رئيس التحرير
عصام كامل

جدال حول تحويل الدعم من عيني إلى نقدي.. أبو شادي: توفر السلع يقودنا إلى التخلص من الدعم العيني، رشاد عبده: الدعم النقدي لا يصلح في مصر بسبب الاحتكار

 تحويل الدعم من عيني
تحويل الدعم من عيني إلى نقدي

فى نهاية مايو الماضي، أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، عرض ملف التحول من الدعم العينى إلى النقدى على طاولة الحوار الوطني، وقال حينها إن هناك آراء لخبراء اقتصاديين تشير لحاجة مصر إلى التحول لمنظومة الدعم النقدي.

وصرح رئيس مجلس الوزراء بأن الدولة ستظل مُلتزمة بوجود الدعم، خاصة فى السلع الأساسية التى تمس حياة المواطن، ونستهدف ترشيد هذا الدعم، حتى يتسنى للدولة استدامة تقديمه “.

واقترح طرح فكرة التحول للدعم النقدى للحوار الوطنى والمجتمعي؛ مؤكدا أن آراء الخبراء تشير إلى أنه لضمان استدامة منظومة الدعم ووصولها لمستحقيها لا سبيل لذلك إلا من خلال التحول من دعم عينى إلى دعم نقدى، ويمكن أن تستفيد منه الأسر المستحقة لهذا الدعم”.

وأثار توجه الحكومة نحو تطبيق الدعم النقدى بدلا من العينى انقساما بين الخبراء الاقتصاديين والسياسيين، حيث يرى البعض أن تطبيق فكرة الدعم النقدى غير قابلة للتنفيذ فى مصر، بينما يرى آخرون أنها السبيل الوحيد لوصول الدعم إلى مستحقيه.

وسيلة أفضل

وقال محمد أبو شادى وزير التموين والتجارة الداخلية  الأسبق: إن تطبيق الدعم النقدى أفضل من الدعم العيني، مستشهدا بنجاح التجربة بشكل كبير فى دول مشابهة وأبرزها البرازيل.

وأكد محمد أبو شادى أنه يؤيد تطبيق الدعم النقدى المشروط، ولابد من توافر شروط  محددة  قبل التطبيق أهمها، التأكد من تحقيق أرصدة استراتيجية آمنة للسلع لدى الدولة، فضلا عن توافر سلاسل الإمدادات فى النجوع والقرى، لأن المواطن سوف يحصل على دعم نقدى ولابد من توفير المنافذ القريبة له التى تتوافر فيها السلع وبأسعار مناسبة.

وأكد ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع وهو أمر سهل الوصول إليه من خلال الشركة القابضة للصناعات الغذائية والتى تحتكر إنتاج وتوزيع وتصنيع السلع الأساسية مثل الزيت، السكر، الأرز، ولو تم العمل بجدية، سوف نضمن تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الأساسية.

وحول رأيه فى الدعم العيني، قال وزير التموين الأسبق: أن الدعم العينى لايصل فى الأغلب إلى مستحقيه، ويتم تهريبة أو غشه أو تسريبه للسوق السوداء، فضلا عن التلاعب به فى كافة حلقات التداول سواء شركات جملة أو بقالين او مجمعات استهلاكية أو منافذ جمعيتى، ونجد آلاف القضايا التموينية التى تشهد على الفساد فى هذه المنظومة.

وأشار إلى أن العالم كله يعيش فى عصر وفرة السلع  وليست الندرة، وتوافر المحلات التجارية وسلاسل الإمداد فى كل مكان، وهذا يتناسب مع الدعم النقدي، مؤكدا أن الدولة  سوف تراعى ظروف التضخم والكساد والحالة الاقتصادية للبلاد، وزيادة قيمة الدعم، ومراعاة ظروف كل أسرة وعددها.

وقال إن ثورة 30 يونيو، كانت مبادئها “عيش -حرية- كرامة انسانية وعدالة اجتماعية، ويمثل الدعم النقدى  قمة العدالة الاجتماعية -، متسائلا: لماذا يتم فرض على المواطن  نوع معين من السكر أو الزيت أو الأرز، ومن الأفضل حصول المواطن على مبلغ نقدى لشراء احتياجاته.

لا يصلح فى مصر

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادى رشاد عبده، أن العديد من دول العالم تقوم بتطبيق نظام الدعم النقدى ويحقق نتائج رائعة، بينما هذا النظام لايصلح تطبيقه فى مصر، وأضاف أن الحكومة تسعى إلى تطبيقه لأنه نظام “ مريح “ بالنسبة لها، وموضوع “ الدعم” يمثل “صداع “ لها، وترغب فى التخلص منه بمنح المواطن مبلغ مالى، ويكون التعامل مع التاجر مباشرة لشراء احتياجاته، موضحًا أن العديد من دول العالم تطبق الدعم النقدى بشكل مناسب جدا لكن لا يصلح فى مصر، لأن  النظام فى الخارج  لا يسمح للتاجر باستغلال المواطن، أو رفع الأسعار بشكل عشوائى على المواطن.

وقال “عبده”: إن النظام الخارجى للدول تتعامل بنظام سوق المنافسة الكاملة، وهو النظام الذى تلعب فيه آليات العرض والطلب دورا كبيرا فى السوق، وكل مواطن لديه كافة المعلومات والتفاصيل، وفى حالة قيام أحد التجار برفع سعر السلعة، يتجه المواطن فورا لتاجر آخر يبيع بسعر أقل، وبالتالى يضطر التاجر الأخر إلى خفض السعر، بل وتقديم امتيازات جديدة لجذب المستهلك، كتقديم هدايا مع السلع أو عروض أو غيرها، فضلا عن أن مستوى الأسعار ثابتة لعدة سنوات ولا تتغير بشكل مستمر كما يحدث فى السوق المصري.

وتابع: لكن ما يحدث فى مصر يسمى  سوق احتكار القلة، أى أن عددا قليلا من التجار يحتكرون السلعة، وبعض التجار يقومون بعمل الاحتكار المطلق، أى ان يتم الاتفاق بينهم على وضع سعر محدد للسلعة يرفضون النزول عنه، وتجده لدى جميع التجار، ويتحول احتكار القلة الى الاحتكار المطلق.

وأضاف أن بعض أجهزة الدولة تتدخل لحل الأزمة، بطرح السلع بأسعار مخفضة من خلال الجمعيات الاستهلاكية، لمساعدة الفقراء، وهو الهدف الأساسى لدور الجمعيات الاستهلاكية والهدف منها محاربة القطاع الخاص،  إلا أن تلك الجمعيات تم تعيين عدد كبير من الموظفين، بها و أصبحت العمالة عبئا كبيرا أدى إلى خسائر فادحة، ولجأت إلى بيع السلع بأزيد من السوق الخارجى، وبالتالى فقدت دورها ووظيفتها الأساسية فى التخفيف عن كاهل الأسر الفقيرة.

وأكد الخبير الاقتصادى أن تطبيق الدعم النقدى سيؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية، وسوف يستغله  التجار الجشعون بزيادة أسعار السلع، والتهام الدعم النقدى المخصص للمواطن، مما يتسبب فى ضرر كبير للمواطن وعدم استفادته من الدعم النقدى المخصص له.

الجريدة الرسمية