدام العدو المتغطرس جعلته لا يهنأ لحظة بأرض مصر.
ومن أهم العمليات التى ما زال صداها محفورا فى الوجدان المصري، عمليات إيلات التى تعد من أكثر العمليات التى نفذتها القوات البحرية فى حرب الاستنزاف، ونفذ تلك العملية أبطال يفخر بهم الشعب المصرى ولن ينسى دورهم أبدًا.
"فيتو" حاورت بهذه المناسبة أحد أبطال تلك المعارك، وهو اللواء نبيل عبد الوهاب بطل عملية إيلات، ليروى لنا التفاصيل، وإلى نص الحوار:
*كيف التحقت بالكلية البحرية ؟
بعد تخرجى فى الكلية سجلت رغبتى فى الالتحاق بأقرب ما يكون للحرب وهو لواء الوحدات الخاصة الذى يكون دائما فى مقدمة الحرب، وكان ينقسم إلى الصاعقة والضفادع البشرية وتم قبولى وبدأت التدريبات العنيفة لأننا نؤمن بأن العرق فى التدريب يوفر الدم فى المعركة.
*لماذا تم اختيار ميناء إيلات لهذه العملية؟
إيلات فى عمق العدو الإسرائيلى وفى نفس الوقت الميناء الحربى الذى تخرج منه السفن الحربية لتضرب أى دولة مجاورة وأيضا لأنهم يتشدقون بتأمينه وهذه العمليات التى كررناها أكثر مرة كسرت نظرية الأمن لدى مواطنيها.
وكان قائد القوات البحرية فى هذا الوقت اللواء محمود عبد الرحمن فهمى صانع الأبطال الذى قرر أنه لن يجعل العدو ينام ليله سعيدا، وبالفعل معظم العمليات البحرية تمت فى عهده.
وفى ليلة 8 نوفمبر قرر ضرب العدو من الشمال بالمدمرات فى “رمانة وبالوظة” ومن الجنوب بالضفادع البشرية فى ميناء إيلات، وبالفعل ضربت المدمرات فى “رمانة وبالوظة”، وذهبت الضفادع البشرية إلى ميناء ايلات وكنت من ضمن المجموعات التى توجهت إلى هناك.
كنا ثلاث مجموعات، كل مجموعة تتكون من فردين ضابط وصف ضابط، وتم استدعاؤنا من قبل ضابط اللواء قبل العملية بأيام كل شخص بمفرده، وتم إرسالنا إلى مدرسة المخابرات التى مكثنا بها ثلاثة أيام وتم استخراج جوازات سفر لنا وحجز تذاكر الطيران إلى الأردن، وبالفعل سافرنا وانتظرنا وصول القارب المطاطى والمعدات، ونزلنا إلى المياه فى منطقة على حدود الأردن والسعودية بعيدة عن ميناء إيلات بـ24 كم وكان يقود القارب المطاطى الذى يحمل المجموعات قائد اللواء، اللواء رضا حلمى وعند وصولنا إلى الميناء وجدناه فارغا ليس به سفن، فقال لنا اللواء رضا حلمى “نعتبر هذا تدريبا واستكشافا للميناء”، وأنهم سوف يقومون بعملية قريبا.
وفى طريق العودة فوجئنا بضوء قوى تم تسليطه علينا من لانش إسرائيلى اسمه “سعر” وهو لانش فى مؤخرته مدفع نصف بوصة، وعندما شاهد اللانش حركة، سلط الضوء علينا، وكنا لا نحمل سلاحا سوى الألغام، فقام اللواء رضا حلمى بفعل غريب بدلا من أن يستدار ليهرب من اللانش قام بتحريك القارب المطاطى “الزوديك” فى اتجاهه، فقام اللانش بإطفاء أنواره وهرب من مواجهاتنا، وهذا أثبت لنا أن الجندى الإسرائيلى جبان وليس بالقوة التى يعلنون عنها، وهذا رفع الروح المعنوية لدينا للتأكيد على القيام بالعملية.
*ما أهم ملامح هذه العمليات؟
كنا ننتظر وبدأنا عمليات إيلات بتدمير السفينتين “داليا وهيدروما” بميناء إيلات، وكان ذلك يوم 16 نوفمبر 69، كنا ثلاث مجموعات 6 أفراد، كان معى الرقيب فوزى البرقوقي، وانتقلنا بالقارب المطاطى بالقرب من الميناء وكنا نحمل ستة ألغام، وكان الميناء به السفينتان فقط.
فقامت كل مجموعة بالدور المنوط بها، وقمت بتثبيت اللغم أسفل السفينة، وفوزى شعر بالتعب نتيجة تسمم الأكسجين لأننا كنا نستخدم أجهزة أكسجين صافٍ للتنفس تحت الماء، وهو يستخدم لعمق محدد والنزول لعمق أكثر يسبب حوادث.
وعندما لاحظت تعبه طلبت منه الصعود إلى سطح الماء لتنفس الهواء لدقائق لينقذ حياته، لكنه كان بطلا، ورفض ذلك خوفا من أن يرانا العدو وتفشل العملية، وقام بدوره فى تثبيت اللغم بمؤخرة السفينة، ثم استشهد.
