رئيس التحرير
عصام كامل

من رصاص الميليشيات إلى معركة الأرقام، ليبيا تدخل متاهة اقتصادية وندرة عملة صعبة

ليبيا، فيتو
ليبيا، فيتو

بعد سنوات من الهدوء النسبي بين فرقاء الحكم في ليبيا، دخلت الدولة مجددا دوامة الاتهامات المتبادلة طالت وضعها الاقتصادي هذه المرة بشكل مباشر لتصل تداعيات حرب الأرقام إلى جسد المواطن الذي يعاني من الأصل نتيجة وضع سياسي مرتبك وصراع بين الفرقاء فى الشرق والغرب.

 

وجسد إقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، قشة قصمت ظهر حالة الاستقرار النسبي خلال السنوات الماضية، وتدحرج الوضع إلى النفط، ما بشر بغرق الدولة التائهة وسط صراع الميلشيات في دوامة عجز أرقام تضع العصا في العجلة.

تقرير مصرف ليبيا يكشف العجز في النقد الأجنبى

كشف مصرف ليبيا المركزي في تقرير صادر عنها السبت الماضى، أن العجز في النقد الأجنبي منذ بداية العام 2024 حتى نهاية أغسطس الماضي وصل إلى 2.7 مليار دولار، حيث بلغ إجمالي استخدامات النقد الأجنبي 16.2 مليار دولار، في حين بلغت الإيرادات نحو 13.5 مليار دولار، منها 1.8 مليار دولار إتاوات نفطية. فيما حققت الميزانية من حيث الإيرادات والنفقات فائضا ماليا بنحو 7.1 مليارات دينار (نحو 1.5 مليار دولار)، حيث بلغت الإيرادات نحو 66.7 مليار دينار فيما بلغت النفقات 59.6 مليار دينار.

 

من جهة أخرى، أظهرت أيضا بيانات لشركة كبلر، أن صادرات النفط الليبية هبطت نحو 81% الأسبوع الماضي، بعد أن ألغت المؤسسة الوطنية للنفط الشحنات وسط أزمة حول السيطرة على مصرف ليبيا المركزي وعائدات النفط. 

 

كما أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الخميس، عن أسفها لعدم توصل ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى اتفاق نهائي بشأن أزمة مصرف ليبيا المركزي. 

وأشارت البعثة إلى أن القرارات الأحادية التي اتخذتها جميع الأطراف من شأنها تقويض الثقة وتكريس الانقسامات المؤسسية.

قرار إقالة محافظ مصرف ليبيا يشعل خلافات حماد والدبيبة

وكان محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، الذي تم إقالته بقرار من حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة (مقرها طرابلس)، قد قال إن المصرف لا يزال معزولا عن النظام المالي العالمي في ظل أزمة مستمرة منذ أسابيع أدت إلى توقف إنتاج النفط في البلاد.

 

وذكر الكبير فى تصريحات لوكالة "رويترز" متحدثا من منفاه الاختياري في مدينة إسطنبول التركية، أن مجلس إدارة المصرف برئاسة محمد عبد السلام شكري، الذي عينته فصائل غرب ليبيا بدلا منه يسيطر على نظام المدفوعات الداخلية في البلاد، لكن البنوك الأجنبية لا تجري معاملات معه.

 

وبدأت أزمة مصرف ليبيا المركزي ووقف تصدير النفط فى أغسطس الماضي، عندما تحركت حكومة الدبيبة في العاصمة "طرابلس" للإطاحة بمحافظ البنك المركزي الصديق الكبير، ما دفع حكومة أسامة حماد المنبثقة عن مجلس النواب الليبي فى الشرق إلى إعلان وقف إنتاج النفط.

 

وقال حينها، المستشار عقيلة صالح مجلس النواب الليبي (مقره طبرق)، إن منع تدفق النفط والغاز سيستمر "إلى حين رجوع محافظ مصرف ليبيا المركزي لممارسة مهامه عمله القانونية".

ارتباك القطاع الاقتصادي الليبي عقب إقالة الكبير

اللافت أنه مع أزمة محافظ مصرف ليبيا ووقف إنتاج النفط وتصديره، الحادثة خلال الأسابيع الماضية، برزت أدوار لقوى إقليمية فاعلة فى الملف الليبي منذ سقوط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافى، خلال ثورات الربيع العربي التي ضربت المنطقة عام 2011، وطفت على سطح الأزمة اتهامات متبادلة بالعمالة بين جميع الأطراف، وطالت الصديق الكبير شخصيا.

