في ذكرى ميلاد عبد الوارث عسر.. ساهم في إنشاء معهد السينما.. تعلم التمثيل على يد الفنان عمر وصفى.. وسجل القرآن الكريم كاملا بصوته
عبد الوارث عسر، فنان قدير من الزمن الجميل، عرف بشيخ الممثلين، تتلمذ على يديه العديد من الفنانين والفنانات، صاحب مدرسة متميزة في الأداء التمثيلي، بدأ مشواره مع الفن متأخرا، وعمل موظفا حكوميا حتى خروجه على المعاش، جمع بين كتابة السيناريو والتمثيل والوظيفة الحكومية، عاش ممثلا حتى تجاوز الخامسة والتسعين ورحل عام 1982.
ساهم عبد الوارث عسر في إنشاء معهد السينما مع المخرج محمد كريم، ليدرس فيه فن الإلقاء حتى تخرجت على يديه أجيال من الفنانين وعاش وأصبح أكبر معمر فى تاريخ السينما المصرية، وحصل على جائزة التأليف والسيناريو عن أفلام جنون الحب، وشباب امرأة، وأرحم دموعي، وأدى أدوارا ثانوية في أكثر من 150 فيلما والعديد من المسلسلات الإذاعية ورفض التمثيل للتليفزيون حيث يرى أنه ينتقص من نجومية الفنان فى السينما.
درس اللغة العربية وكتب الشعر
ولد الفنان عبد الوارث عسر في مثل هذا اليوم عام 1894، وكان والده محاميا ناجحا، تعلم تجويد القرآن في الكتاب منذ الصغر، وأتقن فن الإلقاء بعد ذلك وعلمه لكثير من النجوم في السينما المصرية، وكان شغوفا أثناء دراسته للبكالوريا "الثانوية العامة" بمدرسة التوفيقية بمشاهدة العروض المسرحية، ودرس اللغة العربية دراسة حرة حتى أصبح من المتقنين لها، وله ديوان شعر مشهور.
درس عبد الوارث عسر بكلية الحقوق، ولم يكمل تعليمه بسبب وفاة والده، وعمل موظفا في وزارة المالية، اتجه إلى العمل بالسينما مع صديقه المخرج محمد كريم عام 1918 وهو محتفظا بوظيفته بالمالية التي خرج منها بمعاش قدره 9 جنيهات مما جعله نادما على الوقت الذي أضاعه فيها، وعندما علم الأديب يوسف السباعى وكان وزيرا للثقافة بقيمة المعاش الحكومى صرف له معاشا استثنائيا قدره 60 جنيها.
أصلح من يكتب السيناريو للسينما
جمع الفنان عبد الوارث عسر فى البداية بين الوظيفة الحكومية والكتابة فاتجه إلى كتابة السيناريو، وكانت الانطلاقة مع سيناريو فيلم "زينب " عن قصة محمد حسين هيكل، وقام بتعديلات على القصة حتى وصفه صاحب القصة بأنه أصلح من يكتب السيناريو للسينما، عمل بعدها، محررا في جريدة التعاون ويحرر بابا باسم " عم سلامة " وهو نفس اسم الدور الذي مثله في فيلم زينب وعرف بهذا الاسم عند الجمهور فترة طويلة.
تعلم الفنان عبد الوارث عسر التمثيل على يد الفنان عمر وصفى وهو الذي اختار له دور الأب الرجل الطيب حتى حين قدم دور حسبو فى فيلم "شباب امرأة " كان الرجل الغلبان، أما دوره فى فيلم صراع فى الوادى فكان مشهد دخوله غرفة الإعدام من أصعب المشاهد.
كانت البداية لمشوار الفنان عبد الوارث عسر مع التمثيل فى المسرح حيث انضم أولا إلى فرقة جورج أبيض المسرحية وأعلن استعداده عن تقديم أي دور يسند إليه، يقول عبد الوارث عسر: كان قبولى بفرقة جورج أبيض الخطوة الأولى العملية في حياتى، واستمريت فيها حتى تكونت فرقة عبد الرحمن رشدى وطلب منى الانضمام إلى فرقته الناشئة، أخذت منه أول مرتب في حياتى من الفن وكان 10 جنيهات، وفى بداية حياتي لم أكن متدينا أو متصوفا ولم أكن عربيدا طائشا لكنى اتجهت بعد ذلك نحو التصوف، ثم عدت إلى فرقة جورج أبيض وتعرفت على سليمان نجيب ومحمد عبد القدوس وكانوا أيضا موظفين حكوميين وقررنا نحن الثلاثة تكوين فرقة مسرحية من موظفى الحكومة، كانت نواة لجمعية أنصار التمثيل.
دقيقة ونص فى رصاصة فى القلب
وأضاف عبد الوارث عسر:عن طريق عبد الرحمن رشدى تعرفت على محمد عبد الوهاب وعن طريق محمد عبد القدوس تعرفت على المخرج محمد كريم، ومنذ ذلك اليوم لم يظهر فيلما لعبد الوهاب إلا وأنا فيه ممثل حتى لو كان الدور دقيقة ونصف كما حدث في فيلم (رصاصة في القلب) ولم يخرج محمد كريم فيلما إلا وأنا معه شريكا في كتابة السيناريو للفيلم.
سجل عبد الوارث عسر القرآن بصوته لكن الأزهر رفض التسجيل لعدم اعتماد عسر مقرئا بالإذاعة، كما شارك في كتابة أكثر من 70 سيناريو سينمائيا، إلا أن اسمه لم يكتب على أي منها حسب رغبته مكتفيا بالتمثيل فيها ومنها جميع أفلام سعد عبد الوهاب ومحمد عبد الوهاب، كما أنه لم يتقاض أجرًا عنها.
كان عبد الوارث عسر صديقا للرئيس السادات الذى كان يحبه جدا حتى أنه دعاه لحضور فرح ابنته نهى كما أنه الممثل الوحيد الذي تم علاجه على نفقة رئاسة الجمهورية وليس على نفقة الدولة ولا على نفقة النقابة.
تتحدث عن الراحل عبد الوارث عسر ابنته لوتس فى حواراتها الصحفية وتقول: كان مولعا بالمسرح فكان يتابع عروض سلامة حجازي وجورج ابيض وشجعه والده على ذلك، ثم التحق بالعمل في وزارة المالية، وانتقل الى العمل فى السينما عام 1918 وكان عمره 24 سنة وكان محتفظا بمنصبه في المالية حتى تقاضى منها معاشا، وكان خفيف الظل يملك روح الفكاهة وقد ظهر هذا فى دوره بمسرحية "السكرتير الفنى "، كما أنه كتب أكثر من سبعين سيناريو منهم سيناريوهات أفلام عبد الوهاب وسعد عبد الوهاب ولم يكتب اسمه عليهم ولم يتقاضى أي أجر.
ينام مبكرا ويهوى المشي والقراءة
اما عن عادات الفنان عبد الوارث عسر وطقوسه فى الحياة التى جعلته يصبح من المعمرين قالت ابنته لوتس: كان منظما شديد النظام يبدأ يومه مبكرا ويصلى الفجر ثم يقرأ القرآن حتى السادسة، ثم يتناول فطوره بيضة مسلوقة وكوب لبن مع ربع رغيف، وجبة الغداء فى الغالب كان طبق صغير من شوربة العدس مع عيش محمص وقطعة لحم صغيرة وخيارة مقشرة، وفى العشاء كوب لبن محلى بالعسل ويخلد للنوم الساعة التاسعة. فقد كان يهوى المشى فكان يمشى من الدقى حيث نسكن الى التليفزيون. او الى جاردن سيتى حيث يسكن صديقه محمد كريم. وهذا ماجعله نحيفا طوال حياته، وكون مكتبة كبيرة جمعها طوال مشوار حياته كانت هى مكانه المفضل بعد خروجه على المعاش.