رئيس التحرير
عصام كامل

مجرد توزيع أدوار!


هل نصدق عضوى الكونجرس ماكين وجرهام في مزاعمهما بأن الرئيس أوباما طلب منهما السفر إلى مصر.. والاجتماع بالمسئولين في الحكومة.. ورموز المعارضة، لاستجلاء حقيقة النزاع الذي كاد أن يقسم المصريين.


أم نصدق المتحدث باسم البيت الأبيض، الذي أكد أنه لا علاقة للإدارة الأمريكية بزيارة عضوي الكونجرس.. وإنهما يمثلان نفسيهما فقط.

أو نصدق التصريحات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية.. التي أكدت أن آراء عضوي الكونجرس لا تعبر عن السياسة الأمريكية تجاه ما يجري في مصر.. والتي أعلنها بوضوح وزير الخارجية، وأكد أن ما حدث في مصر ليس انقلابًا عسكريًا.. إنما ثورة شعبية.

الأقرب إلى الحقيقة أنه لا تناقض بين تلك التصريحات.. كما يبدو وللوهلة الأولى.. والأمر لا يخرج عن توزيع الأدوار بين المسئولين الأمريكيين للتعبير عن موقف واحد يجسد مدى الانزعاج الذي تشعر به الإدارة الأمريكية التي فوجئت بالانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم الجماعة التي تم الرهان الأمريكى عليها لتنفيذ مشروعاتها تجاه الشرق الأوسط.

لذلك لا يجب أن تتحول أمريكا إلى طرف محايد فيما يجرى في مصر.. ومن الطبيعي أن تنحاز إلى الجماعة التي أثبتت التزامها بمبدأ «السمع والطاعة» للإدارة الأمريكية وما تصدره من تعليمات وأوامر يتم تنفيذها بدقة.. ويكفي لأمريكا أن حماس لم تطلق قذيفة واحدة تجاه إسرائيل طوال عام كامل من حكم الجماعة.

ما يثير غضب المصريين.. أن تلك الحقائق لم تكن غائبة عن علم الحكومة المصرية.. وما كان ينبغي لها أن تسمح للوفود الأجنبية وفى مقدمتهما الوفد الأمريكى، بزيارة السجناء في محبسهم.. خاصة أن هؤلاء السجناء وجهت إليهم النيابة اتهامات جنائية.. وللقضاء القول الفصل في صحتها من عدمه.

جماعة واحدة خرجت - كالعادة - عن إجماع الشعب المصري في إدانة الزيارة المشئومة.. وما تبعها من تصريحات ماكين بأن ما حدث في مصر انقلاب لا ثورة شعبية.. ومطالبته بالإفراج عن محمد مرسي الذي يلاحقه الاتهام بالتخابر مع دولة أجنبية.

فقد اعتبر أحد قياديها البارزين وهو الدكتور سعد عمارة، أن تصريحات ماكين لا تعتبر تجاوزًا ضد السيادة المصرية.. ولا تدخلًا في الشأن المصري.. وإن ماكين كان أكثر إنصافًا ونقلًا للحقائق وفهمًا للواقع المصري!!.

لم تقتصر مواقف الجماعة عند الترحيب بالموقف الأمريكى وتدخلها السافر في الشأن المصرى، إنما تعداه إلى احتفال المعتصمين في رابعة والنهضة.. وتكبيرهم ودعواتهم لماكين الذي يدافع عن الإسلام والمسلمين.. كما عبر المتحدثون على منصة رابعة العدوية بموقف ماكين الذي يدعم عودة الرئيس مرسي.. ويعزز فرص عودته.. وطالبت المنصة بتدخل الرئيس الأمريكى أوباما من أجل فرض إعادة مرسي على قيادة الانقلاب.

موقفان.. متباينان.
الشعب المصرى بجميع فئاته يدين الزيارة.. ويرى أنها استهدفت تفجير مصر.. وإحداث الوقيعة بين المواطنين والحكومة والجماعة ترحب بالزيارة المشئومة التي أدمت قلوب المصريين وأشعرتهم بالمهانة.

الشعب المصري يرفض التدخل الأمريكي السافر في الشأن المصري.. ويحاسب حكومته على سماحها بهذا التدخل.. ما أجبرها على إصدار بيان شديد اللهجة يرفض تصريحات ماكين ويصفها بأنها تجاوزت كل الأعراف الدبلوماسية.

الجماعة تواصل مناشدتها للأمريكيين ورئيسهم للتدخل الفعال في الشأن المصري.. ووقف المساعدات التي تقدم للقوات المسلحة لإجبار الحكومة على إعادة مرسي بعد أن رفضه الشعب المصري بجميع فئاته.

يستمر المسئولون الأمريكيون في الإدلاء بتصريحاتهم التي تبدو أنها متناقضة.. ولا تخرج عن مجرد توزيع الأدوار فيما بينهم.
الجريدة الرسمية