 

وتعليقا على ذلك، يرى الخبراء فى الشأن الليبي، إن القطاع الاقتصادي الليبي يشهد ارتباكا كبيرًا في الفترة الأخيرة بسبب الارتفاع الملحوظ في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار الليبي، الذي نجم عن الخلافات السياسية والاقتصادية بين حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومحافظ البنك المركزي الليبي الصديق الكبير.

 

ويعتبرون أن الخلافات تجلت بعد عزل محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، من منصبه وتعيين بديل له، ومن ثم صدور تعليمات من رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي أسامة حماد، بوقف إنتاج النفط الخام وتصديره، الأمر الذي أصاب الاقتصاد الليبي بالشلل.

 

ويرى آخرون، أن اعتراض كل من مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه، جاء كرد فعل سياسي على تدخل المجلس الرئاسي الذي يتزعمه محمد المنفى، بتعيين محافظ البنك المركزي وعزله وهو أمر ليس من اختصاص الرئاسي الليبي، بل حق أصيل لمجلس النواب المنتخب بالتشاور مع مجلس الدولة وفق اتفاق الصخيرات الموقع فى المغرب عام 2015.

فى المقابل، برر المجلس الرئاسي  قرار تعيين مجلس إدارة جديد للمركزي الليبي بأنه يأتي لتعزيز قدرة المصرف على القيام بمهامه.

فيما ظهر جليا، أن قرار إقالة الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي، يعود لخلافات مكتومة منذ أكثر من عام بين الأخير ورئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة، بسبب محسوبيات سياسية واقتصادية وصفقات.

 

ويشير مراقبون للأزمة، إلى أن الصديق الكبير، ليس شخصية كرتونية فى المشهد الليبي، بل يتمتع بخبرات اقتصادية وعلاقات وثيقة مع أمريكا والغرب ودول إقليمية مثل تركيا التى فضل الإقامة بها بعد قرار عزله من منصبه ويتحدث لوسائل الإعلام الدولية عن تفاصيل الأزمة من أراضيها، وبالطبع استغلت حكومة الدبيبية هذا الأمر للتشكيك فى الكبير وتصدير صورة حول عملها لصالح تلك الدول بهدف تسويغ قرار عزله بأسباب تجد صداها شعبيا.

 

وكان لمحافظ البنك المركزي الكبير الصديق الكبير، نشاط ملحوظ فى تطوير علاقات ليبيا الاقتصادية خارجيا، وشهدت فترة عمله اجتماعات مع مسؤولين أمريكيين وغربيين، وكان أخرها لقائه مع المبعوث الأمريكى الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند في أغسطس الماضي، وقبلها مع القائم بالأعمال للولايات المتحدة في ليبيا جيريمي بيرندت، وكذلك ومدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية جون كارديناس مطلع فبراير 2024".

 

وكان  المبعوث الخاص لواشنطن إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، أكد في تصريحات سابقة، دعم بلاده الكامل لمصرف ليبيا المركزي تجاه كل التهديدات، ورفض واشنطن لتهديد أمن موظفي المصرف المركزي وعملياته.

بعثة الأمم المتحدة تبذل جهودا لحل أزمة توقف إنتاج النفط

وتطرق كذلك، إلى أن المباحثات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة للدعم، برئاسة ستيفاني خوري، التى التقت خلالها المشير خليفة حفتر، وعدد من الوجوه السياسية فى الشرق الليبي، هدفت لضمان عودة الكبير إلى منصبه وفق ما يتماشى مع قرار مجلس النواب وحكومة حماد، بهدف إعادة فتح حقول النفط مجددا.

 

لكن من وجهة نظر المتابعون، أن أخطر ما فى أزمة مصرف ليبيا، هو توقف عجلة التنمية التي انطلقت خلال الفترة الماضية بمجموعة من مشاريع البنية التحتية التي يقوم عليها مشروع "إعادة الإعمار" في مدن الشرق الليبي مثل بنغازي وسرت ودرنة، وكذلك مشاريع التنمية التي أشرفت عليها حكومة الدبيبة في طرابلس.

 

كذلك صراع السيطرة على مصرف ليبيا المركزي سينعكس كذلك على الوضع الإنساني، بسبب شلل نظام المعاملات المالية ودفع الرواتب وتوقف خطابات الاعتماد لاستيراد البضائع، فى دولة غير منتجة تعيش على استيراد كل شيء بداية من الطعام وصولا إلى مواد البناء، وأكثر المتضررين من تلك الأزمة الناجم عنها أيضا توقف المشاريع التنموية بالطبع المناطق الجنوبية النائية فى الجنوب لبعدها عن بنغازي وطرابلس لارتفاع تكاليف النقل لها وتكلف الدولة فاتورة دولارية عالية فى مقابل ندرة بالعملة الأجنبية بدأ تطال قوت المواطن.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

 

 

 

الجريدة الرسمية