رئيس التحرير
عصام كامل

التعويم يكتب السطر الأخير في مجانية التعليم.. تحرير سعر الصرف يلتهم رواتب العاملين.. يؤثر على جودة المنظومة.. الأعباء المالية للدراسة تبلع دخل المصريين.. ومطالب بمصادر تمويل بديلة

طلاب المدارس
طلاب المدارس

العام الدراسي الجديد، شهد الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة تحولات كبيرة، كان أبرزها قرار تعويم الجنيه المصري في عام 2016، هذا القرار، الذي اتخذ في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، كان له تأثيرات واسعة على كافة قطاعات المجتمع، بما في ذلك قطاع التعليم، حيث تعد مجانية التعليم في مصر تمثل دعامة قوية للتنمية البشرية والاجتماعية، ومع ذلك، فإن تعويم الجنيه أدى إلى تحديات كبيرة تهدد استدامة هذه المجانية وجودة التعليم بشكل عام.

 

ما قبل الأزمة

 وفي محاولة لتحرير مصطلح تعويم الجنيه نجد أنه يعنى ترك سعر العملة المحلية ليتحدد وفقًا لقوى العرض والطلب في السوق دون تدخل مباشر من الحكومة، وبينما كان الهدف من التعويم هو جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، ظهرت تداعيات سلبية على العديد من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، وبالنسبة للتعليم، يعتبر تأثير هذا القرار معقدًا، حيث يتداخل مع تكاليف الحياة اليومية، والتمويل الحكومي، واحتياجات البنية التحتية، ومتطلبات جودة التعليم.

 

تأثير التعويم

 وأدى تعويم الجنيه إلى انخفاض قيمة العملة المصرية مقابل العملات الأجنبية، مما نتج عنه ارتفاع في تكاليف المواد المستوردة المستخدمة في التعليم، تشمل هذه المواد المعدات التكنولوجية الحديثة، والكتب المدرسية المستوردة، والمعامل والأدوات التعليمية الضرورية لتحديث المناهج والمواد التعليمية، بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت تكاليف استيراد الأجهزة الحديثة المستخدمة في عملية التعليم، مما يؤثر سلبًا على عملية التحول الرقمي التي تسعى الدولة إلى تحقيقها في التعليم.

كما أن زيادة تكلفة التشغيل لم تقتصر على المواد المستوردة فقط، بل شملت أيضًا الطاقة والوقود فقد شهدت أسعار الكهرباء والوقود زيادات متتالية، ما انعكس على تكاليف إدارة المدارس وصيانة البنية التحتية التعليمية، وكذلك الحال للمدارس والجامعات تعتمد على وسائل النقل، والكهرباء، والمياه، وهذه التكاليف زادت بشكل ملحوظ مع تضخم الأسعار نتيجة للتعويم.

 وبالحديث عن تأثير تعويم الجنيه على المعلمين والعاملين في قطاع التعليم، نجد أن رواتبهم تأثرت سلبًا بسبب انخفاض القوة الشرائية للجنيه، في الوقت الذي تضاعفت فيه الأسعار بشكل كبير، بقيت رواتب المعلمين ثابتة نسبيًا، مما أثر على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، هذا الوضع أدى إلى تراجع جودة الحياة للعديد من العاملين في التعليم، وربما أدى أيضًا إلى تحفيز بعضهم للبحث عن فرص عمل إضافية خارج نطاق التدريس، كما أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن التعويم أثرت أيضًا على القدرة على تعيين معلمين جدد، مما زاد من الأعباء على الكوادر التعليمية الحالية وأثر على جودة التعليم، بجانب أن معاناة المعلمين من الضغوط الاقتصادية قد تؤدي إلى تراجع في أدائهم المهني وبالتالي تأثير سلبي على مستوى الطلاب ومستقبلهم الأكاديمي.

 

مجانية التعليم

مجانية التعليم كانت وما تزال من المكتسبات الوطنية التي تفخر بها مصر منذ منتصف القرن العشرين ومع ذلك، فإن الضغوط الاقتصادية الكبيرة الناتجة عن تعويم الجنيه بدأت تهدد استمرارية هذا النهج، حيث تتحمل الموازنة العامة للدولة جزءًا كبيرًا من نفقات التعليم، ولكن مع تزايد التحديات الاقتصادية،  أكد بعض المراقبين أننا أصبحنا في  حاجة ملحة لإعادة النظر في آليات التمويل، حيث أدى التضخم الناجم عن تعويم الجنيه إلى تقليص القدرة الشرائية للأسر المصرية، مما جعل تكاليف التعليم التي كانت تعتبر بسيطة بالنسبة للكثيرين تشكل عبئًا كبيرًا.

حتى مع التعليم الحكومي المجاني، لا تزال الأسر تتحمل تكاليف الكتب الخارجية، والدروس الخصوصية، والنقل، وكل هذه التكاليف شهدت ارتفاعات حادة، وهو ما جعل بعض الأصوات تطالب بضرورة مشاركة الطلاب في تحمل جزء من تكاليف التعليم العالي، خاصة في الجامعات، كما أن البعض يقترح فرض رسوم رمزية، بينما يرى آخرون ضرورة دعم الحكومة للمؤسسات التعليمية من خلال شراكات مع القطاع الخاص أو من خلال تمويلات دولية، ومع ذلك، فإن أي اتجاه نحو فرض رسوم قد يثير ردود فعل شعبية سلبية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة.

 

جودة التعليم

 وبحسب متخصصين فإن التعليم الجيد يعتمد على توفير بيئة تعليمية متكاملة تشمل المناهج المتطورة، والبنية التحتية الجيدة، وأعضاء هيئة التدريس المؤهلين ولكن مع التعويم، بدأت تظهر علامات تراجع في جودة التعليم نتيجة لعدم القدرة على تمويل تلك الاحتياجات بشكل كافٍ، فعلى سبيل المثال المدارس الحكومية، التي تستوعب غالبية الطلاب في مصر، تعاني من تدهور في المرافق التعليمية وعدم كفاية الإمكانيات لتحديث المناهج بشكل يناسب متطلبات العصر.

كما أن زيادة الأعباء المالية على المدارس أثرت أيضًا على الأنشطة التي تعد جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية، حيث أصبحت الأنشطة الثقافية، الرياضية، والعملية أقل وجودًا، مما يحرم الطلاب من فرص تنمية مهاراتهم وشخصياتهم بشكل متكامل.

استدامة التعليم المجاني

 ويؤكد مراقبون أنه مع استمرار الضغوط الاقتصادية الكبيرة على الحكومة فمن الضروري إعادة التفكير في كيفية تمويل التعليم المجاني،  في ظل الأوضاع الحالية، حيث يرى أصحاب هذا الاتجاه أنه أصبح من الصعب الاستمرار في تقديم تعليم مجاني بجودة عالية دون إيجاد مصادر تمويل بديلة.

ومن أبرز المقترحات التي يتم طرحها هي تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، والاستفادة من التمويلات الدولية، وكذلك تشجيع التبرعات من الأفراد والمؤسسات لدعم التعليم، من ناحية أخرى، قد يكون هناك حاجة إلى إصلاحات جذرية في كيفية توزيع المخصصات المالية داخل قطاع التعليم، من خلال التركيز أن يكون على تحسين الكفاءة المالية، وضمان وصول الأموال إلى المشاريع التي تساهم بشكل مباشر في تحسين جودة التعليم وتخفيف العبء على الأسر، كما يجب أن تكون هناك رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين تقديم تعليم مجاني عالي الجودة وبين مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.

في ذات السياق، أشار الخبير التربوي الدكتور كمال مغيث إلى أن هناك تحايلًا على مفهوم مجانية التعليم الذي يضمنه الدستور، حيث لم تعد المصروفات الدراسية رمزية كما كانت في السابق، موضحًا أن التعليم ليس سلعة تخضع لتقلبات السوق أو التغيرات الاقتصادية، بل هو خدمة أساسية وإلزامية تقع مسؤوليتها على الدولة، وبالتالي لا يوجد مبرر لزيادة رسوم الجامعات الحكومية مع الادعاء بأنها ما زالت مجانية، مؤكدًا أن إدخال مكونات مدفوعة في منظومة التعليم الحكومي يمثل شكلًا من أشكال التمييز الاجتماعي، ويكرس ثقافة عدم تكافؤ الفرص، حيث استذكر مغيث كيف كان التعليم الحكومي في الستينات يتمتع بجودة عالية، حيث كان أبناء الطبقات الاقتصادية الميسورة يفضلونه، مما ساهم في ترسيخ قيمة التعليم الجيد في المجتمع.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية