رئيس التحرير
عصام كامل

شباب حول الرسول، مُحَمَّد بْن طلحة "السجَّاد سماه النبي محمدا"

 مُحَمَّد بْن طلحة
مُحَمَّد بْن طلحة "السجَّاد سماه النبي محمدا"، فيتو

منذ فجر الإسلام، أحاط بـرسول الله، صلى الله عليه وسلم، نخبة من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتية بالله حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام وهم حديثو السن، بعضهم لم يناهز الصبا، رغم ما كان يكتنف البيئة المحيطة من أصنام، وأوثان، وأدران، وصمدوا أمام ضغوط الآباء والأمهات وعتاة المشركين.
تربوا في مدرسة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفات النبي، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.

كانوا أصحاب فكر سديد، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة.

إنهم "شباب حول الرسول".

نعرض في هذه الحلقة ملامح من حياة صحابي شاب، هو محمد بن طلحة بن عبيد الله، رضي الله عنه وعن أبيه، الذي كان من كبار الصحابة، ولربما فاق الابن والده في بعض النواحي، وكان بارا بوالديه لدرجة أن قتله بِرُّه بأبيه.

هو مُحَمَّد بْن طلحة بْن عُبَيْد اللَّه القرشي التيمي.. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسماه باسمه.

النبي سماه محمدا

حمله أبوه إِلَى رَسُول اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمسح رأسه، وسماه مُحَمَّدا، ومنحه كنيته، فكان يكنى أبا الْقَاسِم، وقيل: أَبُو سُلَيْمَان.
أمه حمنة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش، زوج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال أَبُو راشد بْن حَفْص الزُّهْرِيّ: أدركت أربعة من أبناء أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يسمى محمدا، ويكنى أبا الْقَاسِم: مُحَمَّد بْن عَليّ، وَمُحَمَّد بْن أَبِي بكر، وَمُحَمَّد بْن طلحة، وَمُحَمَّد بْن سعد بْن أَبِي وقاص.
وكان عمر قد حاول تغيير أسماء كل من سموا "محمد"، حتى لا يساء إلى الاسم الشريف بسببهم، فعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: نَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى ابْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا، وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ يَا مُحَمَّدُ، وَيَسُبُّهُ، فَدَعَاهُ عُمَرُ، فَقَالَ: "يَابْنَ زَيْدٍ، أَلا أَرَى مُحَمَّدًا يُسَبُّ بِكَ، وَاللَّهِ لا تُدْعَى مُحَمَّدًا أَبَدًا مَا دُمْتُ حَيًّا، فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي طَلْحَةَ، وَهُمْ سَبْعَةٌ، وَسَيِّدُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ لِيُغَيِّرَ أَسْمَاءَهُمْ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ لَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّانِي مُحَمَّدًا، فَقَالَ عُمَرُ: قُومُوا، فَلا سَبِيلَ إِلَى شَيْءٍ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
وَكَانَ مُحَمَّد بْن طلحة يلقب: السجَّاد، لكثرة صلاته، وشدة اجتهاده فِي العبادة.

 

أبوه أحد العشرة المبشرين بالجنة

كان أبوه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وواحد من صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذين نزلت فيهم آيات من القرآن الكريم، ويكفيه وصف رسول الله له بقوله: “من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله”، كما سماه النبي يوم أحد “طلحة الخير”، وفي غزوة ذي العشيرة “طلحة الفياض”، ويوم خيبر “طلحة الجود”.
بل كان طلحة أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر، رضي الله عنه، وأحد الستة أهل الشورى الذين تُوُفِّي رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وهو راض عنهم، وأحد الذين كانوا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على الجبل فتحرَّك بهم.

كان طلحة بن عبيد الله من سادة ووجهاء قريش، وكان تاجرا وثريا، ويطلق عليه أسد قريش لقوته.
نزل في طلحة بن عبد الله قول الله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا* لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)، تلا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، هذه الآية، ثم أشار إلى طلحة في غزوة أحد قائلًا: “من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض، وقد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة”.

قتل يَوْم الجمل مع أبيه

وقتل الابن السجاد يَوْم الجمل مع أبيه سنة ست وثلاثين، وَكَانَ هواه مع عَليّ إلا أَنَّهُ أطاع أباه، فلما رآه عَليّ قتيلا، قَالَ: هَذَا السجَّاد، قتله بِرُّه بأبيه.
يقال إنه لما كان يوم الجمل قال محمد بن طلحة لعائشة: يا أمّ المؤمنين، قالت: كن كخير ابني آدم، قال: فأغمد سيفه، وكان قد سلّه ثم قام حتى قتل.
وَكَانَ سيد أولاد طلحة، ونهى عَليٌّ عن قتله ذَلِكَ اليوم، فقال: إياكم وصاحب البُرنس، قيل: إن أباه أمره بالقتال، وَكَانَ كارها للقتال، فتقدم ونثل درعه بين رجليه، وقام عليها، وجعل كلما حمل عَلَيْهِ رجل، قَالَ: نشدتك بـ "حاميم"، حَتَّى شد عَلَيْهِ رجل فقتله، وأنشأ يقول:
"وأشعث قوام بآيات ربه قليل الأذى.. فيما ترى الْعَين مسلم
ضممت إليه بالقناة قميصه.. فخر صريعا لليدين وللفم
عَلَى غير ذنب غير أن لَيْسَ تابعا.. عليا، ومن لا يتبع الحق يظلم
يذكرني حاميم والرمح شاجر.. فهلا تلا حاميم قبل التقدم"

روي عن مُحَمَّدِ بْنِ حاطب، أَنَّهُ قَالَ: لِمَا فرغنا من القتال يَوْم الجمل، قام عَليّ بْن أَبِي طالب والحسن، وعمار بْن ياسر، وصعصعة بْن صوحان، والأشتر، وَمُحَمَّد بْن أَبِي بكر، يطوفون فِي القتلى، فأبصر الْحَسَن بْن عَليّ قتيلا مكبوبا عَلَى وجهه، فرده عَلَى ظهره، وقال: "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"، هَذَا فرع قريش والله، فقال أبوه: من هُوَ يا بني؟ قَالَ: مُحَمَّد بْن طلحة، قَالَ: "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"، إن كَانَ ما علمته لشابا صالحا، ثُمَّ قعد كئيبا حزينا، فقال الْحَسَن: يا أبت، كنتُ أنهاك عن هَذَا المسير، فغلبك عَلَى رأيك فلانٌ وفلانٌ، قَالَ: قد كَانَ ذَلِكَ يا بني، ولوددتُ أني متُّ قبل هَذَا بعشرين سنة.
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية