رئيس التحرير
عصام كامل

الفركة والنول اليدوي، إرث الفراعنة ينقله عم ثروت الرزيقي كما تقول برديات القدماء (فيديو)

أقدم صانع فركة بقنا،
أقدم صانع فركة بقنا، فيتو

في إحدى الحارات الضيقة، منزل صغير تشتم فيه عبق التاريخ ورائحة الزمن الجميل، يفتح الباب رجلًا صعيديًّا قارب على السبعين عامًا، يرحب بالجميع ويتذكر كل شخص يمر أمامه، يقف على نول خشبي بشكل دائري وهو يلف الخيوط ويضعها بطريقة لا يستوعبها عق أي شخص يذهب إليه، ولا يدرك قيمة ما يقوم بها هذا الرجل السبعيني الذي لا يزال يحلم لمهنته أن تتصدر دول العالم كما كانت من قبل، ويبدأ في فرش الخيوط ويجلس علي النول الخشبي الذي يدور بأربع دواسات لينسج قطع من الجمال لا يقدرها الا من يعرف قيمة العمل اليدوي.

"فيتو" ألتقت ثروت رزيقي بطرس سمعان، ابن مركز نقادة،غرب محافظة قنا ليروي لنا سر المهنة.

60 سنة في صناعة الفركة

قال العم ثروت: "عملت بتلك المهنة منذ حوالي 60 عامًا، كما عملت فترة 23 عامًا في المطاحن، الي جانب عملي بالفركة".

وأضاف العم “ثروت”:  "فكرت في هذا العمل العمل منذ 60 عاما برأس مال يقدر بجنيهين مصري، وكانت المنتجات تتمثل في الفركة الدرماني التي كانت تصدر الي السودان والحبرة الإسناوي، ولكن للأسف كل هذا توقف وأصبح الشال السياحي هو أساس الصنعة في الوقت الحالي وبالطبع السعر اختلف وأصبحت القطعة بحوالي 40 جنيهًا".

وأشار إلى أن الحصول على المال يكون حسب القطع، وكل قطعة سياحي بحسب الشكل الذي يطلبه الزبون أو صاحب العمل وهو الذي يختار الألوان ويشتري الخيوط وأن عمله يكمن في الصناعة علي النول الخشبي ذو الاربع دوسات.

وعن الملاية الصعيدي التي كانت ترتديها النساء في الصعيد الجواني قائلًا: "الملاية دي كيف ولازم تشتغلها بالليل على رواقة".

 

85 تاجرًا احتكروا الفركة الدرماني

واستطرد:" الفركة الدرماني كانت يحتكرها 85 تاجرًا في مدينة نقادة وقرية الخطارة الموجودة بنقادة أيضًا، ولكن حاليًّا غير متواجد تاجر واحد منهم بعد أن انتهت الحرفة من نقادة لكن مقارنة بالوضع الحالى كان هناك ظلم يقع على الصنايعية الذين كانوا يعملون في تلك الحرفة في ذلك الوقت وهو الأمر الذي كان صعب جدا بالنسبة لنا كصناع للحرفة".

وأوضح أن الشباب في الوقت الحالي أفضل بكثير في التعاملات المالية في تلك الحرفة، متابعا:" الشباب دلوقتي يقولك أشتغل وازودك في الفلوس المهم الصنعة والقطعة تكون زي ما بيقول الكتاب وعندما نطلب من المعلم المسؤل عن العمل الزيادة لا يرفض والزيادة تصل الي 10 جنيهات في كل قطعة".

وأشار الي أن اليوم الواحد يتم الانتهاء من 3 قطع بحسب طلب الزبون وبحسب راحتي النفسية وهذا الامر بالنسبة لي مريح جدًّا خاصة في سني هذا وصحة جسدي بسبب العملية التي في عيني لا أستطيع الضغط عليها.

 

صعوبات النول الخشبى

وأردف:" شغل النسيج علي النول صعب جدا خاصة في عمري الذي قارب علي السبعين قائلا:" فمي لا يستطيع لضم الخيط مثل زي قبل، وعيني رؤيتها ليست كما كانت وهذا بالطبع بحكم السن لكني لا أستطيع أن افارق نولي فأنت علي النول جسدك كله يعمل بشكل رياضي دون ارادة منك".

وأكد أن النول عمل به قدماء المصريين في الحرفة هما الذين يعرفونه فقط فهذا النول يعمل بأربع دوسات لكل واحده منهم مهمة في النول.

وعن بدأ يومه قال " أبدا يومي في تمام الساعة السابعة صباحا اتناول افطاري وأغوص في دوسات نولي حتي مغيب الشمس وهنا في الصعيد  لا نملك رفاهية الوقت كغيرنا الا في الضرورة".

 

تاريخ الفركة في نقادة

تعد الفركة هي الحرفة الفرعونية تجاوزت مصر لتنتشر في أفريقيا، ويتبارك الأفارقة بارتداء الزي المصنوع بالفركة، ويعتبر أصحاب الزي الفركاوي من أهل الثراء والحظ في بعض البلدان الأفريقية.


في عام 1895، اكتشف عالم المصريات فلندرز بيتري في منطقة نقادة بمحافظة قنا جنوب مصر، جبانة وأواني فخارية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ومعها أدوات كانت اللبنة الأولى لأول صناعة للغزل والنسيج عرفها العالم، والتي بدأت من مدينة "ني كاتي" التي حرفت إلى "نقادة"، لتشتهر المدينة القديمة بصناعة النسيج حتى وقتنا هذا، بدءا من الأردية النسائية أو الشال الذي يرتديه الرجال لإظهار مكانتهم العالية بين القوم وللحماية من البرد في الليالي القارسة البرودة.

العمل على النول اليدوي في الفركة النقادية، هو بمثابة حركة رياضية ثابتة للعاملين عليه. اليدان تعملان بوظيفة، بينما تتحرك القدمان بوظيفة أخرى. ورغم الظروف الصعبة في الصعيد، فإن أهالي  قرية نقادة لا يزالون يسعون بشكل دائم لتطوير الحرفة التي تقوم عليها القرية.

 وفي فترة الستينيات وحتى السبعينيات من القرن الماضي، كانت فترة ازدهار للحرفة التي قدمت جزءا كبيرا من الدخل الأجنبي لمصر في تلك الأيام، حيث كانت تدر حوالي 4 ملايين دولار من صادرات السودان وأفريقيا، ثم مع الانهيار الاقتصادي للسودان، فقدت الفركة أحد أهم أركان ازدهارها، فعزف عنها الكثيرون، ثم أتت المنتجات الصينية والهندية لتنافسها، وفي ظل انخفاض أسعارها باتت منافسة الفركة أمرا شبه مستحيل وهذا بحسب دراسة اجراها الباحث محمد عبده بجامعة جنوب الوادي، بمحافظة قنا.

وعرفت منطقة نقاده صناعة النسيج اليدوي منذ عصور الحضارات القديمة (إلى جانب صناعات حرفية أخرى)، وظلت تتوارثها عبر العصور. 

إلا أن الفِركة كانت أكثرها شهرة لدرجة أن مدينة نقادة ارتبط اسمها  بحرفة الفِركة زمنا طويلا في مصر والعواصم الأفريقية، فقد لاقت الملاية النقادية شهرة واسعة الآفاق،  خصوصا في العواصم الأفريقية، كالخرطوم ونيروبي وأديس أبابا وغيرها، حيث تتهافت عليها  النساء الأفريقيات لاعتقادهن أن هذه (الملايات) تجلب الحظ والبركة، وتضفي عليهن قدرا كبيرامن الوقار والحشمة وهن يقمن بلف هذه (الملايات) حول أجسادهن، حتى إن العروس الأفريقية كانت تشترط على عريسها تقديم عدد معين من هذه (الملايات) ضمن جهازها قبل الزفاف.

 وسميت الفركة بالسودانية نتيجة تصديرها لأهل السودان في الخرطوم وأم درمان، وساعد علي ذلك وجود أعداد كبيرة من أبناء نقادة يعيشون في السودان‏، ويعملون بالتجارة وتربطهم بالسودانيين علاقات نسب ومصاهرة‏.‏

وبدأ الحرفيون يهجرون هذه الصناعة التي كانت مصدر الدخل الأساسي لأكثر من 900 أسرة لكونها صناعة عائلية تمارسها الأسرة بجميع أفرادها، وكادت تذوب وتنزوي.
لولا أن لحق بها تطوير في النول المستخدم، والمادة الخام، ونوعية المنتج بما يتناسب مع الأسواق الجديدة.

 

أرقام وبيانات عن صناعة النول 

أسعار الشيلان تبدأ من 35 جنيها، (نحو دولارين أميركيين)، أما السجاجيد فتبدأ من 170 جنيها،لم يعد في المدينة كلها التي يسكنها 25 ألف شخص، سوى 250 نولا فقط، والسبب عدم تطوير المهنة وتدني أجر الصنَّاع.

وبلغ عدد العاملين بصناعة الفركة في مركز نقادة نحو 406 عاملًا، وتصدرت قرية الخطارة عدد العاملين بصناعة الفركة بنسبة (85 %).

ويرجع ذلك إلى زيادة أعداد المنشآت بالقرية، بالإضافة إلى قدم هذه الصناعة بالقرية، في حين جاءت مدينة نقادة في المرتبة الثانية من حيث عدد العاملين بصناعة الفركة بنسبة ( 10,3 % ) وعلة ذلك عزوف الشباب عن مزاولة هذه الحرفة لقلة عائدها المادي، بالإضافة إلى قلة التسويق بسبب ضعف حركة السياحة. 

في حين جاءت قرية كوم الضبع فى المرتبة الأخيرة من حيث عدد العاملين بصناعة الفركة بنسبة ( 4,7 % ) ومرد ذلك قلة عدد المنشآت بالقرية.

أما عن حجم الإنتاج فأن الفرد ينتج من الفركة من 4 إلى 5 شيلان في اليوم، لكن في هذه الفترة مع قلة عدد السائحين وتدهور حالة السياحة في مصر أدى ذلك إلى قلة الإنتاج من شيلان الفركة، بالإضافة إلى قلة عدد العاملين بها، وهذا بحسب دراسات أجراها عدد من الباحثين بشك ميداني لدراسة تلك الحرفة،منتجات الفركة تصدر إلى كل من ألمانيا، وأميركا، وسويسرا، ولندن، كما تذهب إلى القاهرة وعدد من المدن السياحية التي تروج فيها الحرف اليدوية مثل الأقصر والغردقة وأسوان ودهب والإسكندرية.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

IMG_20240620_134435
IMG_20240620_134435
IMG_20240620_134458
IMG_20240620_134458
IMG_20240620_134614
IMG_20240620_134614
IMG_20240620_193318
IMG_20240620_193318
IMG_20240620_193324
IMG_20240620_193324
IMG_20240620_193327
IMG_20240620_193327
IMG_20240620_193343
IMG_20240620_193343
الجريدة الرسمية