رئيس التحرير
عصام كامل

هل التولي يوم الزحف له كفارة؟

 التولي يوم الزحف
التولي يوم الزحف

 «يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفًا لقتال أو متحيزًا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير» سورة الأنفال (15، 16) يرهب الله سبحانه وتعالى ـ الذي جعل الجهاد في سبيله ذروة سنام الإسلام ـ عباده المؤمنين من الهروب من ساحة القتال خنوعًا وجبنًا وإيثارًا لسلامة النفس، دون الاهتمام بأن هذا يسبب هزيمة للمسلمين.فهل التولي يوم الزحف له كفارة ؟ وماذا تكون

 

‫شبكة المعارف الإسلامية:عواقب الفرار من الزحف-1‬‎
هل التولي يوم الزحف له كفارة ؟ وماذا تكون

 أحاديث حول التولي يوم الزحف

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات}. متفق عليه ).

 

- ( وعن ابن عباس { لما نزلت: { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين }، فكتب عليهم أن لا يفر عشرون من مائتين ثم نزلت: { الآن خفف الله عنكم } الآية، فكتب أن لا تفر مائة من مائتين }. رواه البخاري وأبو داود ).

 

- ( وعن ابن عمر قال: { كنت في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحاص الناس حيصة، وكنت فيمن حاص، فقلنا كيف نصنع وقد فررنا من الزحف، وبؤنا بالغضب، ثم قلنا لو دخلنا المدينة فبتنا، ثم قلنا لو عرضنا نفوسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كانت لنا توبة، وإلا ذهبنا، فأتيناه قبل صلاة الغداة، فخرج فقال: من الفرارون ؟ فقلنا نحن، قال: بل أنتم العكارون، أنا فئتكم وفئة المسلمين، قال فأتيناه حتى قبلنا يده }. رواه أحمد وأبو داود ).

 

سبب النهي عن التولي يوم الزحف؟

إن الموت في سبيل الله ونيل الشهادة غاية ما يتمناه المؤمن، فلماذا يهاب الموت أو الجراح، ويولى دبره لجبان كافر يحرص على الحياة ويهاب الموت؟ إن تولية الدبر دليل الخور والتفكك والضعف، وهذا ما لا يرضي به الإسلام، لأنه حينما يقاتل المسلم فإنه ينتظر إحدى الحسنيين، إما النصر وإما الشهادة؛ فلا مجال عنده لتولية الدبر.. إذ كيف يولي دبره أو دبر جيشه –أي مؤخرته- ليحصدهم الكفار حصدًا، ويأسرونهم ليفتنوهم أو يدفنوهم أحياء؛ لهذا وغيره كان النهي عن التولي يوم الزحف، وكان –إلى يوم الدين- كبيرة من الكبائر، يعاقب الله تعالى بهذه العقوبة: (فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)؛ ودائمًا فإن الجزاء من جنس العمل.

 

ومن هنا يتبين أن القتال- في حال فرضه واضطرار المسلمين إليه- إنما هو وسيلة من وسائل الدفاع عن الدعوة وعن أرضها ورجالها، ولهذا وجب على المسلمين حماية الدعوة- في حال تعرضها للصد والمنع، وذلك بالصبر والثبات وعدم التولي، وإظهار الشجاعة والإقدام.

 

متى يجوز تولي الدبر في الزحف ومتى لا يجوز

لا خلاف بين الفقهاء في وجوب الثبات في الجهاد، وتحريم الفرار إلا أنه يستثنى من ذلك ثلاثة مواضع:

الأول: أن يكون الفرار تحرُّفا لقتال، ويأتي بيان التحرّف.

الثاني: أن يكون الفرار تحيزا إلى فئة من المسلمين، ولو بَعُدَت.

الثالث: أن يزيد عدد الكفار على ضعف المسلمين، فيجوز الفرار حينئذ. وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أهل المذاهب الأربعة، واستدل الجمهور بقوله تعالى: ( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/66.

فلا يجوز لعشرة أن يفروا من عشرين، ولا لمائة أن يفروا من مائتين، فإن زاد الكفار عن الضعف جاز الفرار.

ويبين ابن قدامة رحمه الله، ويوضح معنى التحرّف والتحيز بالقول: "إذا التقى المسلمون والكفار وجب الثبات، وحرم الفرار، بدليل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار) الآية. وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) وذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفرار يوم الزحف، فعده من الكبائر...

