ما هو تأثير الأحداث الجيوسياسية على أسعار الذهب، وكيفية استغلالها في التداول؟

لا يمكن إنكار الدور الكبير الذي تلعبه الأحداث الجيوسياسية في تحديد قيمة الذهب. ما هي هذه الأحداث؟ وكيف يمكنك استغلالها لصالحك كمتداول مبتدئ؟

كان الذهب، وما زال يتربع على عرش المعادن الثمينة، مجسدًا كل معاني الثروة والازدهار منذ الأزل. 

وبقي تداول الذهب المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي رغم كل التقلبات الجيوسياسية التي شهدها العالم على مر التاريخ. حيث حافظ الذهب على مكانته و قيمته الثابتة في الاقتصاد العالمي. اليوم سنكتشف التأثير الذي تلعبه الأحداث الجيوسياسية المعاصرة على قيمة الذهب ودوره في الاقتصاد العالمي

ما المقصود بـ الأحداث الجيوسياسية؟

أول وهلة قد يبدو تداول الذهب بعيدًا كل البعد عن أحداث الديبلوماسية الدولية والقرارات السياسية العالمية البعيدة عن الاقتصاد، لكن الواقع مغاير تمامًا لذلك.

تشمل الأحداث الجيوسياسية مجموعة واسعة من الأحداث، بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي والصراعات والتوترات الدبلوماسية وتغيرات السياسة الاقتصادية بين الدول. 

يمكن أن يكون لهذه الأحداث آثار عميقة على الأسواق المالية، لأنها تؤدي إلى عدم اليقين والمخاطر، مما يدفع المستثمرين للجوء إلى أصول آمنة. و لا يوجد أصل يضاهي أمان الذهب.

الأحداث الجيوسياسية الرئيسية التي يجب مراقبتها:

• عدم الاستقرار السياسي: غالبًا ما تدفع الاضطرابات داخل بلد ما أو منطقة ما المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن لحماية أصولهم، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب. يمكن أحداث مثل الانتخابات أو تغيير النظام أو الاضرابات المدنية أن تؤدي إلى تقلبات مفاجئة فى أسعار الذهب.
• التوترات الجيوسياسية: يمكن للنزاعات بين الدول، سواء كانت تتعلق بالصراعات الإقليمية أو الحروب التجارية أو العقوبات أن تزيد عدم اليقين وتزيد من جاذبية الذهب للتحوط ضد المخاطر الجيو سياسية.
• سياسات البنك المركزي: يمكن أن تؤثر قرارات البنوك المركزية فيما يتعلق بالسياسيات النقدية وأسعار الفائدة والتدخلات في قيمة العملة وأسعار الذهب، وذلك بسبب زيادة الطلب على الذهب نظرا لاستقراره ومناعته ضد إجرءات التخفيض.
• المؤشرات الاقتصادية العالمية، يمكن أن تؤثر الأحداث الجيوسياسية على الاستقرار الاقتصادي وآفاق النمو فى جميع انحاء العالم ، وقد تدفع البياانات الاقتصادية الضعيفة أو المخاوف من الركود المستتثمرين نحو الذهب كأصل ملاذ آمن

كيف تؤثر التوترات الجيوسياسية على أسعار الذهب؟

لننظر إلى تصاعد التوترات بين اللاعبين الجيوسياسيين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة، من الممكن أن يؤدي تصاعد الخطاب العسكري أو بعض التغيرات المفاجئة في السياسة الخارجية إلى زرع التوتر في السوق، مما يدفع المستثمرين للبحث عن أصول آمنة مثل الذهب. يمكن للمتداولين توقع مثل هذه التطورات و تعديل محفظة استثماراتهم وفقًا لذلك ثم الاستفادة من ارتفاع أسعار الذهب الذي عادة ما يعقب هذه الأحداث.

أسعار الذهب غالبًا ما ترتبط بشكل إيجابي مع تصاعد التوترات العالمية، ولعل أفضل مثال من القرن الحادي والعشرين هو أحداث 11 سبتمبر. حيث ارتفعت أسعار الذهب في سوق لندن من 271.50 دولارًا إلى 287 دولارًا (أو ما يقرب من 6 بالمائة) في يوم واحد. في أوقات الشك، غالبًا ما يلجأ المستثمرون إلى الذهب، لأنه لا ينطوي على مخاطر وهو وسيلة تخزين القيمة النهائية المتاحة عندما تفشل جميع الوسائل الأخرى.

ومع ذلك، ترتفع قيمة الذهب دائمًا بسبب الأزمات الجيوسياسية، ولعل أفضل الأمثلة على ذلك هي الأحداث التي هزت باريس و بروكسل بين 2015 و 2016. حيث كان تأثيرها على أسعار الذهب مؤقتا فقط وسرعان ما اختفى. بل على العكس من ذلك، إذ لوحظ انخفاض محسوس في سعر الذهب في تلك الفترة. 

كيف تتعامل مع الأحداث الجيوسياسية؟

• ابق على اطلاع: واكب التطورات الجيوسياسي من خلال مصادر الأخبار الموثوقة ومؤشرات المخاطر الجيوسياسية وتحليلات الخبراء، فهم السياق والآثار المحتملة لهذه الأحداث أمر بالغ الأهمية لاتخاذ قرارات مستنيرة.
• التحليل الفني: استخدم المؤشرات الفنية وأنماط الرسم البياني لتحديد مستويات الدعم والمقاومة الرئيسية في أسعار الذهب غلبا ما تؤدي الأحداث الجيوسياسية إلى تحركات مفاجئة فى الأسعار، ويمكن أن يساعد التحليل الفنى المتداولين على توقع نقاط الدخول والخروح المحتملة.
• التنويع: في حين أن الذهب يعد أفضل تحوط ضد المخاطر الجيوسياسية، من الضروري أيضا تنويع محفظتك عبر فئات الأصول المختلفة للتخفيف من المخاطر الإجمالية، فكر فى دمج أصول أخري آمنة مثل سندات الخزانة الأمريكية أو الفرنك السويسري.
• منظور طويل المدى: في حين أن الأحداث الجيوسياسية قصيرة المدى قد تؤدي إلى تقلبات فورية في الأسعار، فأن الحفاظ على منظور طويل المدى أمر ضروري للنجاح. ركز على الاتجاهات الأساسية والديناميكيات الجيوسياسية الشاملة التى قد تشكل قيمة الذهب على المدى الطويل.

خلاصة القول، لا يمكن فصل الذهب عن القضايا الجيوسياسية. الرغم كونه ملاذًا آمنا، إلا أن تأثير المخاوف الجيوسياسية على سوق الذهب غالبًا ما يكون مبالغًا (وبالتالي، قد لا يكون من الحكمة شرائ الذهب على الفور عند كل توتر جيوسياسي محتمل) لا يربح الذهب بالضرورة فى أثناء الأزمات، لأن سلوكه يعتمد على نوع الأزمة.

بعبارة أخري، يجب على المستثمرين إدراك أن سعر الذهب لا يتأثر بكل حدث جيوسياسي، حتى عندما يحدث ذلك غالبا ما يزول تأثير هذه الأحداث سريعا، ومعها يعود الذهب لمستواه الأصلي وبنفس السرعة. لذلك لا ينبغي لمستثمري المدى الطويل أن يتخذوا قراراتهم بناء على الأحداث الجيوسياسية فقط.