وفى هذه العمليات عادة عندما يتوفى جندى فى الحرب يتم تركه، لكنى فى هذه اللحظة شعرت أنه لا يجب تركه ليأكله السمك فهو بطل ضحى بحياته بكل شجاعة، وإذا عثر العدو على جثمانه سيقوم بتصويره ويعلن أنه ضرب نارا وقاوم الضفادع البشرية المصرية وقتل أحدهم، وبذلك يضيع انتصارنا، وحملته وسبحت به إلى القارب معي، وبسبب ما حدث تأخرت على ميعاد العودة المحدد وبالتالى تحرك القارب، وأكملت سباحة 16 كم حتى ميناء العقبة ومعى جثمان البطل، وعاد معنا الجثمان وتم دفنه بمصر.
العملية الثانية تدمير الرصيف الحربى بميناء إيلات، ومن كثرة التدريب على الوصول إلى إيلات ورغم ما كانت تقوم به إسرائيل من زيادة التأمين فإننا كنا نتدرب عليه سريعا، ودمرنا السفينتين “بيت شيفع، بات يم” بميناء إيلات.
وتم استجواب موشى ديان بالكنيست الإسرائيلي، وتعهد أنه سيتخذ كل إجراءاته لمنع الضفادع البشرية المصرية من الوصول للميناء، وبالفعل كان يتم إلقاء عبوات ناسفة بالماء كل دقيقتين حتى تحول الأمر إلى جحيم تحت الماء، وتم عمل شباك سميكة على مدخل الميناء تفتح صباحا وتغلق مساء، وتم منع السفن من التواجد ليلا بالميناء.
وعملية تدمير الرصيف الحربى كانت تتكون من مجموعتين كل مجموعة فردين، كنت أنا واللواء عمر عز الدين، واستطعنا التغلب على العقبات التى وضعها جيش العدو ليمنعنا من دخول الميناء، وأثناء وجودنا بالميناء انفجرت عبوة ناسفة بالقرب منا تسببت فى التأثير على الألغام، فأصبح اللغم يطفو على سطح الماء، فقمنا بنزع أحزمة الرصاص التى نرتديها ووضعناها حول الألغام فغطس من جديد.
ولكن توقيتات الألغام أيضا تأثرت، وأول لغم انفجر فى السابعة صباحا وكانت قوة الانفجار هائلة فدمرت الرصيف الحربي، ثم قامت الضفادع البشرية الإسرائيلية بالنزول للمياه لمعرفة سبب الانفجار وتمشيط المنطقة فانفجر بهم اللغم الثانى فى التاسعة صباحا وتوفى 14 ضفدعا بشريا إسرائيليا، وتدمير باقى الرصيف الحربي، وهذه العملية تمت عقب استجواب موشى ديان بأسبوعين، وهذا كان انتصارا كبيرا لنا.
*وماذا عن تدمير مجمع البترول الرئيسى لحقل بترول بلاعيم؟
قبل حرب 73 بأيام توجهنا إلى منطقة رأس غارب، وفى 9 أكتوبر تم إبلاغنا بالعملية وهى ضرب حقل البترول الرئيسى لحقل بترول بلاعيم، وهذا الحقل كان به 42 بئر بترول يتم تجميعها فى المجمع الرئيسي، ويتم نقل البترول بمواسير لخزانات فى وادى فيران، فقامت الصاعقة بضرب الخزانات، وكنا أربع مجموعات ضفادع بشرية 8 أفراد جميعنا ضباط، ورغم ارتفاع الأمواج توجهنا إلى المنطقة المحددة للعملية بقاربين مطاطيين، وتم تثبيت الألغام فى الأماكن المحددة، وبسبب ارتفاع الأمواج تأخرت فى العودة إلى القارب، واضطررت للعودة سباحة 25 كم.
*كم عملية عبور قمت بها؟
18 عملية عبور مع الجيش الثالث أثناء حرب الاستنزاف كان بمنطقة الأدبية جنوب السويس مع مجموعة ضفادع بشرية، وكان الجيش الثالث يقوم بعمليات عبور، وكنت أقوم بمساعدتهم على عبور الجانب الآخر من القناة، ومساعدتهم فى عدة مهام تأمين أخرى.
*أبرز الأوسمة التى حصلت عليها خلال خدمتك فى الوحدات الخاصة؟
حصلت على العديد من الأوسمة والنياشين، وأهمها نوط الجمهورية من الطبقة الأولى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، نوط الجمهورية من الطبقة الأولى وترقية استثنائية فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ووسام النجمة العسكرية من الرئيس عبد الفتاح السيسي. إلا أن أهم وسام حصلت عليه أنا وكل ضابط وجندى هو نصر أكتوبر العظيم، ورفع العلم المصرى على أرض سيناء، ففرحتى بنصر أكتوبر كانت لا توصف وأننا انتصرنا عليهم رغم معداتهم الفائقة بالجندى المصري، وانتصارنا كان استردادا لكرامة كل جندى وضابط مصري.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية