«غزة».. ورقة الضغط الصعبة فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.. تقارير غربية: نتنياهو يستغل العدوان على القطاع لابتزاز ترامب وهاريس
كشفت تقارير إعلامية غربية عن استغلال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الحرب الدائرة فى غزة، كورقة ضغط على المرشحين فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، لتحقيق مكاسب من شأنها أن تطيل من مدة بقائه فى السلطة.
ويرى الكاتب توماس فريدمان فى تحليل له بصحيفة «نيويورك تايمز» أن نتنياهو استطاع خداع الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن منذ اندلاع الحرب بغزة فى شهر أكتوبر الماضي، واستمر فى المماطلة والمناورات من أجل الوصول إلى هذه اللحظة دون وقف الحرب، ففى الوقت الحالى إذا صعد رئيس وزراء الاحتلال من العدوان على غزة سيضع الحزب الديمقراطى وكامالا هاريس فى مأزق كبير للغاية، فإما أن تنتقده علنا وتخسر الأصوات اليهودية أو تصمت وتخسر أصوات العرب والمسلمين وإذا لم تفعل أيا من الأمرين فستبدو ضعيفة أمام جميع الأطراف، ما يساعد دونالد ترامب على الفوز فى الماراثون الانتخابى وحينها سيستطيع إخباره أنه كان له دور كبير فى هذا الفوز.
ملف مؤثر
بدوره، قال السفير رخا حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أحد أهم الملفات والقضايا المؤثرة من ناحية الشؤون الدولية فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بجانب عدة موضوعات أخرى أبرزها الصراع بين روسيا وأوكرانيا، والسباق مع الصين.
وأوضح “رخا” أن الحرب الدائرة فى غزة ستكون أكثر أهمية وإلحاحا مقارنة بالصراع الروسى الأوكراني، وذلك لعدة اعتبارات أولها المظاهرات الضخمة التى انطلقت فى الجامعات والولايات الأمريكية المختلفة والتى نددت بالعدوان على غزة وطالبت بوقف فورى للمجازر وعمليات الإبادة التى تحدث داخل القطاع المحاصر، ما أدى إلى ظهور تداعيات كبيرة فى الداخل الأمريكي.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق مشاركة عدد كبير جدا من الجاليات العربية والإسلامية والأقليات الأخرى المتعاطفة مع القضية الفلسطينية إلى جانب عدد من شباب الحزب الديمقراطى فى هذه المظاهرات والفعاليات المنددة بالحرب، لافتا إلى أن الديمقراطيين دائما ما ينحازون ويراهنون على أصوات الأقليات والنقابات ويمثلون كتلة تصويتية مهمة فى الانتخابات المختلفة بالنسبة لهم، ما سيضع الحزب الأمريكى فى مأزق كبير، نظرا إلى تهديد هذه الكتلة بالامتناع عن التصويت أو المشاركة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية حال عدم توقف العدوان الغاشم على غزة.
ألاعيب ترامب
وتابع: “المرشح الجمهورى والرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب لديه موقف واضح وصريح سواء فى العلن أو داخل الأروقة بشأن الحرب فى غزة وهو الدعم المطلق واللامحدود للإسرائيليين والعمل على القضاء على حركات المقاومة داخل القطاع”، لافتا إلى أن موقف ترامب أكثر تطابقا مع الرؤية الإسرائيلية والصهيونية.
واستطرد: “ترامب يستغل الحرب الدائرة فى غزة لتحقيق مكاسب انتخابية، فقد هاجم الإدارة الأمريكية بسبب تحركاتها بعد انطلاق طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضى بالرغم من أن إدارة بايدن دعمت إسرائيل بشكل مطلق سواء على المستوى العسكرى أو السياسى أو الإعلامي، ولكن ترامب طالبها باتخاذ إجراءات أكثر حسما للقضاء على حماس وحركات المقاومة الأخرى وتعهد أيضا بالعمل على توسيع مساحة دولة الاحتلال، نظرا إلى ضألة حجم الكيان الصهيونى الجغرافى، ما يعنى أنه سيعمل وسيؤيد توسيع دائرة الاستيطان داخل الأراضى الفلسطينية”.
وأكد رخا حسن، أن الغالبية العظمى من المواطنين الأمريكيين ليس لديهم اهتمام بالشؤون الخارجية، إذ يهتمون بالملفات الداخلية مثل الأوضاع الاقتصادية والضرائب ونسب التضخم والبطالة والمعونات الانتخابية والتعليمية وملف المهاجرين غير الشرعيين، ولكن ما يجعل ملف العدوان على غزة واضحا خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، أن الحرب وصلت إلى مرحلة إبادة جماعية وأظهرت ازدواجية المعايير لدى الإدارات الأمريكية، فبينما استنكرت واشنطن غزو روسيا لأوكرانيا واتهمتها بانتهاك حقوق الإنسان وطالبت المنظمات والمحاكم الدولية بفرض عقوبات على موسكو والقبض على الرئيس فلاديمير بوتين، على النقيض قدمت لتل أبيب دعما مطلقا فى عدوانها على غزة وعارضت تماما اتخاذ أو تنفيذ أى إجراء ضد إسرائيل صادر من قبل المنظمات والمحاكم الدولية.
وشبّه مساعد وزير الخارجية الأسبق، ما يحدث حاليا من تأثير لحرب غزة على الانتخابات الرئاسية الأمريكية بما حدث خلال فترة الحرب فى فيتنام وباكستان، مشددا على أن ازدواجية المعايير والدعم المطلق لدولة الاحتلال بالإضافة إلى المبالغ الضخمة التى ذهبت إلى تل أبيب وتخطت الـ 40 مليار دولار، هى التى دفعت للفت نظر المواطن الأمريكى إلى القضية الفلسطينية، خاصة بالنسبة للفئة المثقفة داخل الولايات المتحدة، حيث إن الجامعات التى اندلعت بها المظاهرات المنددة بالحرب هى التى تخرج قادة البلاد.
الأجندة الخارجية
من جانبه، قال السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن ملف الحرب فى غزة ليس عاملا أساسيا فى اختيار الرئيس الأمريكى الجديد، وليس من الواقعى أن نعتقد هذا، فعوامل اختيار الرئيس الأمريكى تعتمد بشكل كبير على الشؤون الداخلية فى الولايات المتحدة، ونادرا ما يكون هناك مواطن أمريكى مهتم بالشؤون الدولية أو الخارجية، ولكن كل ما يهمه هو سياسة كل مرشح بشأن الملفات الداخلية والتى يأتى على رأسها الأوضاع الاقتصادية والضرائب والمهاجرين غير الشرعيين والإجهاض وحمل السلاح، ولكن البعد الخارجى غير مهم بالنسبة إلى معظمهم.
وأضاف: “أيا كان الرئيس الأمريكى القادم فالأجندة الأمريكية الخارجية ستكون واحدة أو متقاربة بشكل كبير، وسيبقى راسخا أن الأمن القومى الأمريكى يعتمد على وجود دولة الاحتلال الإسرائيلى فى منطقة الشرق الأوسط لتخدم مصالح واشنطن فى هذه المنطقة”، مشددا على أنه سواء فاز ترامب أو فازت كامالا هاريس، فسيطبق الاثنان سياسة واحدة وأجندة واحدة وهى دعم إسرائيل المطلق.
وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق: “قضية فلسطين ليست قضية عدالة أو قضية قانون دولي، وإسرائيل تعتبر ممثلا عن الولايات المتحدة فى منطقة الشرق الأوسط بالنسبة إلى واشنطن، أما هاريس فقد تراجعت عن الحديث بشكل إيجابى بشأن حرب غزة وخففت من وتيرة انتقاد نتنياهو مؤخرا، كما أكدت على استمرار الدعم المطلق لإسرائيل فى محاولة لتلافى خسارة الدعم اليهودى والصهيونى خلال الانتخابات”.
واستكمل: “أما ترامب فهو واضح وصريح منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة فى الانتخابات قبل السابقة بشأن الدعم المطلق لدولة الاحتلال.. فهو من قرر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة كما اعترف باحتلال إسرائيل للجولان”.
وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق أن كل استطلاعات الرأى الحالية ترجح فوز كامالا هاريس فى الانتخابات الرئاسية، ولكن المناظرة بينها وبين دونالد ترامب هى التى ستحسم الماراثون الانتخابى بشكل كبير، مشددا على أن سياسات الديمقراطيين والجمهوريين بشأن إسرائيل ستكون متطابقة وأن الاختلاف فى التعامل مع الملف سيكون بسيطا جدا، مشددا على أن اللوبى الصهيونى واليهودى يسيطران تماما على مؤسسة الرئاسة الأمريكية والكونجرس الأمريكى بشقيه بشكل كامل.