4 قصائد لنزار قباني في رثاء عبد الناصر: قتلناك يا جبل الكبرياء وآخر قنديل زيت يضيء لنا في ليالي الشتاء
انفعل شعراء كثر بحب جمال عبد الناصر ــ رحل فى مثل هذا اليوم 28 سبتمبر عام 1970 - وكرهه والهجوم عليه الذى زاد بعد موته، وخرجت القصائد للهجوم عليه إلا أن الشاعر نزار قبانى كان من محبى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكانت كتاباته عنه نقدا وليس ذما أو هجوما فكتب أربع قصائد فى حياته موجهة إلى الرئيس الراحل من أشهرها قصيدة الرثاء "قتلناك يا آخر الأنبياء"، حيث تأثر نزار بموته كثيرا ــ رحل فى مثل هذا اليوم عام 1970.
فبعد كتابة نزار قبانى قصيدة "هوامش على دفتر النكسة" بعد نكسة يونيو 1967 مباشرة التى هاجم فيها الأنظمة العربية تعرض لحملة صحفية شرسة قادها الشاعر صالح جودت بدافع الغيرة منع على اثرها من نشر قصائده فى مصر ومنع من دخولها وبنصيحة من الكاتب رجاء النقاش كتب نزار قبانى خطابا إلى الرئيس جمال عبد الناصر يشرح له موقفه، فأمر الرئيس برفع الحظر عن قصائده والسماح له بدخول مصر.
عندى خطاب عاجل اليك
وعندما تلقت الامة العربية صدمة رحيل الرئيس جمال عبد الناصر المفاجئ كتب نزار قبانى اولى قصائد رثائه بعنوان "عندى خطاب عاجل اليك" قال فيها: والدنا جمال عبد الناصر / عندى خطاب عاجل إليك.. من أرض مصر الطيبة / من ليلها المشغول بالفيروز والجواهر / من مقاهى سيدنا الحسين، من حدائق القناطر، ومن ترع النيلِ التي تركتها.. حزينة الضفائر / عندي خطابٌ عاجلٌ إليك من الملايينِ التي قد أدمنت هواكْ من الملايين التي تريد أن تراكْ / عندي خطاب كلّه أشجان لكنني.. لكنّني يا سيدي لا أعرف العنوان / والدنا جمال الحزن مرسوم على الغيوم والأشجار والستائر / وأنت سافرت ولم تسافر..فأنت فى رائحة الارض..وفى تفتح الأزاهر / فى خضرة العيون وارتعاشة الأساور، فى صدر كل مؤمن وسيف كل ثائر / وعندما يسألنا أولادنا فى اى عصر عشتم ؟ نجيبهم فى عصر جمال عبد الناصر / فما أروعها شهادة أن يوجد الإنسان فى عصر عبد الناصر.
فور سماع أم كلثوم لقصيدة "عندى خطاب عاجل إليك" أعجبت بها، وطلبت منه أن يرسلها إلى الموسيقار رياض السنباطي كي يلحنها، وسرعان ما نفذ الشاعر طلبها، وعلى الفور تم تسجيل الأغنية على شكل مقاطع، ثم تم تجميعها خلال يوم كامل.
وبعد تسجيل أم كلثوم للاغنية، تم إرسالها للإذاعة كي يتم بثها، وفجأة طلبت أم كلثوم وقف عرض الأغنية، والسبب وفقًا لشهادة وجدى الحكيم أن الرئيس الجديد محمد أنور السادات سيظهر في اليوم التالي ليتحدث للشعب بعد استلامه الحكم، وهو ليس بالوقت المناسب لإذاعة الأغنية، من وجهة نظر كوكب الشرق مما أثار غضب ملحن الاغنية رياض السنباطى.
وفى أول ذكرى ميلاد لعبد الناصر بعد الرحيل كتب نزار قبانى قصيدة ميلاد يقول فيها: أسأل عن أعمارنا ؟ أنت عمرنا، وأنت لنا المهدى والمحرر / أنت أبو الثورات..وانت وقودها / تضيق قبور الميتين بمن فيها..وفى كل يوم انت فى القبر تكبر / تأخرت عنا فالجياد حزينة..وسيفك من اشواقه كاد يكفر..وحصانك فى سيناء يشرب دمعة عودة / فجيوش الروم تنهى وتأمر يحاصرنا كالموت ألف خليفة / أبا خالد اشكو اليك مواجعى..أنا شجر الاحزان أنزف دما.
قتلناك يا آخر الأنبياء
فى نفس عام رحيل الزعيم كتب نزار قبانى قصيدته الثالثة لـ جمال عبد الناصر بعنوان "قتلناك يا آخر الأنبياء" يقول فيها: قتلناكَ.. يا آخرَ الأنبياءْ.. قتلناكَ.. ليسَ جديدًا علينا اغتيال الصحابةِ والأولياء..فكم من رسولٍ قتلنا.. وكم من إمامٍ / ذبحناهُ وهوَ يصلّى صلاةَ العشاء / فتاريخنا كله محنة.. وأيامنا كلّها كربلاء / نزلتَ علينا كتابًا جميلا.. ولكننا لا نجيد القراءه / وسافرتَ فينا لأرضِ البراءهْ..ولكننا.ما قبلنا الرحيلا.
قتلناك يا جبل الكبرياء وآخر قنديل زيت يضيء لنا فى ليالى الشتاء / لماذا قبلت المجئ الينا..فمثلك كان كثيرا علينا / سقيناك سم العروبة حتى شبعت..رميناك فى نار عمان حتى احترقت / قتلناك ياحبنا وهوانا..وكنت الصديق وكنت الصدوق / وكنت أبانا وحين غسلنا ايدينا..اكتشفنا بأنا قتلنا منانا / وان دماءك فوق الوسادة كانت دمانا.
من قال ان الهرم الرابع مات
وبعد ثلاث سنوات من الرحيل كتب نزار قبانى فى رثاء الزعيم جمال عبد الناصر أيضا قصيدة بعنوان " الهرم الرابع " يقول فيها: السيد نام / السيد نام كنوم السيف العائد من احدى الغزوات / السيد يرقد مثل الطفل الغافى فى حضن الغابات / السيد نام وكيف أصدق أن الهرم الرابع نام / القائد لم يذهب ابدا..بل دخل الغرفة كى يرتاح / زسيصحو حين تطل الشمس..يتمشى فوق جسور النيل..ويجلس فى ظل النخلات / يسأل عن مصر ومن فى مصر.. ويسقى أزهار الشرفات / مازال عبد الناصر هنا..فى طمى النيل وزهر القطن / فى فرح الشعب وحزن الشعب..وفى الأمثال والكلمات / ما زال هنا عبد الناصر..من قال إن الهرم الرابع مات.
