رئيس التحرير
عصام كامل

قصة حجر رشيد.. اكتشفه ضابط فرنسي في قلعة قايتباي.. وعلماء عرب سبقوا شامبليون في فك رموز 11 حرفا هيروغليفيا

حجر رشيد الموجود
حجر رشيد الموجود بالمتحف البريطانى، فيتو

تحتفل مصر اليوم اليوم بذكرى فك رموز حجر رشيد، وهو اليوم الذى استطاع فيه عالم المصريات الفرنسى جان فرانسوا شامبليون الباحث بمتحف اللوفر الفرنسى  فى 27 سبتمبر عام 1822 فك الرموز الهيروغليفية المصرية القديمة بعد دراسته لحجر رشيد أثناء تواجده فى مصر مع حملة نابليون.

تمت كتابة الحجر المكون من البازلت عام 196 قبل الميلاد فى عهد الملك بطليموس الخامس، وجاءت معجزة فك رموز حجر رشيد حين توصل شامبليون إلى الأشكال البيضاوية الموجودة فى النص الهيروغليفي، والتى تعرف بالخراطيش وتضم أسماء الملوك والملكات، وتمكن من مقارنة هذه الأسماء بالنص اليونانى من تمييز اسم بطليموس وكليوباترا، وكانت هذه الحلقة التى أدت إلى فك رموز اللغة الهيروغليفية.

اكتشاف الحجر بقلعة قايباي برشيد 

وكان قد تم اكتشاف حجر رشيد عن طريق الحملة الفرنسية التى جاءت مصر عام 1798 ميلادية  وعليه نقوش هيروغليفية ويونانية وديموطيقية، واكتشفه ضابط فرنسي اسمه بيير فرانسوا بوشار، بقلعة قايتباى بمدينة رشيد ومن هنا سمى بحجر رشيد عند مصب النيل فى البحر المتوسط.

فرانسوا شامبليون 

وسبق شامبليون محاولات عديدة لفك رموز اللغة الهيروغليفية القديمة منها الدبلوماسى السويدى العالم الأثرى توماس أكريال لكنه لم يفك إلا كلمات بسيطة، ثم جاء بعده العالم البريطاني توماس ينك الذي اكتشف أن اللغة الهيروغليفية هى حروف مكتوبة داخل أشكال بيضاوية تسمى خراطيش. 

حجر رشيد بمتحف لندن 

ونقل الإنجليز حجر رشيد إلى لندن طبقا لشروط معاهدة استسلام بالإسكندرية عام 1801 عقدت بين الإنجليز والفرنسيين، وتم إيداع الحجر بالمتحف البريطانى بلندن، وما زالت مصر تحاول استرجاعه.

الباحث الأثرى المصرى عكاشة الدالى 

وجاء الدكتور عكاشة الدالى أستاذ علم المصريات بجامعة لندن ليكشف الحقيقة ويعلن فى رسالته للدكتوراه أن العلماء العرب فى القرون الوسطى من المهتمين بدراسة اللغة قاموا بفك طلاسم الحضارة المصرية القديمة ورموز لغتهم قبل العالم الفرنسي شامبليون حيث قال: إن ذو النون المصرى الذى نشأ فى ظل الحكم العباسي واسمه أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم كان أول من شغف بالنصوص الفرعونية، وزار العديد من البلدان لتلقى العلم وأقام فى معبد أخميم وجذبته الكتابة فعكف على دراستها.

زوار حجر رشيد بمتحف لندن 

وأضاف الدالي أن العالم الذى حقق إنجازات فى فك رموز الهيروغليفية القديمة هو العراقى أبو بكر أحمد بن وحشية أواخر القرن التاسع الميلادي الذى وضع كتاب (نزهة المستهام فى معرفة رموز الأقلام)، توصل إلى أن الرموز والأشكال الهيروغليفية هى حروف ذات قيمة صوتية مثل الحروف الهجائية.

سبق العرب شامبليون 

وثبت بالدراسة التى أكدها الدكتور عكاشة الدالي أن العلماء العرب وهم من علماء الكيمياء نجحوا فى فك رموز 11 حرفًا، وهذا سبق كبير بالنسبة لشامبليون الذى فك رموز ثلاثة أحرف فقط، وأضافت الدراسة أنه فى عام 1806 وقبل أن يعلن شامبليون كشفه بـ 14 عاما أصدر العالم النمساوى جوزيف هامر كتاب ترجم خلاله كتاب ابن وحشية إلى الإنجليزية أكد فيه أن شامبليون درس اللغات القبطية والعربية لكى يستطيع الاطلاع على المصادر العربية لفك رموز الهيروغليفية، إضافة إلى أن الحملة الفرنسية قبل خروجها من مصر صادرت الكثير من الكتب والمخطوطات التى تعينهم على كشف رموز اللغة الهيروغليفية ولذلك سبق العرب شامبليون.