وأوضح أنه إنما يجب الثبات بشرطين:

 أحدهما: أن يكون الكفار لا يزيدون على ضعف المسلمين، فإن زادوا عليه جاز الفرار، لقول الله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ).. قال ابن عباس: نزلت: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) فشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم ألا يفر واحد من عشرة، ثم جاء التخفيف فقال: (الآن خفف الله عنكم) إلى قوله: (يغلبوا مائتين) فلما خفف الله عنهم من العدد، نقص من الصبر بقدر ما خفف من العدد. رواه أبو داود.

الثاني: ألا يقصد بفراره التحيّز إلى فئة، ولا التحرف لقتال، فإن قصد أحد هذين: فهو مباح له ؛ لأن الله تعالى قال: ( إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ). ومعنى التحرّف للقتال: أن ينحاز إلى موضع يكون القتال فيه أمكن، مثل أن ينحاز من مواجهة الشمس أو الريح إلى استدبارهما، أو من نزلة إلى علو، أو من معطشة إلى موضع ماء، أو يفر بين أيديهم لتنتقض صفوفهم، أو تنفرد خيلهم من رجالتهم، أو ليجد فيهم فرصة، أو ليستند إلى جبل، ونحو ذلك مما جرت به عادة أهل الحرب...

وأما التحيز إلى فئة: فهو أن يصير إلى فئة من المسلمين ليكون معهم، فيقوى بهم على عدوهم، وسواء بعدت المسافة أو قربت..ثم قال ابن قدامة رحمه الله: "وإذا كان العدو أكثر من ضعف المسلمين، فغلب على ظن المسلمين الظفر، فالأولى لهم الثبات ؛ لما في ذلك من المصلحة، وإن انصرفوا جاز ؛ لأنهم لا يأمنون العطب، ويحتمل أن يلزمهم الثبات إن غلب على ظنهم الظفر؛ لما فيه من المصلحة، وإن غلب على ظنهم الهلاك في الإقامة، والنجاة في الانصراف، فالأولى لهم الانصراف، وإن ثبتوا جاز، لأن لهم غرضا في الشهادة، ويجوز أن يغلبوا أيضا" انتهى من "المغني" (9/254).

‫السبع الموبقات التولي يوم الزحف - YouTube‬‎
هل التولي يوم الزحف له كفارة ؟ وماذا تكون

 

 

هل التولي يوم الزحف له كفارة ؟ وماذا تكون

خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله عز وجل، وقتل النفس بغير حق، وبهت المؤمن، والفرار من الزحف، ويمين صابرة يقتطع بها مالا بغير حق. أخرجه أحمد وابن أبي عاصم وفي سنده بقية وهو مدلس, وقد صرح بالتحديث في رواية ابن أبي عاصم, وقد حسن الحديث الألباني.

هذا الحديث يُحمَل على نفي تكفير الأعمال الصالحة للكبائر، فالتطهير من الكبائر لا يكون إلا بالتوبة أو الحد إن كان فيها حد، أو بتكرم الله على العبد بالمغفرة، ولا تكفرها الحسنات ونحوها على الراجح، لقوله صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر. رواه مسلم.

وأما التكفير بالتوبة والحد فهو ثابت بأدلة أخرى منها قوله سبحانه وتعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ {الأنفال: 38 } ومنها قول الله عز وجل: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان: 68 ـ 71 } 

وروى الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك مادعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة.

وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -وحوله عصابة من أصحابه-: بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك. رواه البخاري، فهذا الحديث يدل على أن مرتكب الكبيرة إذا أقيم عليه الحد كان كفارة له حتى ولو لم يتب. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ويستفاد من الحديث أن إقامة الحد كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود، وهو قول الجمهور.

وأما إذا تاب وصدقت توبته فإن الله يقبلها منه، قال ابن حجر في فتح الباري: وذهب الجمهور إلى أن من تاب لا يبقى عليه مؤاخذة، ومع ذلك فلا يأمن مكر الله لأنه لا اطلاع له هل قبلت توبته أم لا. وقد ذهب بعض العلماء إلى تكفير الكبائر بالأعمال الصالحة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية