أسباب تحرك وزير الأوقاف لإنهاء فوضى الفتاوى.. الملف يمس حياة المواطنين.. تجاهله ينعكس على استقرار المجتمع.. وشيوخ الفضائيات ومواقع التواصل أصعب العقبات
لم يكن مفاجئا استحسان المصريين تصريحات الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، التي أعلن فيها دراسة الوزارة إعادة قانون تجريم الفتوى من غير المُختصين، بالتعاون مع الأزهر الشريف ودار الإفتاء ومجلس النواب، بهدف إعادة هذا القانون وسرعة تفعيله للتصدي لفوضى الفتاوى، إذ تنعكس الفوضى في هذا المجال على واقع الحياة وعلاقات أبناء المجتمع بما للدين من تأثير كبير على حياة المصريين.
قانون تجريم الفتوى من غير المختصين، لماذا الآن؟
وخلال الأيام الماضية، اشتعلت أزمات جديدة، تدور حول المشايخ والمريدين، وكشفت عن انفلات في العلاقة بين هذه الأطراف التي وصلت حد الاتهام بالتحرش، كما أظهرت جانبا آخر، وهو كيفية استقطاب الناس بالدين والكرامات والانتساب لآل البيت.
ولم تكن هذه الأزمة وحدها التي تستوجب استدعاء قانون تجريم الفتوى من غير المتخصصين، بل استمرار خروج عدد من المشايخ والدعاة على شاشات التلفزيون ومواقع التواصل، وإصدارهم فتاوى دينية غير مألوفة وغريبة، لذا اعتبر الدكتور أسامة الأزهري، ان التصدي لهذه الظاهرة من أولويات عمله في الوقت الحالي، موضحًا أن قانون تجريم الفتاوى الدينية والآراء الفقهية الجدلية من غير المُختصين جاهز بالفعل، لاسيما ان تأجيل إصداره في برلمان 2015 له أسباب معروفة.
موقف البرلمان من تحركات أسامة الأزهري لإنهاء فوضى الفتاوى
وجدت تصريحات الدكتور الأزهري، ترحيبًا واسعًا في الشارع المصري وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كما اشاد بها البرلمان، وخرج النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، يعلن دعمه القوي لموقف وزير الأوقاف.
وصف رضوان التشريع بالهام، مؤكدا أنه يجب على الحكومة والأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية بل والبرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ تقديم جميع أنواع الدعم والمساندة للرؤية الواضحة والثاقبة من العالم الدكتور اسامة الأزهرى وزير الأوقاف للإسراع في إصدار هذا التشريع المهم بعد أن أصبح هناك العديد من غير المتخصصين في إصدار الفتاوى يتربعون على منابر ومنصات الفضائيات والتواصل الإجتماعى ويصدرون العديد من الفتاوى بغير علم.
وأضاف أن وزير الأوقاف أصاب كبد الحقيقة عندما أكد أن تعدد جهات الإفتاء في الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف يؤدي إلى الوصول إلى كل المصريين، وهذا لا يعني وجود صراع بين العاملين بالفتوى، بل يجب أن يكون هناك تكامل وتعاون من أجل المصريين.
كما أعلن طارق رضوان أنه استجابة لرؤية الدكتور أسامة الأزهرى سيتقدم مجددًا بمشروع قانون لتحريم إصدار الفتاوى من غير المتخصصين مع بدء دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب في فصله التشريعى الثاني في شهر أكتوبر المقبل، مشيرًا إلى أنه عندما تقدم بهذا التشريع في البرلمان السابق كان هدفه القضاء نهائيًا على ظاهرة الدخلاء على مهنة إصدار الفتاوى.
وأشار النائب إلى اتفاقه التام مع تأكيد الدكتور أسامة الأزهري على ضرورة صياغة قانون يتمحور حول نسج وبناء العلاقة بين الوزارة ومشيخة الأزهر الشريف ودار الإفتاء ومشيخة الطرق الصوفية ونقابة الاشراف لأنهم أعمدة المؤسسة الدينية في مصر، مثمنًا تأكيد وزير الأوقاف الواضح والحاسم بأنه يجل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لأنه الأعلم والأكبر والمعبر عن المؤسسة أمام العالم.
انتشار التطرف، أخطر أسباب فوضى الفتاوى
وخلال العقود الماضية كانت فوضى الفتاوى داخل مصر وخارجها من أخطر أسباب انتشار التطرف، واستقطاب الشباب، وتوريطهم في شباك العنف والتشدد.
واستغلت الجماعات الدينية عدم ضبط المصطلحات الإعلامية، وحولت الإسلام إلى أداة في يد الجماعات الدينية المتطرفة التي ترغب في هدم البلدان وحكوماتها الشرعية، وإعادة تشكيلها على أسس دينية متطرفة، تخدم مشروعات من ركام التاريخ في بلدان أخرى.
وساعد في إنجاح بعض مخططات هذه الجماعات، غياب التنسيق بين هيئات الإفتاء بين البلدان العربية والإسلامية، مما أدى إلى تراجع الرؤى المعتدلة وشيوع المفاهيم الخاطئة، وترتب على ذلك صعود نجم أفكار حركات التطرف الديني، من أقصى اليمين لأقصى اليسار.
حال الفتاوى في قرن من الزمان
قبل قرن من الزمان، كانت دار الإفتاء المصرية وحدها من تصدر الفتاوي، لكن الأمر في العقود الأخيرة لم يصبح كذلك، إذ توجه المصريون إلى القنوات الفضائية والإنترنت للحصول على فتاوي في أمورهم الخاصة والعامة، ولكن الأزمة أن هناك الكثير من الآراء غير المؤهلة التي حصلوا عليها، تسببت في مشكلات كبيرة ولاسيما الشباب.
ولا تتوقف الأزمة على مصر وحدها في مشكلات الفتاوى، بل أصبحت مشكلة إسلامية خالصة، بعد أن تسببت عدد من الفتاوي في حوادث عالمية أحدثت بلبلة كبيرة للإسلام والمسلمين، لذا يرى العلماء أن الفتوى يجب أن تكون حصرًا على رجال الدين الذين تلقوا تدريبًا دينيًا وقانونيًا يمكنهم من الإفتاء، ولا يصح أن يكون ذلك بدون تفويض من المؤسسات الدينية المعنية.
وينتظر الأوقاف والبرلمان عدد من التحديات لإقرار مثل هذا القانون، مثل مواجهة الفقيه التلفزيوني وفقيه مواقع التواصل، الذين أصبح لهم أتباع بالملايين، والمواجهة مع هذه الشخصيات حتمية حتى لايتم التلاعب بثغرات القانون، ولي عنق النصوص، للظهور على الناس بطرق مختلفة دون ترخيص، وتمرير رأيهم الذي يناقض رأي أئمة وفقهاء المؤسسات الرسمية، مما يساهم في هدم كل الجهود التي تبذل لضبط المشهد الديني في البلاد، وبالقلب منه «الفتاوى».
قصة الفتوى في التاريخ الإسلامي
ظهرت الفتوى في التاريخ الإسلامي بعد انتهاء عصر الخلفاء الراشدين، حيث وجد المسلمون أنفسهم في زمان يختلف عن عصر النبوة الأولى، وأصبح هناك مظاهر للترف والفساد الإداري بين صفوف الطبقة الحاكمة في الدولة الأموية والعباسية، وفي هذين العصرين وبصورة تدريجية لمع تيار ينادي بالعودة إلى المبادئ الأساسية في طريقة الحكم التي كانت متبعة في عهد الرسول والخلفاء الراشدين.
ومن عباءة هذا التيار، خرج محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج النيسابوري، وقاما بجمع الأحاديث النبوية، وكان هدفهما التذكير بأن الرسول كان متكاملا في تطبيق مفهوم الإسلام، وعليه فإن أي شخص يحاول التوسع في علمه بدين الإسلام، يجب أن يطلع على كل صغيرة وكبيرة قام بها أو نطق بها الرسول محمد.
وعرف هذا التيار باسم «أهل الحديث» وحظى بشعبية واسعة بين عامة المسلمين، لأنه كان تيارًا متواضعا بعيدا عن مظاهر الترف أو ضمن أسباب الفجوة الواسعة بين الحاكم والمحكوم.
وتدريجيا ظهرت نزعة من المسلمين تجاه اللجوء إلى أهل الحديث، لإيجاد الجواب الإسلامي الصحيح على أسئلة غامضة أو قضايا شائكة في مختلف أوجه الحياة، إذ كان المسلم يثق بهذا التيار أكثر من التيار الحاكم الذي أخذ بصورة تدريجية طابع السلطة الإدارية وليس السلطة الدينية، لذا يرى معظم المؤرخين، أنه من هنا نشأت فكرة الفتوى بمفهومها الحالي.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.