مصر القديمة فى المصادر الإسلامية العربية 

والدكتور عكاشة الدالى وهو باحث أثرى عمل فى حفائر منطقة أبو الهول مع الدكتور زاهى حواس وغادر مصر إلى لندن عام 1992 وأعد رسالة للدكتوراة بعنوان "مصر القديمة فى المصادر الإسلامية العربية"، وأشرف عليها تشارلز برينت المتخصص الوحيد فى الدراسات الإسلامية فى العصور الوسطى.

دراسات عديدة تؤكد أسبقية العرب 

وهناك دراسات أخرى تؤكد أن شامبليون ليس أول من حاول فك رموز حجر رشيد، فرموز حجر رشيد بدأ فكها في القرن السابع على يد أحد العلماء المصريين يسمى أبي جابر الحياني وأيضا ذو النون المصري وهو عالم ومترجم حاول فك رموز الحضارة المصرية، كما أن هناك عالما عراقيا اسمه النبطي وهو عالم لغة وسبق وفك بعض رموز الحضارة المصرية، فضلا عن أحد الأقباط ويدعى الأنبا أسانيسيوس فك بعض رموز حجر رشيد إلى أن  جاء أحد الكهنة يسمى يوحنا الشفتشي وفك جزءا من رموزه، وحينما جاءت الحملة الفرنسية وتم اكتشاف حجر رشيد وظنوا أن له أهمية فأرسلوه لبعض علماء الحملة الفرنسية وشامبليون فقام بفك رموز حجر رشيد.

وحول الدعوة إلى ضرورة عودة لوحة حجر رشيد إلى مصر وجهت آمال عبد الحميد عضو مجلس النواب سؤالًا برلمانيًا الى رئيس المجلس، موجها إلى رئيس الوزراء ووزيري الخارجية والسياحة والآثار حول جهود الحكومة لاسترداد حجر رشيد من بريطانيا واسترداد جميع آثارنا التى تم تهريبها الى الخارج مطالبة بمناسبة ذكرى فك رموز حجر رشيد باسترداده حتى يعود الى أحضان التراث الحضارى المصرى لإعادة عرضها فى متاحفنا.

حجر رشيد فى متحف لندن 


وأشارت النائبة إلى أن حجر رشيد هذا الأثر المصري الهام خرج من مصر استنادا إلى المادة السادسة عشرة من وثيقة استسلام الإسكندرية عام ١٨٠١، وهي معاهدة تم التفاوض عليها وتوقيعها من قبل القوات العثمانية والفرنسية والإنجليزية، ولم يوقع عليها مصري واحد، ما يجعل الموقف القانوني للآثار المصرية التي خرجت بموجبها موقفا ملتبسا مؤكدة أحقية موقف مصر القانوني في المطالبة بهذا الأثر الهام وعودته إلى موطنه الأصلي، خاصة أنها كانت خاضعة للاحتلال خلال تلك الفترة؛ لذا كان السطو على حجر رشيد غنيمة حرب وتعدي على الممتلكات والهوية الثقافية المصرية.

حملة توقيعات لاسترداد الحجر 

ومن ناحية أخرى يقوم الأثرى الدكتور زاهى حواس بحملة على موقعه الإلكترونى الخاص تستهدف الحصول على مليون توقيع لإرسال عريضة مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية إلى المتحف بلندن للمطالبة بعودة الحجر، وتعليقا على ذلك قال الدكتور زاهى حواس: إن المتحف البريطاني يمكن أن يعيش بدون الحجر نظرًا لمجموعته الكبيرة من آثار مصر القديمة، مضيفا يمكن للمتحف البريطاني أن يقول ما يريد، لكن من المهم أن يعود  حجر رشيد، حيث لديه آلاف القطع المصرية معروضة ومخزنة، ولن تتأثر مجموعته بشكل كبير، ومن السخف أن يحتفظ المتحف البريطانى بالحجر، حيث إن مكانه الصحيح هو المتحف المصرى الكبير، وأنه فى انتظار مليون توقيع.

الجريدة الرسمية